التحضير لمواجهة جديدة بين الجيش والاخوان
دعت وزارة الداخلية المصرية أمس الخميس مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي لمغادرة مواقع اعتصامهم بالقاهرة وذلك بعد يوم من تلقي توجيهات من الحكومة المدعومة من الجيش بفض الاعتصامات في حين قالت الولايات المتحدة ان الجيش تحرك “لاستعادة الديمقراطية” حين عزل مرسي.
وفي بيان تلي على شاشات التلفزيون تعهدت الداخلية “بخروج آمن وحماية كاملة لكل من يستجيب إلى هذه الدعوة انحيازا إلى استقرار الوطن وسلامته”.
وجاء في البيان الذي تلاه المتحدث باسم وزارة الداخلية هاني عبد اللطيف أن الوزارة “تدعو المتواجدين بميداني رابعة العدوية والنهضة للاحتكام إلى العقل وتغليب مصلحة الوطن والانصياع للصالح العام وسرعة الإنصراف منهما وإخلائهما حرصا على سلامة الكافة.”
وقال لرويترز إنه لم يتحدد موعد لإخلاء مواقع الاعتصام.
وذكرت محطة الحياة التلفزيونية ان مبعوث الاتحاد الأوروبي برناردينو ليون الذي يزور مصر لمحاولة نزع فتيل التوترات السياسية قال ان الاتحاد لن يقبل بسهولة استخدام العنف لتفريق المحتجين وان مثل هذا الاجراء سيتعين تفسيره للمجتمع الدولي.
ونقلت عنه قوله انه ينبغي بذل جهود للوصول إلى حل سياسي من خلال التواصل مع المعتدلين في الجانبين.
وظل المحتجون على تحديهم يوم الخميس واستعدوا للأسوأ.
وفي موقع الاعتصام في منطقة رابعة العدوية تم تنظيف الأرض لتسهيل حركة سيارات الاسعاف. ووضعت أكياس من الرمال في أنحاء منطقة الاعتصام لاستخدامها في إخماد عبوات الغاز المسيل للدموع.
وخلف حاجز من الطوب وأكياس الرمال وضعت أكوام من الحجارة لاستخدامها في التصدي لأي هجوم.
وقال محمد صقر الناشط الاخواني الذي يحرس احد مداخل الاعتصام الواسع الذي يتركز حول مسجد رابعة العدوية بحي مدينة نصر في شمال شرق القاهرة “نحن مستعدون. مستعدون للموت من اجل الشرعية. الهجوم قد يحدث في اي لحظة.”
ومصر حاليا أكثر استقطابا منها في اي وقت منذ الاطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011.
وأصبح مرسي اول رئيس منتخب بشكل حر في يونيو حزيران 2012 لكنه واجه معارضة بسبب عجزه عن التصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
وتتضمن خطة الحكومة المؤقتة اجراء انتخابات برلمانية خلال نحو ستة اشهر تتبعها انتخابات رئاسية. وتقول جماعة الاخوان المسلمين ان الجيش قام بانقلاب عسكري ضد الرئيس الشرعي المنتخب ولا تريد المشاركة في هذه الخطة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الخميس إن الجيش المصري كان “يستعيد الديمقراطية” عندما عزل مرسي.
وقال كيري لتلفزيون جيو الباكستاني خلال زيارة لباكستان “طلب الملايين والملايين من الشعب من الجيش أن يتدخل .. كلهم كانوا يخشون الانزلاق إلى الفوضى والعنف.”
وأضاف قائلا “الجيش لم يستول على السلطة وفقا لأفضل تقييم لنا حتى الآن.”
ويعتبر هذا اوضح تصريح من مسؤول أمريكي كبير لوصف تحرك الجيش في مصر بعدما سارت واشنطن على مدى اسابيع على خط دقيق وتحاشت وصف الامر بأنه انقلاب عسكري وهو ما كان يمكن أن يؤدي إلى قطع المساعدات الأمريكية لمصر والبالغة حوالي 1.5 مليار دولار سنويا يذهب اغلبها للجيش.
