نقطة على السطر
بسّام الطيارة
الجنرال عبد الفتاح السيسي يلعب بالنار، ويبرهن أنه لا يفقه ماهية الشرعية. مثله مثل جنرالات أميركا اللاتينية في القرن الماضي يعتقد أنه إذا عبأ الميادين والشوارع بالمواطنين فهو يحصل على شرعية تسمح له بقمع من يريد وسجن من لا يوافق رأيه. لا يدري الجنرال السيسي أنه بدعوته للتظاهر يؤكد أن ما قام به بإزاحة رئيس منتخب هو «انقلاب» بكل معنى الكلمة.
هو يعرف أن ما فعله هو انقلاب. وكذلك يدرك رئيس المحكمة الدستورية الرئيس المؤقت للبلاد. وكذلك يعرف نائبه محمد البرادعي الذي عاشر الديموقراطيات في الغرب لسنوات عديدة أن ما حصل هو انقلاب. الجميع يعرف أن ما حصل هو انقلاب، ولكن الذين خسروا الانتخابات بسبب نزاعات شخصية وتسابق على مناصب يريدون أن يزينوا الانقلاب الذي حصل بزينة شرعية الشارع، رغم أن الديموقراطية وصناديق الاقتراع هي كل شيء ما عدا الضغط عبر الشارع.
لا أحد يوافق على توجه الإخوان. لا أحد أسعده وصول الإخوان إلى الحكم. ولكن لا أحد يسعد بأن يأتي الجيش ليُفشل أول تجربة ديموقراطية في مصر من أكثر من قرن ونيف.
على الجنرال السيسي الذي يلعب بالنار عندما يضع ملايين من المصريين في مواجهة ملايين من المصريين أن يدرك أن حلقة التأييد له بدأت تبتعد عنه وحلقة المحاصرة بدأت تضيق على مسألة تأييد الاتقلاب.
أولى جلسات المصالحة التي عقدتها مؤسسة الرئاسة المصريةبهدف التباحث بشأن المصالحة الوطنية، غاب عنها ممثلو جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية وحزب النور، كما تغيب عن الجلسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
أيهاالجنرال لهذا معان كثيرة فهؤلاء أجبرتهم على الوقوف حولك عندما أعلنت الانقلاب.
حزب مصر القوية برئاسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح السابق للرئاسة أعلن اعتذاره عن عدم حضور جلسة المصالحة، مبرراً ذلك بأن «مؤسسات الجيش والشرطة ليست طرفا في المصالحة مما يفرغ تلك المصالحة من مضمونها» وبعدما انتقد قيام أجهزة الدولة بالاعتقالات وصف ما يحصل بأنه «ملاحقة أكثر منها مصالحة».
أيها الجنرال هذا في الداخل.
في الخارج ها هي واشنطن توقف شحن طائرات ف ١٦ في أول إشارة إلى جدية البحث فيما فعل الجيش المصري أهو انقلاب أم لا. في الواقع فإن الاعتقالات والملاحقات السياسية لجماعة الإخوان مضرة جداً وتفضح «عبثية القول» بأنه لا إقصاء لأي جهة سياسية.
أيها الجنرال غداً تلتقي الملايين في ساحات وميادين مصر وأنت ستكون مسؤول عم كل قطرة دم تسيل من جراء دعوتك لتغطية انقلابك باستدرار الشرعية عبر الشارع. انتبه ما أتى عبر الشارع يذهب نحو الشارع.