باريس – «برس نت»
«إذ بلفتني مرة …عيب عليك، ولكن إن بلفتني مرتين يكون العيب علي» (Fool me once shame on you, fool me twice shame on me). هذا القول الأميركي هو الذي يقف عقبة في وجه تنفيذ الـ«عقاب» الذي يتوعد به الغرب سوريا. وهذا القول يذكر الرأي العام الأميركي والغربي والعالمي بـ«كذبة» أميركا الكبرى في ما يتعلق بسلاح الدمار الشامل العراقي.عاد وجه كولن باول إلى الذاكرة وهو يحمل بين أصابعه زجاجة صغيرة يلوح بها أمام أعضاء مجلس الأمن في عام ٢٠٠٣ ويرمي على الطاولة مجموعة من صور الأقمار الصناعية تدل «على ترسانة صدام». لم يكن لدى صدام أي سلاح تدمير لا شامل ولا مجزأ لم يكن لديه سوى الكذب على شعبه وعلى نفسه، وهذا ما كان يقوله خبراء الأمم المتحدة الذين طلب بوش سحبهم على وجه السرعة قبل أن يغزو العراق. وهذا ما اكتشفه …جيش الغزاة. هكذا انكسر وعاء الثقة بين الرأي العام العالمي «وما تقوله الإدارة الأميركية» وقسم كبير من الرأي العام الأميركي لم يعد يصدق ما يقدمه البيت الأبيض من براهين ووثائق.
اليوم يتفق الجميع على أن السلاح الكيميائي قد استعمل على نطاق واسع في سوريا، ولكن لا أحد يستطيع أن يقول حتى الساعة من يقف وراء هذا الاستعمال الرهيبو والغرب يبدو لا يريد انتظار انتهاء مهمة المفتشين. الاتفاقات الدولية (١٩٩٧) تحظر استعمال هذا السلاح، إلا أن دمشق لم توقع على هذه الاتفاقية لموازاة عدم توقيع إسرائيل على معاهدة الحد من السلاح النووي، ولكنها (مثل إسرائيل أيضاً في ما يتعلق بالنووي) تلجأ إلى استراتيجية «الغموض البنّاء» فتستعمل الافتراضية عند ذكرها للسلاح النووي فيقول المسؤولون السوريون «لو عندنا سلاح كيميائي لن نستعمله في الداخل» (إسرائيل تقول٬بأنها لن تكون البادئة في استعمال النووي).
تقول الولايات المتحدة إنها «تنصتت» على مخابرات بين مسؤولين عسكريين سوريين وقيادتهم تناولوا فيها تحضيرات لاستعمال الكيميائي لصد هجمات المعارضة المسلحة في غوطة دمشق. وتضيف بأن الاستعمال الكميائي هذه المرة كان بواسطة صواريخ وحسب شبكة معقدة لا يمكن أن يكون وراءها «إلا الجيش السوري». يقابل هذا نفي النظام واتهامه للمعارضة بـ«رشق» المدنيين بغاز السيرين لاستجلاب تدخل أجنبي.
إذا حجج وبراهين البيت الأبيض والثلاثي الغربي يقابلها نفي النظام السوري، ويقف بين الفريقين هذا القول الشهير «Fool me once shame on you, fool me twice shame on me». الرأي العام العالمي لا يريد أن يلدغ من الجحر مرتين ويفسر هذا أن ٦٠ في المئة من الأميركيين لا يريد الحرب وهو حال ٥٩ في المئة من الفرنسيين و٦٧ في المئة من البريطانيين.
قد لا يمنع هذا باراك حسين أوباما من إرسال «رشق» من صواريخ توماهوك على «بعض المنشآ السورية» حتى لا يقال إنه كان يكذب عندما ذكر البراهين التي بحوذته.