مصر: العيد يؤجل المواجهة
نظم الآلاف من مؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مسيرات في القاهرة يوم الخميس أول أيام عيد الفطر للمطالبة بإعادته إلى منصبه بينما تحجم السلطات حتى الآن عن فض اعتصامين لمؤيديه في القاهرة.
وظهرت نجلاء محمود زوجة الرئيس المعزول التي نادرا ما تشارك في المناسبات العامة على منصة الاعتصام عند مسجد رابعة العدوية في شمال شرق القاهرة وقالت عن زوجها “إن شاء الله راجع. إن شاء الله راجع بإذن الله إن شاء الله”. ورد عليها الحشد “راجع..راجع”.
وامتلأ ميدان التحرير أيضا بالحشود المؤيدة للجيش والحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد الإطاحة بمرسي قبل خمسة أسابيع.
ووصلت الأزمة السياسية إلى منعطف جديد وخطير هذا الأسبوع بعد انهيار الجهود الدولية الرامية إلى حل الخلاف بين الجانبين وتجنب إراقة الدماء.
غير أن عيد الفطر بدأ في أجواء احتفالية وسلمية إلى حد كبير إذ لم ترد أي تقارير بوقوع أعمال عنف حتى بعد ظهر الخميس.
وألقى الشيخ جمعة محمد علي خطبة العيد في ميدان التحرير وندد فيها بإراقة المزيد من الدماء. ودعا الخطيب أنصار مرسي إلى فض اعتصاميهما في شارع رابعة العدوية بالقاهرة وميدان النهضة بالجيزة.
وأعلن الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور فشل الجهود الدبلوماسية الدولية لحل الازمة وحذرت الحكومة المعتصمين وطلبت منهم مغادرة مكاني اعتصامهم مشددة على ان قرار فض الاعتصام نهائي لا رجعة فيه.
وقال الرئيس المؤقت يوم الاربعاء في كلمة بمناسبة عيد الفطر “نحن ماضون قدما وبكل إصرار نحو تحقيق النتائج المرجوة من خارطة المستقبل” مضيفا أن مصر تمر بمرحلة حرجة.
وأضاف “لقد انطلق قطار المستقبل وعلى الجميع إدراك اللحظة واللحاق به وعلى من يتخلف عن إدراك تلك اللحظة أن يتحمل مسؤولية قراره.”
وغادر المبعوثان الأمريكي والأوروبي مصر يوم الاربعاء بعدما فشلت المحاولات على مدى أيام في الوصول إلى حل وسط بين الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي. كما شارك في الجهود إلى جانب المبعوث الأمريكي وليام بيرنز ومبعوث الاتحاد الأوروبي برناردينو ليون قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن دبلوماسيا شارك في جهود الوساطة قال إن السلطات المصرية وجماعة الاخوان المسلمين يمكن أن تتراجعا عن المواجهة وتتخذا خطوات لبناء الثقة قد تؤدي إلى التوصل إلى تسوية عبر التفاوض.
وقال الدبلوماسي “الأمر لم ينته بعد. يمكن أن ينجح لكن ليس لدينا أي ضمانات. كل الأمور هشة للغاية.”
وذكرت الحكومة المصرية ومصادر عسكرية أن المحادثات لم تنته لكنها علقت لاستيعاب الغضب الشعبي من التدخل الأجنبي في شؤون مصر واستيعاب غضب البعض من استعداد الحكومة للتفاوض مع الإخوان المسلمين.
وقال مصدر عسكري إن السلطات تحجم عن استخدام القوة لفض الاعتصامين وإن ذلك يرجع في جانب منه إلى مخاوف من استقالة محمد البرادعي نائب الرئيس والذي أعلن عدم رغبته اللجوء للقوة.
وزار حازم الببلاوي رئيس الحكومة الانتقالية قوات الأمن المركزي برفقة وزير الداخلية محمد إبراهيم يوم الخميس في مسعى فيما يبدو لاستيعاب غضب الراغبين في تحرك صارم.
وقال مكتب رئيس الوزراء إن الببلاوي أكد لهم “أن الحكومة تضع الأمن على رأس أولوياتها وأنه لا يوجد مجتمع مستقر بدون الأمن المبني على القانون وبما يحافظ على هيبة الدولة وأرواح المواطنين وممتلكاتهم.”
وكان الببلاوي قال في بيان تلفزيوني يوم الاربعاء إن قرار فض الاعتصامين “نهائي ولا رجعة عنه علي الإطلاق”.
وأضاف أن المعتصمين “تجاوزوا كل حدود السلمية” واتهمهم بالتحريض على العنف وممارسته وتعطيل حركة المرور.
وقال إن الحكومة سوف تواجه “بأقصى درجات الحزم والقوة” أي محاولة من جانب المعتصمين لاستخدام السلاح في مقاومة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها وزارة الداخلية لفض الاعتصام.
وتوافد الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى مكان اعتصام الإخوان عند مسجد رابعة العدوية لاداء صلاة عيد الفطر وسط أجواء احتفالية.
وأثار ظهور زوجة مرسي بعد خمسة أسابيع من الغياب عن الأضواء منذ عزل زوجها حالة من الهرج في اعتصام رابعة العدوية وأخذت تلوح للمعتصمين وكان معها القيادي الإخواني محمد البلتاجي.
وتحدثت زوجة مرسي وقالت بصوت قوي “أحسب والحمد لله إن الشعب المصري أثبت إنها إسلامية .. إن شاء الله إسلامية.”
غير أنه ما زالت هناك مشاعر خوف مستترة بين المعتصمين.
فيقول عبد اللطيف محمد (32 عاما) “الانقلابات العسكرية تتم دائما باستخدام القوة. لذا يظل هناك دائما خطر يكمن في احتمال لجوئهم للعنف.”
وقال محمد نبيل (60 عاما) إن السلطات قد تستخدم العنف لفض الاعتصام ولكن ليس في أول أيام عيد الفطر.
واحتشد مؤيدو الجيش في ميدان التحرير – بؤرة الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير شباط 2011 – للاحتفال بما يعتبرونها ثورة ثانية.
وقال عوض عبد الجواد وهو نجار يبلغ من العمر 60 عاما “أنا هنا لأقول عيد سعيد لشعب الثورة.. لشعب ميدان التحرير. كل ثورة تواجه مشاكل في البداية ولكن ربنا سيساعدنا.”
وأضاف أن أنصار مرسي يجب أن يستسلموا. وتابع “الناس في رابعة يعتقدون أن مرسي سيعود ولكنه لن يعود. لقد رحل.”
ولقي ما يقرب من 300 شخص حتفهم جراء العنف السياسي الذي تشهده البلاد منذ عزل مرسي بينهم العشرات من أنصار مرسي قتلوا في حادثتين.
وفي لفتة تصالحية فيما يبدو أسقط النائب العام يوم الاربعاء التهمة الرئيسية التي وجهت إلى سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في خطوة قد تمهد للإفراج عنه.
ويرفض الإخوان حتى الآن قبول ما يسمونه بالانقلاب العسكري ويطالبون بعودة مرسي المحتجز في مكان غير معلوم إلى الرئاسة. وتتهم السلطات المصرية قادة الاخوان بالتحريض على العنف وجمدت أرصدتهم وتعهدت بتقديمهم للمحاكمة.
وقال دبلوماسيون إن أي تسوية ستتضمن خروجا كريما لمرسي وقبول الإخوان بالواقع الجديد والإفراج عن “السجناء السياسيين” الذي احتجزوا منذ عزل مرسي ودور سياسي لجماعة الإخوان في المستقبل.
وعبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما من عدم توصل الأطراف المصرية إلى طريق للخروج مما وصفاه بالمأزق الخطير.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في بيان مشترك “الوضع لا يزال هشا للغاية