رسائل عاشوراء من بيروت وصعدة: جاهزون للمواجهة
بيروت ــ خاص “أخبار بووم”
شهدت مراسم إحياء ذكرى عاشوراء، الثلاثاء، اطلالتين بارزتين، من لبنان واليمن، حملتا في مضمونهما رسالة واضحة على جهوزية الأطراف الاقليمية، المقربة من سوريا للتصدي لاي مواجهة قد تفرض في المقبل من الأيام.
الاطلالة الأولى، كانت للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله. وعلى الرغم من أن اللبنانيين كانوا يدركون مسبقاً أن نصر الله سيلقي خطاباً في ذكرى عاشوراء، إلاّ أن المفاجأة كانت من خلال اختيار الأخير، على عكس السنوات التي تلت حرب تموز، الانضمام إلى الحشود الغفيرة التي احتشدت في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية لبيروت لاحياء الذكرى، وفي ذلك رسالة يمكن تفسيرها بأنه عندما تقتضي الحاجة، فإن قيادة حزب الله، وفي مقدمها الأمين العام، على أهبة الاستعداد لخوض المعركة غير آبهة بالمخاطر الأمنية التي تتهددها.
أما الاطلالة الثانية فكانت لزعيم جماعة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، من محافظة صعدة اليمنية، مستلهماً من ذلك أسلوب الأمين العام لحزب الله في السنوات السابقة من خلال الظهور من خلف شاشة عملاقة.
واللافت كانت العناوين المشتركة التي طرحها كل من نصر الله والحوثي في خطابهما وبشكل خاص لجهة العداء لأميركا ودورها التجسسي، فضلاً عن التأكيد على الجهوزية التامة لاي حرب قد تفرض على الجماعتين، إلى جانب التشديد على أهمية مواجهة الفتنة في كل من لبنان واليمن، في حين انفرد نصر الله بالتطرق للشأن السوري.
وكان الأمين العام لحزب الله حاسماً في موقفه، على عكس المرات السابقة تجاه التطورات على الساحة العربية وبشكل خاص في سوريا، بعدما قدمت تصريحات بعض قيادي المجلس الوطني السوري، ازاء ايران وحركات المقاومة، ذريعة للحزب لرفع وتيرة موقفه المعارض لها.
وهكذا لم يجد نصر الله، بعدما انتقل عقب اطلالته من ملعب الراية إلى مكان مجهول في قلب الضاحية لمخاطبة الجماهير، حرجاً من مهاجمة القيادي الأبرز في المجلس الوطني السوري برهان غليون، متهماً اياه، استناداً إلى ما نسبته إليه صحيفة “وول ستريت جورنال” من تصريحات عن رغبة الحكومة السورية القادمة بقطع العلاقات مع ايران وحزب الله وحركات المقاومة، أنه يقدم أوراق اعتماد إلى الخارج، في اشارة إلى الادارتين الأميركية والاسرائيلية.
كذلك، لم يفوت الأمين العام لحزب الله الرد على “معارض اخر تحدث عن تجاوز الحدود الى لبنان ومقاتلة حزب الله”، لافتاً إلى أن هذا الحديث يشكل “خدمة لاميركا واسرائيل”، محذراً من أن “المطلوب في سوريا ليس الاصلاح بل نظام خيانة عربي ونظام استسلام عربي ونظام توقيع عربي على بياض لاميركا واسرائيل”، وهو ما جعل الحزب أكثر من أي وقت مضى، وفقاً لنصرالله، يكون متيقناً من صحة موقفه من الأحداث في سوريا، والذي لخصه بالقول “نحن مع الاصلاح ونقف الى جانب نظام وقف مع المقاومة والممانعة ونقول نعم لكل الاصلاحات التي قبلت بها القيادة وطالب بها الشعب، ولكن هناك من لا يريد سلماً اهلياً ولا استقرار ويريد تدمير سوريا، هناك من يريد ان يعوض عن هزيمته في العراق وعن خسارته المحتملة جداً في تغيير الوضع في سوريا لمصلحة اسرائيل”، داعياً المتظاهرين الذين ينشدون الاصلاح في سوريا، ويرفضون ما يحاك لها ولمستقبلها للالتفات إلى أنه يستغلون.
