إفلاس الهيئة الدولية المكلفة بالتخلص من الاسلحة الكيميائية السورية
لم تجمع الهيئة الدولية المكلفة بالتخلص من الاسلحة الكيميائية السورية من الأموال حتى الآن إلا ما يكفي لتمويل بعثتها خلال هذا الشهر وسيتعين تدبير المزيد من الأموال سريعا لدفع تكاليف تدمير مخزونات الغاز السام العام المقبل.
وعبر مسؤول في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي فازت بجائزة نوبل للسلام الشهر الماضي عن ثقته في أن الحكومات ستخصص مزيدا من الأموال لضمان ألا تفقد العملية قوة الدفع.
وجمعت المنظمة حتى الآن نحو عشرة ملايين يورو (13.5 مليون دولار) لتفتيش مواقع الاسلحة الكيمياوية السورية في إطار اتفاق امريكي روسي توصل اليه البلدان في سبتمبر ايلول. لكنها ستحتاج إلى أموال أكثر بكثير لتدمير أكثر من ألف طن من الاسلحة الكيميائية التي أعلنتها سوريا.
وجاء في وثيقة للمنظمة بتاريخ 25 اكتوبر تشرين الاول اطلعت عليها رويترز أن قيادة المنظمة تعتقد أنها تستطيع تغطية تكاليف العاملين في البعثة السورية حتى نهاية هذا الشهر.
وجاء في الوثيقة “تقييم الأمانة ان مواردها البشرية الحالية تكفي لاجراء العمليات في اكتوبر ونوفمبر 2013” وأضافت أن في حساب المنظمة لعملها في سوريا أربعة ملايين يورو فقط.
وأبطلت القوات السورية بالفعل منشآت إنتاج الأسلحة الكيميائية المعلنة تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وستكون المرحلة التالية أعلى تكلفة بكثير وتشمل إزالة الأسلحة الكيميائية نفسها وتدميرها وربما يكون ذلك في الخارج.
ويقول الرئيس السوري بشار الأسد إن التكلفة الإجمالية قد تكون مليار دولار على الرغم من أن الخبراء يقولون ان من المرجح ان تكون اقل لتصل الى عشرات أو مئات الملايين من الدولارات اعتمادا على مكان وكيفية تدمير الأسلحة الكيميائية.
وقال مالك إلهي المستشار السياسي للمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية “التدمير سيتطلب تمويلا كبيرا.” لكنه أضاف “الدول الأطراف مصممة على المهمة. فهي لم تصل إلى هذه المرحلة لتفقد تماما قوة الدفع وتترك الأمر كله يفلت.”
ولا تستطيع سوريا تمويل المرحلة التالية.
وقال إلهي لرويترز “السوريون منهارون ولا يستطيعون تحمل ذلك والكل يعرف. كان ذلك جزءا من الاتفاق.” وتابع قائلا “الدول الأطراف تعمل بجدية على عدد من الحلول ولا نتوقع أن تكون هناك أي أزمة (مالية).”
والولايات المتحدة هي أكبر مساهم حتى الان في تمويل مهمة منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في سوريا كما تساهم ايضا بريطانيا وكندا والمانيا وهولندا وسويسرا.
وذكرت وثيقة المنظمة ان واشنطن ساهمت بما قيمته ستة ملايين دولار هي قيمة المعدات والتدريب والنقد مقسمة بين أموال للمنظمة وللأمم المتحدة.
وبمقتضى المقترح الروسي الامريكي وافقت سوريا في سبتمبر ايلول على تدمير برنامجها بالكامل من الاسلحة الكيميائية بحلول منتصف 2014. وحالت تلك الخطوة دون ضربات صاروخية هددت الولايات المتحدة بتوجيهها لسوريا في اعقاب هجوم بغاز السارين في 21 اغسطس آب على مشارف دمشق اودى بحياة مئات الاشخاص.