وحصلت الحكومة على دعم من مظاهرات ضخمة مؤيدة يوم الجمعة استجابة لدعوة وجهها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي للمصريين لمنحه “التفويض” للتصدي “العنف والارهاب”.
ومرسي متحفظ عليه في مكان لم يكشف عنه منذ عزله ويواجه تحقيقا قضائيا بتهم من بينها القتل والتخابر مع حركة حماس الفلسطينية الاسلامية.
ووجهت السلطات المصرية الاتهامات رسميا يوم الاربعاء لثلاثة من أبرز قيادات الجماعة تحتجز اثنين منهم.
واثارت الاعتقالات واعمال العنف التي اسفرت عن مقتل حوالي 300 شخص منذ عزل مرسي قلقا دوليا من ان تكون نية الحكومة هي سحق جماعة الاخوان المسلمين رغم انها تقول انها ترغب في مشاركة الاسلاميين في خطة انتقالية جديدة.
وقال خالد حنفي القيادي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين إن وزير الداخلية يحاول ترهيب المحتجين.
وقال إن تلك التصريحات لن تردع المحتجين السلميين وستزيد إصرارهم وعزمهم على تلبية مطالبهم بعودة الشرعية وإنهم لن يتركوا الميادين حتى تعود الشرعية.
وحذر الداعية السلفي البارز محمد حسان الحكومة من سفك الدماء.
وقال في كلمة بثتها قناة الجزيرة مباشر مصر “مصر لن تحل ازمتها بالدماء ولا اكوام الاشلاء بل بالحوار والمصالحة المتجردة .. بل بجلوس الصادقين المخلصين على مائدة الحوار المهم الان ان نعلم ان الله قال ان الصلح خير.”
واضاف “واهم ورب الكعبة من يظن أن المشكلة ستنتهي في ليلة وان الخلاف سيحسم في موقعة لسفك الدماء واهم بل ستتعمق الازمة وستزداد الفتنة وسيزداد الانقسام ولن تهدأ مصر ابدا ولن يقر لها قرار.”
وقالت جبهة الانقاذ الوطني أكبر ائتلاف لليبراليين واليساريين في مصر إنها تؤيد كل الاجراءات القانونية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار.
واضافت الجبهة التي ايدت الاطاحة بمرسي أنه ينبغي للسلطات مواجهة ما وصفتها بحملة تحريض وترهيب من جماعة الاخوان وحلفائها.
وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية وهو تجمع لأنصار مرسي إن قوات الأمن تخطط لإثارة العنف لاستغلال ذلك كمبرر لارتكاب مذبحة. وناشد الجنود والشرطة عدم إطلاق النار على المحتجين.
وقال في بيان إن كل الجماعات الثورية بما فيها التحالف تعلن عدم اعترافها بحكومة “الانقلاب” أو قراراتها او مفاوضاتها.
وأضاف أنهم سيواصلون الاحتجاج والاعتصام رغم التهديدات مهما كانت قوة المعارضة لذلك.
ويبدو ان احتمال حدوث مواجهة يقوض محاولات الاتحاد الاوروبي للتفاوض من اجل تسوية سلمية.
وقضت مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون يومين في مصر هذا الاسبوع وكانت اول شخصية اجنبية تلتقي بمرسي بعد ان نقلتها طائرة هليكوبتر تابعة للجيش المصري إلى مكان اقامته السري.
وقال وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله الزائر في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره المصري نبيل فهمي “يجب تفادي كل مظاهر العدالة الانتقائية.”
ورد فهمي بقوله ان مصر لا تتبع سياسة انتقامية وليست بها عدالة انتقائية وقال ان مصر بها قانون ينطبق على الجميع.
ومن الممكن ان يؤدي فض الاعتصام بالقوة إلى اراقة المزيد من الدماء بعد ان قتلت قوات الامن 80 شخصا من انصار الاخوان يوم السبت ومن الممكن ان يزيد من الاضطرابات.
ودعا الاخوان إلى مظاهرة “مليونية” يوم الجمعة