نظام السيسي وأفريقيا السمراء
في مسعى جدي لتصحيح صورتها في القارة السمراء، التقت السلطات المصرية يوم الثلاثاء بعثة أفريقية تهدف إلى استجلاء حقيقة الأوضاع عقب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي.
وذكرت وكالة أنباء (الشرق الأوسط) الرسمية المصرية أن الرئيس المؤقت عدلي منصور استعرض خلال اجتماع مع بعثة تتبع مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، برئاسة ألفا عمر كوناري رئيس مالي السابق ورئيس الاتحاد الأفريقي الأسبق وعضوية فستوس موجاي رئيس بتسوانا السابق ودالينا عمر رئيس وزراء جيبوتي السابق، الأوضاع السياسية التي تمر بها مصر خلال هذه المرحلة.
كما استعرض الجانبان تطور مسيرة التحول الديمقراطي وملامح خريطة الطريق في مصر، والموقف في ضوء تعليق مشاركة مصر في أنشطة الاتحاد الأفريقي.
وكان مجلس السلم والأمن الأفريقي قرر في الخامس من يوليو الجاري تعليق مشاركة مصر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي بموجب خريطة طريق أعلنها الجيش بعد توافق بين رموز سياسية ودينية وشبابية، واعتبر أن “إسقاط الرئيس المنتخب ديمقراطيا (مرسي) لا يتفق مع البنود الواضحة للدستور المصري ويعني في التعريف تغيير غير دستوري في السلطة”.
كما التقى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع ، بالبعثة الأفريقية لذات الهدف، بحضور الفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وعدد من كبار قادة القوات المسلحة المصرية.
وتوالت لقاءات البعثة الأفريقية في القاهرة، حيث التقت المستشار أمين المهدي وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الذي أكد رفض مصر لقرار تعليق مشاركتها في أنشطة الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن مجلس السلم والأمن الأفريقي “قد عجز عن إدراك حقيقة الثورة الشعبية المصرية في 30 يونيو”.
وقال المهدي في بيان “إن المواثيق الأفريقية التي استند إليها القرار والمتعلقة بالتغيير غير الدستوري للحكومات لا تنطبق على ما يحدث في مصر لاسيما أن دور القوات المسلحة قد اقتصر على توفير الحماية لملايين المواطنين السلميين والحيلولة دون وقوع صدامات كان من الممكن أن تؤدي لاحتمالات كارثية لانسداد أي أفق سياسي لتسوية الأزمة أو الاستجابة لإرادة الشعب”.
وأكد المهدي أن “دور القوات المسلحة جاء متجاوبا مع مطلب شعبي عارم بهدف نقل السلطة إلى رئيس مدني مؤقت وفقا لخارطة طريق ليس للقوات المسلحة أي دور سياسي فيها”، مشيرا إلى أنه “تم التوافق حول عناصرها بين مختلف القوى السياسية والدينية والمجتمعية لإجراء الاستفتاء على دستور معدل وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في مدى زمني لا يتجاوز 9 أشهر ودون إقصاء لأي فصيل سياسي”.
ولفت المهدي إلى أن “مصر رفضت المنتدى التشاوري الدولي الذي دعا إلى إنشائه قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي دون حضور مصر، وتم صرف النظر عن عقد المنتدى التشاوري في الوقت الراهن طبقا لرؤية مصر”.
كما التقت البعثة الأفريقية ممثلين عن حركتي (تمرد) و(6 ابريل)، اللتين لعبتا دورا بارزا في حشد الشعب للإطاحة بمرسي، فيما أعلن رئيسها كوناري أن البعثة ترغب في لقاء الرئيس السابق محمد مرسي، وممثلين لجماعة (الأخوان المسلمين) والتيار السلفي والأزهر الشريف والكنسية القبطية، إلى جانب ممثلين لمنظمات المجتمع المدني.
وقال ألفا عمر كوناري، رئيس البعثة لأفريقية في مؤتمر صحافي إن ” قرار تعليق نشاط مصر في الاتحاد الأفريقي لم يكن جزءا من مؤامرة ضد ريادة مصر، إنما كان وسيلة من جانب الاتحاد لوقف الانقلابات العسكرية في الدول الأفريقية”.
وأضاف كوناري أن زيارة البعثة الأفريقية إلى مصر تهدف إلى لقاء الجميع لرفع تقرير إلى أجهزة الاتحاد الأفريقي عن الوضع في مصر حتى تستطيع إتخاذ قرارها.
وأشار كوناري إلى أن الهدف ليس “معاقبة الحركة الشعبية أو السلطات في مصر”، وتابع “في الممارسة هناك حلقة مفقودة بشأن التدابير الوقائية، وكنا نأمل قبل 30 يونيو إرسال بعثة للتعرف على دور المؤسسات الرئيسية التي تدخلت، وأن هذا هو أحد الدروس التي يجب أن نعلمها وهي أننا بحاجة إلى تدابير وقائية حتى لا يشعر الذين يكافحون أنه تم نبذهم”.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي إن بلاده عرضت حقائق ما يجري في مصر خلال استقبالها البعثة الأفريقية التي أشارت إلى أنه سيتم إتخاذ قرارات أخري بشأن القاهرة غير القرار الحالي، في إشارة إلى قرار تعليق العضوية.
وأوضح عبد العاطي أن “مجهودات كبيرة تتم حاليا من أجل عرض حقيقة ما جري في مصر من أجل تصحيح صورة الأوضاع والتأكيد على أنها إرادة شعب”.
بموازاة ذلك، أعربت وزارة الخارجية المصرية عن ” الاستياء الشديد تجاه البيان الصادر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون الدولي بدولة جنوب أفريقيا، والذي يكشف مرة أخرى عن قراءة غير دقيقة للواقع المصري الراهن، معتمدا على معلومات مغلوطة، ومتجاهلا الإرادة الشعبية المصرية التي تجلت في ثورة 30 يونيو2013 “.
واستنكرت وزارة الخارجية “إصرار حكومة جنوب أفريقيا على وصف ما حدث في مصر من ثورة شعبية بأنه تغيير غير دستوري للحكومة، واستمرار إدعائها بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي، الأمر الذي يمثل إهانة لإرادة الملايين من أبناء الشعب المصري”.
وقالت الوزارة “إنه لمن المفارقة المؤسفة أن مصر كانت أولى المدافعين عن حق شعب جنوب أفريقيا في نضاله ضد نظام الفصل العنصري، في حين تتخذ حكومة جنوب أفريقيا الحالية مواقف على هذه الدرجة من السلبية تجاه الشعب المصري في سعيه لتصحيح مسار ثورته، ونضاله من أجل الديمقراطية”.
وتابعت الوزارة “وبدلا من وصف احتجاجات تتضمن استخدام الأسلحة النارية وقنابل المولوتوف ضد قوات الأمن وقطع الطرق وتهديد أمن المنشآت الحيوية في مصر بأنها تظاهرات مشروعة، كان من الأجدر على حكومة جنوب أفريقيا أن تلتفت إلى استعادة حقوق عمال المناجم المعتصمين لديها الذين مورست ضدهم أقصى درجات القمع، بدلا من التدخل في الشئون الداخلية لدولة أفريقية بحجم وعراقة مصر”.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني أعرب عن دعمه الكامل للشعب المصري خلال لقائه المبعوثة المصرية السفيرة منى عمر، وتمنى لمصر اجتياز المرحلة الانتقالية بنجاح.