نقطة على السطر
بسّام الطيارة
أطاحت الحالة المصرية بالتحالفات الإقليمية والدولية وذرتها في كافة الاتجاهات بشكل يتنافى مع المنطق السياسي الذي كان سائداً في قبل انطلاق الربيع العربي. في مرحلة التي تبعت مباشرة رحلة الربيع المتنقلة في الدول العربية ساد نوع من «سوء التفاهم» بين الكتلتين الرئيسيتين: الأولى جبهة ما اتفق على تسميتها بـ«الممانعة» والثانية ما يشار إليها بجبهة «حلفاء الغرب».
انبثق سوء التفاهم من التفسير الذي أعطته كل جبهة للتحولات التي عصفت بدول الربيع العربي ومحيطها.
صفقت الجبهتان لسقوط بن علي ومبارك حليفي الغرب! في لحظة سقوط نظام مبارك التفتت الأنظار إلى المملكة العربية السعودية اتي حاولت بفتور شديد نجدته قبل أن تصفق للحكم الجديد.
صفقت الجبهتان أيضاً عندما حلقت طائرات الحلف الأطلسي لدعم الثورة الليبية والإطاحة بمعمر القذافي. تفسير التأييد المزدوج كان مستنداً إلى «شخصية الديكتاتور» وتصفية حسابات شخصية.
في بداية الثورة السورية صفقت الجبهتان أيضاً لفترة وجيزة جداً، قبل أن تعيد كل جبهة حساباتها ليستقر بينها حرب بالإنابة نقلت الحراك من ثورة شعبية إلى حرب أهلية رسمت خطاً سميكاً بين الجبهتين امتد من المنطقة إلى مجلس الأمن. إلا أنه كان خطاً واضحاً فرق بين من يدعم النظام السوري: إيران وحزب الله والعراق إقليمياً وروسيا والصين وعدد من الدول دولياً، ومن يسعى لإسقاطه: قطر السعودية ودول الخليج وتركيا إقليمياً والدول الغربية دولياً.
الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي والذي أطاح بأول رئيس منتخب في مصر الإسلامي محمد مرسي، أعاد خلط أوراق التحالفات لدرجة بدت فيها التحالفات «سكرانة» وخارج أي إطار منطقي سياسي تسبح على موجات ردات فعل غير منطقية سياسياً بالنسبة لكل فريق.
السعودية دعمت الانقلاب وسوريا أيضاً.
إيران نددت بالانقلاب مثلها مثل تركيا، بينما دول الخليج دعمت الانقلاب سياسياً ومالياً ما عدا … قطر.
في لبنان صفق المتخاصمون السياسيون للانقلاب فأيدته صحف «الممانعة» مثلها مثل صحف «النفط»، فجاء موقف «حزب الله» مناقضاً لموقف طهران وممالياً لموقف الرياض. الإسلاميون المدعومون من الرياض نددوا بالانقلاب وباتوا أقرب لمواقف طهران. الناصريون يرون في السيسي عبدناصر ثان وبدوا حلفاء للسعوديين داعمي السيسي الذين حاربوا عبدالناصر وما مثله لدى الشعوب العربية.
بحق إن غياب الوعي السياسي في العالم العربي واللهاث وراء ما يبدو مصلحة آنية هو الذي يسمح بهذا الخلط. غياب المبادئ الثابتة الوطنية والقومية وأهداف مسيرات الأوطان هي التي تجعل جبهة تصفق لحالة وتندد بحالة أخرى وتصطف يوماً في مسار ويوماً في مسار مضاد.
النتيجة إما ابتعاد المواطنين عن السياسة بمفهومها النبيل والسعي نحو تسلية ولهو ونهم استهلاكي، أو السقوط في استنفار مذهبي وديني واتني يشحذ الكراهية بين المواطنين.