إتفاق … ظريف
نجاة شرف الدين
بالتزامن مع إنعقاد إجتماع جنيف المخصص لبحث الإتفاق لدول الخمسة زائد واحد وإيران حول البرنامج النووي ورفع العقوبات عن إيران ، كانت الصحافة العالمية تكشف عن تحضيرات سبقت هذا الإجتماع من خلال الحديث عن إنفتاح إميركي إيراني تم تأجيله الى ما بعد الإنتخابات الأميركية والإيرانية ، ليفتح ملف التواصل على مصراعيه بين البلدين اللدودين بعد إعادة إنتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني .
الإجتماع الذي أحدث عاصفة سياسية وإعلامية وخرج ببضعة أسطر رغم التمديد ليوم إضافي لمزيد من فرص التفاوض ، تم تأجيله الى العشرين من الشهر الحالي ، وعلى الرغم من الجو الإيجابي الذي حاول إضفاءه وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بتأكيده ” أن اتفاقاً حول النووي الإيراني موجود “على الطاولة ويمكن إبرامه”.وقال لقناة “بي بي سي” من جنيف، “ما من شك، كما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أن وجهات النظر بين مختلف الأطراف أكثر قرباً مما كانت عليه قبل المحادثات. وبالتالي فإننا لم نضيع وقتنا”، فإن الإتهامات بالعرقلة وجهت الى إسرائيل وفرنسا وبدرجة أقل الى السعودية ، وهو ما ظهر جليا في إنتقاد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي ، على موقع التواصل الإجتماعي تويتر الذي كتب ” المسؤولون الفرنسيون يعادون الأمة الإيرانية علنا على مدى السنوات القليلة الماضية ” مضيفا ” هذه خطوة حمقاء وسخيفة” مشيرا الى ان ” الرجل الحكيم خاصة السياسي يجب ألا يكون لديه حافز لتحويل كيان محايد الى عدو ” .
هذا الموقف الذي صدر عن أعلى مرجعية إيرانية والذي جاء بعدما أبدت باريس تحفظها على اتفاق مقترح لإنهاء النزاع المستمر منذ 10 سنوات بشأن برنامج طهران النووي ، ترافق مع إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن إيران عارضت محاولة فرنسا إقحام الموضوع السوري في مفاوضات جنيف مع مجموعة “5+1″، موضحا بأسلوب دبلوماسي أن طهران “تسعى إلى تطوير العلاقات مع جميع الدول التي لديها علاقات معها، حيث كانت لدينا في السابق علاقات جيدة مع فرنسا، وهذا الموضوع طرحناه على وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أثناء زيارتي إلى باريس كما في جنيف”ومشيرا إلى أنه في الجولة السابقة من المفاوضات النووية، “كان دور فرنسا رائداً”، معرباً عن أمله في أن تقوم بدور إيجابي في المفاوضات.
وعلى الرغم من إعلان وزير الخارجية الأميركي ومن الإمارات العربية قبيل مغادرته المنطقة ، أن التأخير في الإتفاق جاء من الجانب الإيراني من أجل عرض الاقتراح على المسؤولين في طهران ، إلا أن الصحافة الغربية والأميركية ركزت على الإعتراض الفرنسي خاصة عندما خرج الوزير الفرنسي فابيوس ليعلن فشل الإجتماع ، ولمحت بعض التحاليل الى لقاءات سعودية فرنسية سبقت الإجتماع ولا سيما مع الأمير بندر بن سلطان لتنسيق المواقف قبيل جنيف وترافقت مع إتفاقيات تسلحية تجاوزت قيمتها المليار يورو ، في ظل التصعيد الحاصل في المواقف السعودية الأميركية ، والتي لم تستطع إزالته زيارة كيري الأخيرة للسعودية، كما لتعاون فرنسي إسرائيلي ، في ظل معارضة إسرائيلية واضحة للإتفاق ،وعشية زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى إسرائيل .
الموقف الفرنسي المعارض والذي كان على رأس المرحبين به بعض شخصيات الحزب الجمهوري الأميركي في إستخدام واضح في معركتها الداخلية مع أوباما، واكبه تشدد في الموقف الإسرائيلي أطلقه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي تحادث هاتفيا مع رؤساء الدول الست قائلا ” إن الصفقة المزمع توقيعها مع إيران سيئة وخطرة وهي لا تشمل تفكيك ولو جهاز طرد مركزي واحد” مشيرا الى أنه سأل الزعماء الذين خابرهم ” لماذا هذه العجلة إزاء توقيع إتفاق مع طهران مقترحا التريث كون الحديث يدور حول قرارات تاريخية” .
