الإخوان صامدون وعلامات التشكك من داخل الحكومة المؤقتة
ظل الآلاف من أنصار جماعة الإخوان المسلمين مرابطين في اعتصامهم في ضاحية بالقاهرة يوم الأحد قائلين إنهم لن يغادروا الشوارع رغم “مجازر” ارتكبتها قوات الأمن التي قتلت العشرات منهم بالرصاص.
وقالت هيئة الإسعاف المصرية إن 72 شخصا لقوا حتفهم في أعمال العنف التي وقعت يوم السبت عند اعتصام لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في القاهرة مما أثار قلقا عالميا من انزلاق البلاد إلى الهاوية.
وتتهم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي الجيش بمحو آثار انتفاضة عام 2011 التي حققت الديمقراطية في مصر وتطالب بعودة مرسي إلى منصبه. وفازت الجماعة في الانتخابات واحدة تلو الأخرى بعد سقوط حسني مبارك في 2011.
وقال عصام العريان المسؤول الكبير بجماعة الإخوان على موقع فيس بوك “نجحوا بامتياز في إقناع غالبية الشعب المصري ومعظم دول العالم خلال شهر واحد أنهم لن يكتفوا بإعادة كل شيء إلى عهد دولة المخابرات والأمن والفساد والقتل بل كثفوا جهودهم لتجسيد ذلك في المذابح والمجازر التي لم تشهد مصر لها مثيلا.”
ونفت وزارة الداخلية روايات شهود عيان بأن الشرطة فتحت النار على حشود المتظاهرين وبدأت النيابة تحقيقا في أعمال العنف وتحقق مع 72 شخصا يشتبه بتورطهم في مجموعة جرائم من بينها القتل وقطع الطرق.
ورغم أن الهدوء ساد القاهرة صباح يوم الأحد اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة بورسعيد وقالت مصادر أمنية إن شابا في السابعة عشرة من عمره قتل في اشتباكات بين مؤيدين لمرسي ومعارضين له وأصيب 29 آخرون.
وأثارت أعمال العنف استقطابا حادا في مصر ولم تبد النخبة العلمانية والليبرالية حتى الآن تعاطفا يذكر مع الإخوان المسلمين أو تحفظات على عودة الجيش إلى السلطة بعد أن حكم البلاد لمدة 60 عاما قبل انتفاضة 2011.
لكن فيما يمثل واحدة من اولى علامات التشكك من داخل الحكومة المؤقتة التي عينت بعدما أطاح الجيش بمرسي قال زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية إن الحكومة يجب ألا تكرر “السياسات الاستبدادية والإقصائية” لخصومها.
وكتب على موقع فيس بوك “مهما كان حجم الاستفزاز والتصعيد الذي يمارسه المعتصمون في رابعة والنهضة فإن موقفنا يجب أن يظل ثابتا على ضرورة توافر ضمانات قانونية ليس لأعضاء جماعة الإخوان وحدهم وإنما لكل مواطن مصري” من بينها “عدم جواز الاستخدام المفرط للعنف”.
وفي علامة أخرى على القلق عبرت حركة تمرد -التي حشدت الملايين في احتجاجات مناوئة لمرسي وحظيت بدعم كامل من الجيش- عن قلقها إزاء إعلان وزير الداخلية محمد إبراهيم عن عودة إدارات مكافحة التطرف ورصد النشاط السياسي والديني والتي تم إلغاؤها بعد الإطاحة بمبارك.
وجاء سقوط القتلى فجر السبت بعد مظاهرات حاشدة دعا إليها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي لإعطاء الجيش تفويضا بمكافحة “الإرهاب”.
واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين هذه المظاهرات محاولة لتبرير هجوم وشيك عليها.
وفي دعم واضح للشرطة حضر السيسي حفل تخرج بثه التلفزيون الرسمي على الهواء يوم الأحد واستقبله الضباط الجدد الذين يرتدون الزي الأبيض بحفاوة بالغة. ووصف وزير الداخلية السيسي بأنه “ابن مصر البار”.
ويشدد الجيش على أنه لا يريد السلطة ويهدف إلى تسليمها لسلطة مدنية عبر “خارطة طريق” تقود إلى إجراء الانتخابات في غضون ستة أشهر تقريبا.
لكن الدور البارز على الساحة العامة الذي يلعبه السيسي كوجه للنظام الجديد أثار تكهنات بأن الرئيس المقبل قد يكون مجددا عسكريا مثل جميع من حكموا مصر في الفترة من عام 1952 وحتى انتخاب مرسي العام الماضي.
وظلت مركبات الجيش صباح يوم الأحد تحيط بمداخل ومخارج ميدان رابعة العدوية في شمال شرق القاهرة حيث يعتصم الآلاف من أنصار الإخوان المسلمين منذ شهر. واستخدم البعض صور مرسي لحماية رؤوسهم من أشعة الشمس الحارقة.
وقال مصطفى علي (29 عاما) من مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية “نحن على حق ومعنا الشرعية ونأمل أن ينصرنا الله في النهاية ولن نستسلم.”
وقالت السلطات إنها تريد فض الاعتصام الذي شكا منه السكان المحليون.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إن سقوط قتلى يوم السبت يشير إلى “استعداد صادم” من الشرطة وبعض الساسة لتصعيد العنف مع مؤيدي مرسي. وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن المواجهة “ستؤدي إلى كارثة”.
وقالت نافي بيلاي في بيان “تقف مصر عند مفترق طرق. ومستقبل هذا البلد العظيم الذي أعطى الكثير للحضارة يعتمد على كيفية عمل مواطنيه وسلطاته خلال الأيام والأشهر المقبلة.”
ودعت الولايات المتحدة مصر إلى “الابتعاد عن حافة الهاوية” وحثت قوات الأمن المصرية على احترام الحق في الاحتجاج السلمي. وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية لمصر تصل الى حوالي 1.5 مليار دولار سنويا.
وقال حزب النور السلفي الذي دعم خارطة الطريق التي وضعها الجيش إن الدماء التي أريقت يوم السبت تظهر ضرورة التوصل إلى حل سياسي.
وقال رئيس الحزب يونس مخيون لرويترز إن الأزمة لن تحل بالحشود والحشود المضادة أو من خلال العنف.
ولقي ما يقرب من 300 شخص حتفهم في أعمال العنف التي اندلعت بعد عزل مرسي. وبحانب القتلى الذين سقطوا في القاهرة شهدت شبه جزيرة سيناء واحدة من أسوأ موجات العنف التي استهدف فيها إسلاميون مسلحون قوات الأمن بصفة شبه يومية.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط يوم الأحد إن عشرة “عناصر إرهابية” قتلوا في شمال شيناء وألقي القبض على 20 آخرين في عمليات أمنية على مدار الساعات الثماني والأربعين الأخيرة.
وكان وزير الداخلية قال يوم السبت إنه لا يمكن استعادة الأمن بدون الأمن السياسي مشيرا إلى أن إلغاء بعض الإدارات “سبب ما نحن فيه مثل النشاط المتطرف”.
وأصدرت حركة تمرد بيانا ترفض فيه عودة أي إدارات معنية بمراقبة النشاط الديني والسياسي قائلة إن الهدف الأساسي من ثورة الخامس والعشرين من يناير كانون الثاني 2011 هو “الحرية والعدالة الاجتماعية”.
ويتحفظ الجيش على مرسي في موقع لم يكشف عنه منذ عزله. وقال إبراهيم إن من المرجح نقله قريبا إلى سجن طرة الذي يحتجز فيه مبارك وذلك بعد أن بدأت السلطات التحقيق معه في اتهامات من بينها القتل.