ارتفاع التكاليف
كانت سوريا حتى سبتمبر أيلول واحدة من بضع دول غير منضمة لمعاهدة دولية تحظر تخزين الاسلحة الكيميائية.
وانضمام دمشق لمعاهدة الاسلحة الكيميائية يوجد مشكلة فريدة من نوعها هي التدمير الآمن لمخزونات ضخمة من الغازات السامة في خضم حرب أهلية اودت بحياة 100 الف شخص وشردت ما يصل الى ثلث السوريين.
وسيجري تغطية نفقات الطواقم الى حد كبير من الميزانية العادية لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية التي تقل عن 100 مليون دولار سنويا لكن المنظمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها ستحتاج إلى موارد إضافية كبيرة.
وبنهاية الأسبوع المقبل سيتعين على المنظمة وسوريا ان تتفقا على خطة مفصلة للتدمير تشرح بالتفصيل مكان وكيفية تدمير هذه الغازات السامة ومنها الخردل والسارين وربما غاز الاعصاب (في.إكس).
وقالت المنظمة الاسبوع الماضي ان فريقها تفقد 21 من 23 موقعا للاسلحة الكيميائية في انحاء البلاد موفيا بموعد نهائي رئيسي في اول نوفمبر تشرين الثاني. واضافت المنظمة ان موقعين كانا خطيرين بدرجة تعذر معها الوصول اليهما للتفتيش لكن الاجهزة الحساسة نقلت بالفعل لمواقع اخرى زارها الخبراء.
وكشفت سوريا لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية عن 30 منشأة للانتاج والتعبئة والتخزين وثماني وحدات متنقلة للتعبئة وثلاث منشآت متعلقة بالأسلحة الكيميائية.
وأظهرت وثيقة المنظمة أن هذه المنشآت احتوت على قرابة ألف طن متري أغلبها في شكل مواد كيميائية خام و290 طنا متريا من الذخائر المعبأة و1230 طنا من الذخائر غير المعبأة.
وقالت المنظمة في بيان إن سوريا أبلغت حتى يوم الثلاثاء عن تدمير 99 طنا من الذخائر غير المعبأة أو الرؤوس الحربية في موقع وإن من المقرر تدمير 55 طنا أخرى في موقع آخر. وأضافت أن عملا مماثلا بدأ في خمسة مواقع أخرى.
وأضافت الوثيقة ان اربع دول اخرى تعهدت بتقديم 2.7 مليون يورو إضافية لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية. وتابعت أن ألمانيا وإيطاليا وهولندا وفرت النقل الجوي لفريق المنظمة الى سوريا في حين وفرت دول اوروبية اخرى والولايات المتحدة مركبات مدرعة قامت كندا بشحنها.
هل ستنقل الاسلحة الكيميائية لالبانيا؟
تعهدت بريطانيا بتقديم ثلاثة ملايين دولار بينما قالت روسيا وفرنسا والصين انها ستتبرع بالخبراء والطاقم الفني الذي ينبغي ان يشهد عملية التدمير المطولة.
والشحن المحتمل لمواد كيميائية خام الى خارج سوريا لتدميرها بصورة آمنة بعيدا عن منطقة الحرب سيكون أمرا مكلفا.
وذكر مصدران ان النقاشات دائرة مع الدول المستعدة لاستضافة المنشآت لاحراق الغازات السامة او تحييدها كيميائيا ومنها البانيا وبلجيكا ودولة اسكندنافية لم تحدد.
وقالت مصادر إن شركات في الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا تتنافس على عقود لتوفير منشآت التدمير.
ومنذ ابرام معاهدة الاسلحة الكيميائية عام 1997 اشرفت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية على تدمير اكثر من 50 الف طن من الذخائر السامة او اكثر من 80 في المئة من المخزونات العالمية المعلنة.
والولايات المتحدة وروسيا وهما اكبر مالكتين للاسلحة الكيميائية متخلفتان بسنوات عن الجدول الزمني لتدمير ترسانتيهما.