وعلى الرغم من اللقاءات الثلاث التي عقدها كيري في أسبوع خلال وجوده في المنطقة مع نتانياهو من أجل طمأنته ، إلا أن مسؤولين أميركيين أيضا زاروا إسرائيل لإطلاع المسؤولين الإسرائيليين ووضعهم في تفاصيل المفاوضات ، كما يزور وزير الاقتصاد الإسرائيلي نفتالي بينيت واشنطن الثلاثاء من إجل ” إستخدام تأثير تل أبيب على الكونغرس الأميركي لمحاولة منع إبرام اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، قبل المفاوضات التي ستجرى في 20 تشرين الثاني”، قائلا “سنجري، قبل استئناف المفاوضات، حملة في الولايات المتحدة لدى عشرات من أعضاء الكونغرس الذين سأشرح لهم بنفسي أن أمن اسرائيل على المحك”. واعترف الوزير الإسرائيلي بوجود “خلافات” مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تسعى مع القوى الكبرى الأخرى إلى التوصل إلى اتفاق مع طهران.
هذه الخلافات حمل مسؤوليتها ألون بنكاس القنصل السابق في الولايات المتحدة الى نتانياهو نفسه ، وهو كتب في صحيفة يديعوت أحرونوت ” ان نتانياهو يدفع ثمن مواجهة لا لزوم لها مع إدارة أوباما على مدار الأعوام الأربعة الماضية بموضوعات لا تعتبر حيوية بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي مثل تجميد الإستيطان والتأييد غير المباشر لمنافسه ميت رومني في الإنتخابات الرئاسية كما انه يدفع ثمن قيامه بتحويل قضية النووي الإيراني الى قضية إسرائيلية محضة ولم يبق لنتانياهو سوى التلويح بأنه لا يقف بمفرده وإنما تقف معه السعودية ” .
في الجانب الإيراني ، عاد وزير الخارجية الى طهران على وقع تأكيد رئيسه روحاني ” أن حقوق شعبه والمصالح الوطنية، ومنها الحقوق النووية وتخصيب اليورانيوم، خطوط حمراء ولن نسمح بتجاوزها مشددا على أن نجاح المباحثات النووية يؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم” . روحاني آلذي يبدو متلهفا لتوقيع الإتفاق ،وهو ما عكسته الأجواء التفاؤلية التي رافقت توقيع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو لخارطة طريق مع الجانب الإيراني ، يبدو أيضا أنه قد حصل على تفويض داخلي لإبرامه من خلال تكليفه للوزير ظريف بإدارة الحوار في جنيف ، وهو الحائز أيضا على ثقة خامنئي ، والعارف جيدا بكواليس صناعة القرار الأميركي عبر خبرته في الولايات المتحدة والتي وصلها مبكرا في سن الخمسة عشر عاما وصولا الى دراسته للعلاقات الدولية في جامعة سان فرانسيسكو ، كما أنه عمل على ملفات شائكة مثل ملف تحرير الرهائن في الثمانينات أثناء وجوده في السفارة في دمشق مما أدى الى تحرير ثمانية رهائن في بيروت ،وهو أدار بعثة دولته في الأمم المتحدة بين عامي 2002 و 2007 .
مما لا شك فيه أن الوزير الإيراني حظي بإهتمام الصحافة العالمية ، وهو الناشط في مجال التواصل الإجتماعي حيث حصل على 573 الف لايك مقابل ستة آلآف لنظيره الفرنسي فابيوس عما جرى في المفاوضات ، إلا أن السؤال يبقى هل يستطيع ظريف أن يكسب الرهان الأكبر ويحصل على توقيع الإتفاق بشكل ظريف ؟ أم يخسر هذه الفرصة النادرة بوجود إرادة دولية ورغبة أوروبية ونية أميركية وحاجة إيرانية لمثل هذا التوقيع ؟
Ala y2awike kalam jamil men ensan jamil
تاريخ نشر التعليق: 2013/11/13اُكتب تعليقك (Your comment):