مصر: الاقتراع الأول بعد الثورة
واصل الناخبون المصريون، الاثنين، الإدلاء بأصواتهم في بداية الجولة الأولى من انتخابات تشريعية تمهد لنقل السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير/ شباط، إلى المدنيين.
وتجري الانتخابات وسط مخاوف من أن يكون للعسكريين نية البقاء في الحكم، رغم وقوع احتجاجات عنيفة، قُتل فيها 42 ناشطا وأصيب أكثر من ألفين، ما دفعهم إلى تحديد يونيو/ حزيران المقبل موعدا أقصى لانتخاب رئيس للدولة، يتسلم منهم السلطة بحلول يوليو/ تموز.
وفي القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المحافظات التي تجرى فيها المرحلة الأولى من التصويت، وقف الناخبون لساعات في طوابير طويلة انتظارا للإدلاء بأصواتهم، التي يرون انها ستمكّنهم من المشاركة في مستقبل حكم البلاد للمرة الأولى.
وكان الإخوان المسلمون وإسلاميون آخرون ابتعدوا عن احتجاجات الأسبوع الماضي التي تحدت الحكم العسكري، رغبة منهم في ألا يدعوا شيئا يعترض الانتخابات التي يمكن أن تفتح أمامهم الطريق إلى السلطة السياسية التي كانت أبعد من استطاعتهم.
وطالبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة لها، والتي تدرك أهمية معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، العسكريين بتسليم السلطة بسرعة، بعد أن رأت فيما يبدو أن قبضتهم على السلطة يمكن أن تهز الاستقرار في أكثر الدول العربية هدوءاً.
ولم ترد تقارير عن وقوع حوادث عنف خطيرة خلال الانتخابات، لكن مشاجرات نشبت بين نساء وقفن في طابور طويل أمام مركز اقتراع في الإسكندرية فتح بابه متأخرا لعدم توافر الأوراق اللازمة.
وفي قرية النواورة بمحافظة أسيوط تجمهر أقارب المرشح عنتر علي بكر الحمادي، الذي استبعد لعدم أدائه الخدمة العسكرية، أمام مراكز اقتراع وألقوا عليها الحجارة مما أدى لتوقفها عن العمل أكثر من ساعة. وقطعوا الطريق السريع بين القاهرة وأسوان لمدة ساعة تقريبا قبل أن تنجح قوات الجيش والشرطة في إعادة فتحه.
ووقف ما لا يقل عن ألف من الناخبين خارج مركز اقتراع في حي الزمالك الراقي بالقاهرة، حيث يدلي العديد من المصريين بأصواتهم للمرة الأولى. وفي مدينة الإسكندرية على البحر المتوسط وقف الرجال والنساء في طوابير منفصلة طويلة، بينما انتشرت في الشوارع لافتات حزب “الحرية والعدالة” المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك لافتات حزب “النور” السلفي وحزب “الوسط” وهو حزب إسلامي معتدل.
وفي وقت زاد عدد قوات الجيش على قوات الشرطة التي تحرس مراكز الاقتراع من الخارج، قال احد المنتظرين في الطوابير في الاسكندرية إنها “أول انتخابات حقيقية في مصر منذ 30 عاما. المصريون يصنعون التاريخ”.
وفي مدينة دمياط على البحر المتوسط قال ناخبون إنهم سيعاقبون جماعة الإخوان المسلمين على ما يرون أنها “انتهازية بدت منها في الشهور الماضية”. واعتبر أحدهم، ويعمل مرشداً سياحياً، أن الإخوان المسلمين خسروا في الأشهر الثلاثة الماضية أكثر مما كسبوا في الثلاثين عاما الماضية”. وقال مراقبون في المدينة إن حزب النور السلفي يمكن أن يحقق أكبر المكاسب الانتخابية هناك.
ويدلي المصريون بأصواتهم في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب في تسع محافظات هي القاهرة والإسكندرية وأسيوط والفيوم والأقصر وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ والبحر الأحمر.
وفي حين لم يلق الناخبون في القاهرة اي تعقيدات أثناء الادلاء بأصواتهم، لم تصل الأوراق اللازمة للعملية الانتخابية في مراكز اقتراع أخرى في القاهرة إلا بعد فترة طويلة من موعد بدء التصويت.
وفي عدد من مراكز الاقتراع في ضاحية القاهرة الجديدة قال شهود الى وكالة “رويترز” إن بدء التصويت تأخر أكثر من ساعة.
وقبل أن يبدأ الاقتراع، توقع محللون انتخابات نزيهة على خلاف الانتخابات التي كانت تجرى في السابق، لكن محللين آخرين قالوا إن ضعف الاستعدادات يجعل القضاء التام على أساليب الانتخابات السابقة يبدو بعيد المنال.
وقالت شاهدة عيان في حي المطرية بالقاهرة وأخرى بحي مدينة نصر إن مؤيدي مرشحين كانوا يوزعون أوراق دعاية أمام مراكز الاقتراع على الرغم من حظر الدعاية لمدة 48 ساعة قبل الاقتراع.
وقال مندوب لـ”رويترز” إن ناخبين من منطقة فقيرة وقفوا أمام مراكز اقتراع في ضاحية القاهرة الجديدة وفي أيديهم أوراق مدون بها أسماء مرشحين فرديين وأسماء قوائم حزبية للاستعانة بها في الاقتراع فيما يبدو.
وقالت صحف محلية إن أحزابا قدمت طعاما لبعض الناخبين خلال الأيام الماضية لحثهم على انتخاب مرشحيها. وقال شهود عيان في مدينة الإسكندرية إن ناخبين تلقوا أموالا مقابل الإدلاء بأصواتهم لرجل أعمال مرشح.
ووقف شبان وفتيات يقترعون لأول مرة في الطوابير الطويلة وقد ملأهم الحماس، وأجمعوا على أهمية هذه الانتخابات التي سيتقرر على أساسها مصير مصر بعد الثورة. إلا أن هذا الحماس يواجهه المعتصمون في ميدان التحرير الذين نُقل عنهم أنهم لم يشاركوا في الانتخابات حتى لا يقروا بـ”شرعية المجلس العسكري الذي يجري هذه الانتخابات التي لا يثقون بنزاهتها”.
ويحق لنحو 17 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من هذه الانتخابات لاختيار مجلس الشعب الجديد، وتكتمل مراحل التصويت الثلاث لانتخابات المجلس في 11 يناير/ كانون الثاني، وتجرى كل منها على يومين.
ويجري شغل ثلثي مقاعد مجلس الشعب بالقائمة الحزبية المغلقة وهي نظام جديد على غالبية الناخبين. ويجري شغل الثلث الباقي عن طريق المنافسة الفردية.
وقال ناخب يخشى غرامة التخلف عن الاقتراع وقدرها 500 جنيه (83 دولارا) إنه رسم أوزة على الورقة. وأضاف “لا أريد أن أعطي صوتي لأحد من المرشحين في دائرتي”. وكانت جرت العادة على التلويح بالغرامة وقت الانتخابات لكن السلطات تتغاضى عن تحصيلها.