نقطة على السطر
بسّام الطيارة
خلال أسابيع قليلة تغيرت صورة التزاعات في المنطقة العربية، في سوريا ولكن أيضاً في العراق وفي لبنان وفي فلسطين وكذلك في تونس ومصر وليبيا وأبعد من ذلك في الجزائر والمغرب. ولكن التحول الكبير هو «غياب قطر» عن الصورة وتراجع دور تركيا وتحسين صورة إيران بعد انتخاب حسن روحاني.
بدأ التحول مع استعادة الجيش السوري المبادرة على الأرض بمساعدة ملموسة من حزب الله اللبناني، جاء ذلك مباشرة بعد إعلان الرئيس المصري «قطع العلاقات مع دمشق والدعوة المباشرة لإسقاط نظام الأسد» كان ذلك دعماً مباشرة من أكبر دولة عربية للمعارضة السورية «العلمانية» التي يهيمن عليها «الإخوان المسلمين». ردة الفعل الإقليمية جاءت غريبة إذ أن الجيش المصري تحرك لـ عزل مرسي مدعوماً من المملكة العربية السعودية ودول الخليج ألد أعداء نظام اأسد. قطر لم تتحرك رغم أنها كانت تشكل رأس حربة اسقاط الأسد. بينما رحب هذا الأخير بسقوط مرسي. هذه التحالفات «العجيبة والمحيرة» والمواقف تنبع من حسابات داخلية محطة لا علاقة لها بالمناورات التي تقوم بها الدول الغربية في المنطقة.
السعودية التي يحكمها تحالف بين القوة الدينية الوهابية والقوة السياسية ن أبناء عبد العزيز ترى في منظمة «الإخوان» خطراً كبيراً عليها. فالمنظمة الإخوانية لها شبكة عالمية تمتد من باكستان وأندونيسيا إلى تركيا شرقاً مروراً بالمغرب العربي ومن كندا والولايات المتحدة إلى تخوم أوروبا الغربية غرباً حيث ترتدي ثوب التقدم واللعبة الديموقراطية والانفتاح الاقتصادي وهذا ما يحبب الغرب بها. وهي تعتمد على أعضاء ذابوا في المجتمعات وهم ملتحين ولكن يلبسون الكرافات ويحضورون الحفلات الاجتماعية. فقط ا«زبيبة» ظاهرة في وسط صدغهم تشير إلى انتماءهم للمنظمة «آلعالمية».
بالمقابل فإن صورة شبكة الوهابية مناقضة تماماً لصورة الإخوان: فاللحى كثيفة وغير منتظمة واللباس هو لباس أفغاني والدعوة تكفيرية في الشرق وتضع الغرب في رأس قائمة الأعداء إلى جانب التطور والانفتاح.
من هنا كان من الصعب على المملكة السعودية قبول حكم الإخوان في أكبر دولة عربية تحوي جامعة الأزهر وتخرج سنوياً مات الشيوخ ودكاترة الفقه وتصدر آلاف أساتذة الدين في شتى أنحاء المعمورة. فكرت سبحة مناهضة وإسقاط «أنظمة الربيع العربي» في تونس الضغوط قوية على تحالف الغنوشي من الشارع «العلماني» إلى السلفيين في الشرق. في ليبيا هجمات السلفيين على قوات الحكومة الإسلامية تحصل يومياً وتزعزع أركان الدولة. الحكومة المصرية «الانقلابية» تلقت ٧ مليار مساعدات من الخليج والسعودية تشارك هذا الاسبوع بتدشين ساحة جديدة اسمها «ساحة الملك عبد الله».
سوريا تضفق لعبد الفتاح السيسي والسعودية تدعمه مالياً ! بينما تركيا وقطر ومعهم الإخوان في خانة الخسارة الاستراتيجية.
عجيب أمر هذه السياسة.
تنعكس هذه العجائب على كافة مرافق الأحوال العربية: في لبنان حزب الله وخصومه يصفقون للسيسي وتمزقون حول المسألة السورية. في المعارضة السورية يسحق السلفيون كل الألوية الإسلامية المقربة من الإخوان ويسبون نساءهم حلال لهم والعلمانيين ضائعون ومسحقون بين ضربات النظام وضربات «داعش» والنصرة.
والغرب ضائع بين خلافات حلفاءه السعودية ومصر من جهة وتركيا وقطر من جهة أخرى وبات يتردد في دعم المعارضة السورية وكافة المعارضات العربية خوفاً من ربيع عربي جديد يزيد من اننقسام حلفاءه.