الرئيسية » ثقافة وفنون » سينما »

«سمعان بالضيعة» فيلم لسيمون الهبر

OneMan_Plakat_A2بيروت – أمية درغام
لا تزال قرية عين الحلزون في قضاء عاليه اللبناني مهجّرة ومدمّرة بعد مضي العديد من السنوات على حرب الجبل التي حدثت في منتصف الحرب اللبنانية وتحديداً بعد انسحاب الاسرائيليين اثر اجتياحهم للبنان العام 1982.
على الرغم من المصالحة “الفولكلورية” كما يسميها الكثيرون من أهل الجبل على اختلاف انتماءاتهم، لم يعد إليها المهجّرون الحالمون باستعادة ساحات طفولتهم ومراهقتهم، كما لم يعد الشباب الذي خطّ لطريقه مسارات تبتعد عن حياة القرية نفسها بتفاصيلها.
وحده سمعان.. أخذ قراره كأنه يرتكب مغامرة.. فترك عمله في بيروت وعاد.. ليرمّم هياكل ذاكرة من الصعب ترميمها.. مفضلاً العيش بعيدا عن الضجيج وعن أسس الاستهلاك اليومي مكتفياً بتربية بقراته وحصانيه والدجاج وعلى رأسهم ديك.  ولا بد من كلب راعٍ وهرّة مدجّنة يشاركانه صباحاته الهادئة وايقاع حياته المرتبط بحياة القرية. حياة يحلم بها كثيرون ويعجزون عن اتخاذ القرار بعيشها مكتفين بالحنين لـ “أيام زمان”.. أيام البساطة والاكتفاء الذاتي.. أيام الهدوء والسكينة.
من هنا جاء فيلم سيمون الهبر “سمعان بالضيعة” بعنوان ملتبس كونه يشي بالعامية بسؤال “هل سمعت بالضيعة؟” وهنا الضيعة وإن كانت عين الحلزون فهي توحي بسؤال حول كينونة الضيعة بحدّ ذاتها، بحياتها البسيطة التي نفتقد إليها يوما بعد يوم، من جهة، ومن جهة ثانية بعودة انسان وحيد إليها من دون عودة الآخرين بقرار اعتبره البعض نزوة وستعبر وريثما يعود إلى المدينة. غير أن سمعان الشخصية المنفلتة من قيود الاستهلاك اليومي، تابع مشواره فتآلف مع حياته وتصادق مع الأرض ومع الحيوانات التي يربيها ويطلق عليها أسماء ويسجّل في دفتره أهمّ محطات حياتها من ولادة وموت وسواها.

سمعان هو عمّ المخرج سيمون. جاءت العلاقة بين الكاميرا والشخصية الرئيسة سلسة للمشاهد، تقترب حين يجدر بها الاقتراب سينمائياً وتبتعد حين يجدر عدم الولوج إلى أبعاد تعتبر حميمة وخاصة. هذه الإشكالية في العلاقة عمد الهبر الى مناقشتها مع ذاته وساعده في ذلك اعداده لمسار الفيلم الذي وضع خطوطه العامة وحدّد مشاهده، فساعده القرب على معرفة ماذا سيصوّر ويسجّل من حياة الشخص الوحيد الذي عاد إلى القرية. وبذلك يبرز تساؤلاته هو مع الذاكرة “المرضيّة” مع أحداث الحرب حيث أن كل اسئلته في توجيهه للفيلم دارت حولها؛ كيف قُتلت جدّته، قتلت قنصاً في رأسها، متى تمّ التهجير ولماذا؟، كيف لحنين تربّى عليه للضيعة لم يكفِ لعودة أهلها إليها ومنهم والده ووالدته وآخرين؟.
كأن المخرج يقول بطرحه لأسئلته: لم تتمّ هذه المصالحة مع الذاكرة.. كل ما جرى هو مشهد فولكلوري لحدث لم تتم ترجمته على الأرض.. لم ينتبه أحد إلى ذاكرة الناس وإلى ألمهم وضرورة أن يتصالحوا مع ذاكرتهم قبل أي شيء آخر خارج هذا الاطار.
يتركنا الفيلم مع هذه الاسئلة ليبحث كل مشاهد في ذاته عمّا حصل.
وفي عود على بدء، كان للمخرج الشاب فيلم قصير عن أول زيارة له مع عمّه سمعان إلى القرية، فجاء هذا الفيلم بعد هذه الزيارة طويلاً يؤرخ لعودة ضوء واحد في قرية في العتمة. يبرز وحيداً كأنه فعل تحدٍّ خاضه سمعان بعودته ولم يجد له أتباعاً.

