مصر: المواجهة
احتشد مئات الآلاف من مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بالشوارع يوم الجمعة بعد ساعات من إعلان وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن قاضي تحقيق أمر بحبس مرسي فيما يتصل باتهامات من بينها القتل.
وفي القاهرة لبت حشود ضخمة دعوة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي لإعطاء الجيش تفويضا شعبيا لمواجهة العنف الذي اندلع بعد الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو تموز وحمل كثيرون صور السيسي.
ونظم أنصار الرئيس المعزول مظاهرات حاشدة مضادة للمطالبة بإعادة تنصيبه غير مبالين بالإجراءات الصارمة التي قد تتخذ قريبا ضد اعتصامهم.
ويتزايد قلق الغرب إزاء الطريق الذي سلكته مصر التي تتلقى مساعدات سنوية من الولايات المتحدة قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار يذهب أغلبها للجيش.
وفيما يسلط الضوء على العنف المحتمل قالت مصادر طبية إن ستة اشخاص قتلوا وأصيب 163 آخرون في اشتباكات بالاسكندرية ثاني كبرى المدن المصرية.
وقال مراسل لرويترز إن المئات خاضوا اشتباكات ضارية في المدينة استخدمت فيها طلقات الرصاص والخرطوش وقذف رجال الحشود بالحجارة من فوق أسطح المباني.
ووردت تقارير عن إصابة سبعة متظاهرين أيضا في اشتباكات بمدينة دمياط في دلتا النيل. وقتل زهاء 200 شخص في أعمال عنف منذ عزل الجيش مرسي.
وقال شهود عيان إن اشتباكات بطلقات الخرطوش والزجاجات الحارقة والحجارة وقعت بين مؤيدين ومعارضين لمرسي في مدينة الأقصر السياحية في جنوب البلاد. وقال شاهد إن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المشاركين في الاشتباكات وفرقتهم في شوارع جانبية. وقال مدير الإسعاف في المدينة إن ثلاثة أشخاص أصيبوا.
وقال صلاح صالح وهو مدرب خيول “الإخوان سرقوا ثورتنا” معبرا عن انتقادات واسعة تتهم مرسي وحلفائه برفض تقاسم السلطة عندما تولوا الحكم وبالفشل في معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة في مصر. وأضاف “جاءوا وجلسوا على الكرسي وتحكموا في كل شيء.”
وانضم الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى مؤيدي الإخوان المسلمين في اعتصامهم المتواصل على مدار الساعة عند مسجد رابعة العدوية بشمال شرق القاهرة.
وقال القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي مخاطبا المحتشدين في مقر الاحتجاج الرئيسي لمؤيدي مرسي بالعاصمة “نحن موجودون هنا حتى النصر على الانقلاب وإما الشهادة.”
وهتفت حشود المؤيدين “بالروح بالدم نفديك يا إسلام” ولم يظهروا أي بادرة على التراجع عن موقفهم.
وهدد الجيش بأنه سوف “يرفع سلاحه” في وجه من يلجأون للعنف بينما حذرت جماعة الإخوان من حرب أهلية نافية ما يتردد عن أنها تثير الاضطرابات.
واتهمت الحركة الجيش وبلطجية مستأجرين بتأجيج الاضطرابات لتبرير التحرك ضد الإسلاميين.
وفي القاهرة حلقت الطائرات الهليكوبتر العسكرية على ارتفاع منخفض فوق مقر الاعتصام الرئيسي لمؤيدي مرسي ثم حول ميدان التحرير قبل أن تسقط أعلاما مصرية فوق الحشود.
وقال جمال خليل (47 عاما) وهو سائق سيارة أجرة “انحرف الاخوان المسلمون عن طريق الاسلام الحقيقي.”
واضاف بينما كانت زوجته وابنتاه تلوحان بالأعلام المصرية باتجاه سيارات مارة فوق جسر يعبر النيل “الجيش هو المؤسسة الوحيدة المخلصة في البلد. إنه يحمي أسرتي كلها.”
ولم يظهر مرسي علنا منذ عزله وقال الجيش إنه يتحفظ عليه حفاظا على سلامته. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن الرئيس المعزول سيحتجز 15 يوما على ذمة التحقيق.
وقالت الوكالة إن لائحة الاتهام الموجهة لمرسي تشمل “السعي والتخابر مع حركة حماس للقيام بأعمال عدائية في البلاد والهجوم على المنشآت الشرطية والضباط والجنود واقتحام السجون المصرية وتخريب مبانيها وإشعال النيران عمدا في سجن وادي النطرون وتمكين السجناء من الهرب وهروبه شخصيا من السجن.”
وأضافت أن الاتهامات تضمنت أيضا “إتلاف الدفاتر والسجلات الخاصة بالسجون واقتحام أقسام الشرطة وتخريب المباني العامة والأملاك وقتل بعض السجناء والضباط والجنود عمدا مع سبق الإصرار واختطاف بعض الضباط والجنود.”
وتتصل الاتهامات بفراره من سجن وادي النطرون عام 2011 بعد أن ألقي القبض عليه خلال الانتفاضة المناوئة للرئيس الأسبق حسني مبارك. وتوفر تلك الاتهامات أساسا قانونيا لاستمرار التحفظ عليه.
وكان مرسي قال في السابق إن بعض السكان المحليين ساعدوه على الهرب من السجن أثناء انتفاضة 2011 ونددت جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها بالاتهامات الموجهة له.
وقال المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد “في نهاية المطاف نعلم أن كل هذه الاتهامات ليست نابعة سوى من وحي خيال قلة من قادة الجيش ودكتاتورية عسكرية… سنواصل احتجاجاتنا في الشوارع.”
وعبرت واشنطن عن عدم ارتياحها من الأحداث الأخيرة وقالت هذا الاسبوع إنها أجلت تسليم أربع مقاتلات من طراز اف-16 لمصر ودعت الجيش الى التحلي “بأقصى درجات ضبط النفس والحذر” خلال مظاهرات يوم الجمعة.
وقال مصدر أمني إن الجيش يريد تهدئة الوضع بعدما أدرك أن دعوة السيسي للتظاهر لم تلق استحسانا من الخارج.
وقال بيان للجيش على موقع فيسبوك إن المظاهرات لا تشكل تهديدا للاخوان المسلمين.
وقال النشط أحمد ماهر مؤسس حركة 6 ابريل الشعبية الشبابية إن الحركة لن تشارك في مظاهرات يوم الجمعة.
وقال في تدوينة على موقع تويتر “القيادة العامة للمؤسسة العسكرية أو حتى الدولة لا تحتاج لتفويض من الشعب عبر النزول في مظاهرات وحشد ميادين للقيام بواجبها في مواجهة الإرهاب فوجودها أصلا مرتبط بهذا الدور.”
وبث التلفزيون المصري يوم الجمعة صورا للاحتفالات التي تفجرت في الليلة التي أعلن فيها السيسي عزل مرسي. ووصف الراوي هذا اليوم بأنه “يوم الاستقلال من الاحتلال الإخواني لمصر”.
ووضع التلفزيون المصري شعارا على الشاشة يقول “مصر ضد الإرهاب