وإلى جانب الموقف من الأحداث السورية، والأوضاع في العراق في ظل ما اشار إليه نصرالله من انسحاب معتم عليه للقوات الأميركية من بلاد الرافدين، كان للبنان والأوضاع فيه وتحديداً سلاح الحزب مساحة من خطاب الأمين العام لحزب الله.
فطمأن جمهور الحزب وتوعد اسرائيل بأن الحزب “قوة يجهلها العدو وسيبقى يجهلها وستكون مفاجئة بحضورها القوي في اي مواجهة”، مؤكداً أن “المقاومة في لبنان بسلاحها ومجاهديها ستبقى وتستمر، ولن تتمكن منها كل حربكم وعملكم ونحن سنتمسك بسلاح المقاومة ونحن يوماً بعد يوم نزداد عدداً ويصبح تدريبنا أفضل وأحسن ونزداد تسليحاً”.
وخاطب نصر الله الداخل والخارج بالقول “واذا كان هناك من يراهن ان سلاحنا سيصدأ، نقول له ان سلاحنا يتجدد”، وأن “الزمن الذي نساوم فيه على كرامتنا وعزتنا وحضورنا وشرفنا ووطننا أي يكن الثمن، قد انتهى”.
وفي موازاة ذلك، أكد نصرالله حرص الحزب “على السلم الاهلي، وعلى تجاوز اي فتنة اياً كان الظلم والافتراء الذي يتعرض له حزب الله في لبنان”
مشهد الاستنفار الاقليمي لقوى الممانعة اكتمل من خلال الرسائل الداخلية والاقليمية، التي تحدث عنها الحوثي، في ذكرى عاشوراء، إذ شدد على أهمية “مواجهة الخطر الاميركي الذي يستبيح الأجواء اليمنية، الذي ينشر طائرات التجسس وطائرات الاستطلاع كل يوم وكل ليلة على أجواء اليمن، والذي ينشر آلاف الجواسيس وآلاف المخبرين ممن يشتريهم بالمال من أبناء شعبنا لينقلوا له المعلومات ليثبطوا ليخذلوا ليضللوا ليشوهوا ليسيئوا”.
كما حذر من اي محاولة اعتداء على جماعته بالقول “من يعتدي علينا سندافع عن أنفسنا بمثل ما يعتدي به، سنظل على ذلك في كل الثغور حيث نـُقَاتـَل سنُقاتِل، وحيث نـُواجَه بالسلاح سنواجِه بالسلاح، بسلاح الحق بسلاح الإيمان بسلاح التقوى، وبسلاح الحديد”.
وفي تأكيد على اي استعداد لمواجهة اقليمية على غرار الحرب السادسة التي تخللها مشاركة السعودية في محاربة الحوثيين، قال عبد الملك الحوثي “حيث نـُواجَه بالمؤامرات والمكائد التي تتعاون فيها ضدنا بعض القوى الإقليمية التي تبذل المال الكثير في سبيل تلك المخططات، وبعض القوى المحلية إلى جانب السلطة، سنواجِه إن شاء الله بكل صبر وصمود وإيمان”.
كذلك كان للحوثي حديث عن أهمية مواجهة مخاطر اي فتنة ولا سيما في ظل التوتر الذي يخيم على منطقة دماج في صعدة بين السلفيين المتواجدين في معهد دار الحديث وبين الحوثيين، قائلاً “نتحرك في مواجهة كل تلك المؤامرات وفي مواجهة الفتنة الطائفية التي يراد لها أن تلبس ثوباً طائفياً عبر الاستنهاض الطائفي الذي ورائه التحرك الأميركي ويريدون خلق مشكلة ليحاربوا بين أبناء الأمة تحت عنوان سنة وشيعة، والواقع أن من يصنع هذه الفتنة ومن يقف ورائها لاستنهاض المعادين وراء ذلك هي قوى إقليمية مدفوعة أميركياً”.
كما أكد الحوثي، على رفض المبادرة الخليجية بالقول “سنظل كذلك في الساحات في ميادين الثورة في المسيرات الأسبوعية”. واشار إلى أن المبادرة ليست “خليجية وإنما هي أميركية، قدمها السفير الأميركي بصنعاء، ولكونهم يدركون أن الشعب سيرفضها بتلك الصفة ألبسوها رداءً خليجياً لتصبح ذات قابلية وأن جميع السياسيين في البلاد يعلمون ذلك”.