ايقاع الفيلم بطيء بطء حياة ضيعة مهجورة مهدّمة بالكامل، الصوت هو صوت الطبيعة وقد احتاج معه المخرج ومهندس الصوت إلى إعادة التسجيل حين يختلط مثلاً صوت حلّابة البقر مع صوت عمّه وهو يغني أو يتحدث، واللعب بدرجات الأصوات كي تُنقل واضحة إلى المشاهد. الكاميرا واحدة وهي من نوع HDCam (كاميرا فيديو رقمية) بعدسة سينمائية وبإضاءة لم تزد في معظم الحالات على مصدرين فقط للإضاءة، وذلك خلال تصوير الليل وتصوير منزل سمعان في الداخل.. أثبت فيها المخرج معرفته المعمّقة بالتقنيات بحيث لا تلتقط العين إلا الطبيعي ولا تلحظ استخدام هذه الاكسسوارات.
تمّ تصوير الفيلم على مراحل من عام 2005 إلى 2007 راصداً أربعة فصول من العام، ليرى النور العام 2008 مختصراً وممنتجاً بـِ 85 دقيقة، وهنا نأى الهبر عن الأحداث الجارية في ذلك الوقت لأنه لم يرد لفيلمه أن يكون تأريخياً، أو أن يخرج من اطاره المرسوم، فتمكّن من جعله يصلح لأي زمن للمشاهدة متكئاً على تاريخ محدّد يقع في أحداث حرب الجبل. ولكنه يطرح الاسئلة الشائكة ذاتها التي طرحت في زمن تصوير الفيلم وفي زمن عرضه واليوم وغداً.

الشخصية الرئيسة هي سمعان الذي أثار انتباه من شاهده في الصالات خارج لبنان، إذ شارك الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية ونال جوائز عديدة أيضاً لأفضل فيلم وثائقي طويل، إلى درجة أن بعض السواح (ومنهم فرنسيون) قصدوا عين الحلزون للتأكد إن كانت هذه الشخصية واقعية وموجودة أو مختلقة. فقد لامستهم حياة سمعان بتفاصيلها كما لامستهم الرؤية الأوسع في العلاقة مع ذاكرة الحرب وكثيرون (حين عرض الفيلم في برلين- ألمانيا) تماهوا مع القصة السردية ورأوا فيها حياتهم الخاصة وذكريات أهلهم عن الحرب وتقسيم ألمانيا.

إن دقّة العلاقة التي تربط المخرج بـ “بطل” فيلمه كون سمعان عمّه، تداركها الأول فتعامل سيمون مع سمعان على أساس مسافة يجب أن ترسمها الكاميرا في رصدها لحياة سمعان في “عزلته”.  يبتعد عنها من دون أن يبالغ في ابتعاده، يعلم أن الدخول إلى حياة سمعان لا يجب أن يتخطى في مسافته خطوطاً رسمها لنفسه سيمون.

وقد حرص على أن لا يكون الابتعاد هذا هو ابتعاد يُخرج الكادر السينمائي عن مساره وغايته، فهو يعرف أنه في بعض الأحيان قد ينفع تكرار سؤال ما – بحكم علاقته الخاصة مع عمّه سمعان- كي يدفع الأخير إلى مزيد من البوح.

وفي مرتين يناديه بشكل طبيعي “عمّي” ويسأله كيف قُتلت “ستّي (جدّتي)؟”.. ولكنه لا يكرّر سؤاله في مفارق معيّنة يعي أنها ستقود الفيلم إلى غير مساره. فالفيلم يطرح تساؤلات. يبوح برأي من خلالها.

وبقاء القرية المهدّمة لأكثر من عشر سنوات بعد المصالحة الرسمية وبقاء كنيستها بعواميدها المدمّرة على الأرض، يشي برأي لا يقوله صراحة الفيلم بالكلمات، إنما يلجأ إلى أسلوب آخر يجعل التوثيق فيه يدخل مباشرة في بوح الصورة نفسها وفي الايقاع البطيء الذي يسير فيه. ما يذكرنا بنمط الافلام الروسية والايطالية (تحديداً المخرج الايطالي فيديريكو فيلليني).

بطء غير مملّ لأنه يوائم الحياة في الضيعة المهجورة الساكنة ويلتصق بها. بطء ساعد في نقل الحياة كما هي، فلم تأتِ الكاميرا والصوت لتغيّر من طبيعته إنما لتؤكّده.
نفّذ الفيلم فريق أشبه بفريق متطوعين حيث خاض سيمون الهبر المغامرة ووجد من يخوضها معه، في بلد لا يقلّ فيه دعم الدولة للسينما وحسب، وإنما ينتفي تماماً. وأكثر من ذلك، بعد أن حصد الفيلم العديد من الجوائز نذكر منها في مهرجانات براغ والمكسيك ودبي السينمائية لأفضل فيلم وثائقي طويل، تم الاتصال بالمخرج لتقدّمه دولته للأوسكار ضمن فئة الأفلام الأجنبية، فتحضّر الهبر للأمر كما أشار في مقابلة أجريناها معه، وقدّم ملفه كاملاً.. وهو حتى يومنا هذا، يستبعد أن يكون أي أحد في الوزارة قد اطّلع على الملف أو حضر الفيلم. وقال:”ربما وُضِعَ في درجٍ ما”.
أما الدعم الخاص فهو لا يأتِ قبل أن يثبت المخرج نفسه عبر أعماله. وهذا ما جرى مع سيمون وفريقه المؤلف من مديري التصوير باسم فياض ومارك كرم، ومهندس الصوت شادي روكز، ومحرر الصوت والميكساج اميل عوض ومصحح الألوان ومركّب الصور باسم نيكولا. ففي الوقت الذي قلّت به الموارد لمتابعة التصوير، تلقى دعماً خاصاً من شركة انتاج، وهذا ما ساعده لاحقاً في فيلمه الثاني “الحوض الخامس” حيث تمكّن من تأمين الدعم للانتاج منذ البداية إنما من القطاع الخاص طبعاً.
لا يرَى سيمون الهبر أن مساره السينمائي تحدّد مع انتاج واخراج فيلمين وثائقيين، فهو لا يزال في أول الطريق كما يؤكد وبالتالي لم يحدّد بعد مساره الخاص القابل للتغيير أو لمزيد من النضوج السينمائي.
ربما كان بوسع الهبر بعد تخصصه في فرنسا (ماجستير في الاخراج والمونتاج) أن يبقى في أوروبا ويعمل هناك، غير أنه فضّل الرجوع وربما ذاكرته التي بناها في طفولته لعبت دورها، فهناك قرية لا تزال مهدّمة وتدور حولها التساؤلات وهناك مصالحة يرى أنها لم تتمّ بعد.
وعن الرقيب، يخالف سيمون الشائع بقوله “ليس غبياً أبداً.. حين سألت أحد أهالي القرية الزائرين لها وقد التقيت بزوجين هناك يترددان على بيتهما من دون أية نيّة لهما بالرجوع، عن سبب تركهم للقرية خلال الأحداث ومن يحمّلان المسؤولية؟ قال الرجل إن اسرائيل أعطت الضوء الأخضر عند انسحابها للاشتراكيين”..
ويضيف: “الرقيب طلب حذف مشهد من خمسة دقائق من أجل هذه الجملة. هناك اتفاق عام بين الأطراف كلّها أو بين زعماء الأطراف على عدم الإشارة إلى تعامل تمّ بين الاشتراكيين أو سواهم مع الاسرائيليين. هذه هو الاتفاق الذي خرجنا به، وحتى الطرف الذي اتفق على عدم اخفاء تعامله أي القوات اللبنانية لم يتحدث بصراحة بعد الحرب عن هذه المرحلة.

عمّي الثاني يتحدث عن هذا الأمر وهو قاتل في القرية بعد أن تمّ مدّهم بالسلاح كعنصر من عناصر القوات. عرفت أن الرقيب ليس بالغبي لأنه عرف أن اقتطاع هذه الجملة سيسبّب وضوحا في عمل المقصّ فطلب ازالة المشهد ككلّ”.
حين عرض الفيلم في إطار المهرجانات، لم يتم اقتطاع هذا المشهد منه إنما اقتطع خلال عرضه في الصالات التجارية، وبقي في الشريط المدمج الذي صدر لاحقاً.
صورة حصان سمعان يحدو على طريقها منطلقا مع الريح وحوله الدمار وصولاً إلى مدخل الكنيسة المهدّمة على صوت عمّه يغنّي من أغاني الزمن الراحل لوديع الصافي والشحرورة صباح “حسدتنا العالم حسدتنا.. على ضيعتنا وشو ضيعتنا” يوسّع من إطار الصورة السينمائية ليدخل في عمق حياتنا الاجتماعية لنسأل أنفسنا عن مدى التكاذب الذي نعيشه وعن كمّ الأجوبة التي لم نجدها لأسئلة لا تزال تطرح إلى اليوم.. من أشعل الحرب؟ كيف انتهت الحرب؟ ماذا فعلتم بنا؟

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings