حزب الله لحماس: اخرجونا من سوريا
فداء عيتاني
في لقاء جمع الجنرال قاسم سليماني وبعض المعنيين الايرانيين بقادة سياسيين وعسكريين من حركة حماس في طهران، في كانون الاول من العام 2012 قال سليماني “نحن نتفهم خروجكم من سوريا، وهو القرار الصائب”، هذا ما يقوله مصدر في الحركة.
الجنرال الذي يحكم العراق وحاليا يدير الصراع في سوريا قاسم سليماني عاد وكرر كلامه في لقاء جرى في شهر اذار من العام 2013 في طهران، واكد ان قرار حركة حماس مفهوم وهو صائب في خروجها من سوريا وسط كل ما يجري هناك، وخلال اللقاء يشير المصدر الحمساوي ان سليماني اعاد على مسامع المجتمعين العبارة مرة اخرى للتشديد على موقفه.
الا ان حماس شهدت حملة ود واحتضان اعلامية يقودها اعلام حزب الله وايران وربما ايضا بعض الاجهزة السورية، عنوان الحملة هو “عودة الابن الضال” الحمساوي الى احضان معلمه الاكبر ايران بعد ان فشلت حركة الاخوان المسلمين في حكم مصر وانقلب عليها الجيش المصري مستغلا حراك الشارع.
في اعلام محور الممانعة من سوريا وايران وحزب الله يبدو وكأن حركة حماس تقبل يد الجميع لقبول توبتها وعودتها عن جهالتها في الانسحاب من سوريا ورفض الاشتراك في القتال الى جانب النظام او مصادرة قرارها السياسي، او توظيفها الى جانب الابواق المبررة لعمليات القتل الممنهجة التي يقوم بها النظام.
على المستوى الرسمي لم يصدر تصريح واحد رسمي من اي طرف من محور الممانعة يشير الى لقاءات او تفاهمات او تفعيل للعلاقات بعد مسيرة من كيل الشتائم للحركة بدأت منذ منتصف العام 2011 وحتى شهر تموز الماضي. وبالتالي فان حركة حماس لا تجد مبررا لاصدار بيانات رسمية تنفي المعلومات المتداولة، خاصة ان من يرسل هذه المعلومات الى الاعلام ويسربها سيكون في موقع المراقب غير معني لا بتأكيد ولا بنفي ولن يتبنى اعلامه وما جاء فيه.
الضغط الذي تعرضت له حركة حماس قبيل وبعيد خروجها من سوريا كان هائلا، يتحدث المصدر الحمساوي عن الكم الهائل من الهجمات الاعلامية، والتحريض، والمصادرات في سوريا، كل ذلك لان حماس بحسب قوله “قررت عدم ترك احد يصادر قرارها، والتزمت بالجانب الاخلاقي للصراع وطالبت بحل الامور من دون سفك المزيد من الدماء ووقف استخدام العنف واجراء الاصلاحات”.
لا فرق في ذلك بين حزب الله وسوريا، كان الضغط هنا يأتي من الطرفين، ولا يميز كثيرا المصدر ما بين الطرفين، في اغلب الاحيان يتحدث عنهما كطرف واحد، والامين العام لحزب الله من البدايات لم يكن يريد حلا من دون عنف، لقد ساروا جميعا، ايران وسوريا وحزب الله من البداية في مسلك العنف لقمع المطالب الشعبية في سوريا حين كانت الثورة لا تزال في بداياتها المدنية، واليوم وصلنا الى هذه النتيجة، وكان المطلوب من حماس المشاركة.
مصدر في حماس يتعهد بالاجابة بصراحة حول ما يجري اليوم “وللمزيد من الصراحة سأخبرك بمن يقبل قدم الاخر اليوم لعودة في العلاقات”. يقول قبل ان يضيف “لا ننفي حجم التحالف السابق، ولا الاستفادة المادية والدعم الذي حصلت عليه حماس، ولا التنسيق السياسي العالي، حيث كنا نصعد في بعض المراحل سياسيا مقابل تهدئة من قبل حلفائنا في سياق توزيع الادورا، ولا ننكر اننا ربما قتلنا شخصا، او اكثر، وان ذلك حصل في سياقه السياسي، ولكن لم نكن يوما مجردين من الاخلاق ولن نكون، ولا يمكننا الموافقة على ان يكون العنف والقتل وحدهما العلاج في سوريا، وحزب الله من البداية لم يكن مع التفاوض ولا النظام السوري، ولا ايران”.
ويضيف ان حماس تحالفت مع ايران وحزب الله والنظام السوري في اطار المقاومة وطرد الاحتلال وتوحيد الامة، وهي العناوين التي لا تزال تحافظ عليها، وانها لا يمكن ان تخرج عن المضمون الاخلاقي للمقاومة ولا ان تتجرد من اخلاقياتها في السياسة او تسلم قيادها الى ايران.
خلال المعارك التي شنتها ايران وحزب الله على حركة حماس حاول الحليفين السابقين اسقاط خالد مشعل باي ثمن، كانا يعتبران ان بامكانهما ضرب رمزية الرجل بحسب ما يقول المصدر الحمساوي، وان بامكانهما محاولة اختراق التنظيم الفلسطيني، الا انهما فشلا، وبغض النظر عمن يكسب فهما كانا يحاولان استبدال مشعل باي كان، ولكن “خالد مشعل الحريص على وحدة حماس، وافهمها كما تريد، كسب في الانتخابات الاخيرة، وحافظ على الحركة”، في اشارة ضمنية الى محاولات الحليفين السابقين شق صفوف الحركة.
وراح الحليفان السابقان يحاولان تلميع صور بعض الشخصيات الاسلامية من خارج الحركة، ودعمها، واستضافتها على وسائل اعلامهما، وصولا الى اقامة النظام السوري لعلاقات مع حركة فتح وسلطة الضفة الغربية، والاتصال والتنسيق بمحمد دحلان بعد ان كانوا يعتبرونه “الشيطان الرجيم”. الا ان كل ذلك لم ينته هنا.
انتهى الامر بعد اسبوعين من “الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي” كما يقول المصدر، في البداية عاشت اوساط محور الممانعة من حزب الله وايران اجواء احتفال “بانتصارها الذي ساهمت في دعمه، عبر دعم البرادعي من خلال اصدقائه الايرانيين الذين سبق ان عملوا الى جانبه في ملف الطاقة النووية، وحمدين صباحي المدعوم ايضا من ايران، والعديد من الفرق التي ارسلها حزب الله لتدريب بعض الماكينات الانتخابية سواء التابعة لصباحي او لحركة ستة ابريل” بحسب المصدر، الا انه ومع انقضاء الاسبوع الاول على “انقلاب 30 حزيران اكتشف هؤلاء انهم خسروا كل شيء” فلا الاموال التي دفعت اتت بثمار لمصلحتهما (والكلام حول حزب الله وايران) ولا الشخصيات التي تعاملوا معها اعطتهما ما يريدان، وبقيت القضية الفلسطينية خارج كل حديث، ولم توفر مصر الجديدة اي غطاء لايران وحزب الله.
ثم عادت الاتصالات بحركة حماس، ولكن ليس قبل ان يصدر من وزارة الخارجية الايرانية تصريحا بدا كشجرة في صحراء، لم يكن هناك ما يمهد له بالنسبة للحركة ولا ما يليه، فقط الناطق باسم الخارجية الايرانية عباس عراقجي قال ان بلاده وحركة “حماس” بصدد حل بعض المسائل التي من شأنها أن تتسبب بسوء الفهم بينهما. كان ذلك بحسب المصدر الحمساوي نتيجة شعران ايران بالخسارة في الملف الفلسطيني، وفي موقفها من مصر، ومحاولة للاستفادة من ثلاثة لقاءات جرت في بيروت في تلك الفترة، واثنان منها لم يتطرقا الى اي حوار سياسي، بينما واحد منها فقط جرى خلاله حديث عام دون اي تفاهمات او “محاولات لازالة سوء الفهم”.
قبيل شهر رمضان التقى وفد من حماس في لبنان في مكان خارج السفارة الايرانية بعدد من المسؤولين الايرانيين المعنيين بملف لبنان وفلسطين وهم ايضا من خارج طقم السفارة الايرانية، وحضر اللقاء عدد من المسؤولين في حزب الله على رأسهم الشيخ ابراهيم امين السيد رئيس المكتب السياسي في الحزب، وخلال اللقاء قال احد المشاركين من حزب الله لوفد حماس “اعطونا طريقة للخروج من سوريا” وبغض النظر عما اذا كان المسؤول يعبر عن موقف الحزب بالكامل او مجرد مناورة سياسية لاستقطاب اهتمام الحركة الفلسطينية او خلافه الا ان الكلام تم النطق به امام المسؤولين الايرانيين. المصدر الحمساوي يرفض تأكيد او نفي العبارة، ولكنه يقول ان اللقائين الاخرين كانا في خلال شهر رمضان، احدهما افطار شمل مسؤولين في الحزب بدعوة من احد قياديي حزب التحرير، ولم يتم التطرق فيه الى اية مواضيع سياسية، والثاني ايضا لم يتم التحدث به بالشأن السياسي.
ثم بعد تصريح الناطق باسم الخارجية الايرانية بدأت تظهر التسريبات حول عودة حماس الى حضن ايران، وكل ما رافقه من كلام اعلامي لا اساس له بحسب ما يؤكد المسؤول الحمساوي.
لم تعد ايران تتعامل مع حماس كما السابق، تغير كل شيء، اصبحت تدفع اليوم دعما ماليا يوازي 2% مما كان يدفع سابقا، اضافة الى انه يصل في حين وينقطع لاحيان واشهر طويلة، واما الشعارات السياسية فحدث ولا حرج، فالحديث عن فلسطين يتم على المنابر، “وكأن فلسطين لا علاقة لها باهلها” يقول المصدر، وهناك من يصرخ عن المنابر بالشعارات المذهبية، والتمسك بفلسطين بينما ينغمس في لعبة القتل الممنهج في سوريا.
بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة