فرنسا تعترض على حلّ للملف النووي الإيراني
هيا بنا نذهب لمشاهدة الفيلم السينمائي الأخير لـلمخرج «برتران تافرنييه» الذي خرج مؤخراً بعنوان «الكي دورسي» (وهو مقر وزارة الخارجية الفرنسية)، الذي يصف وصفاً ساخراً لمسيرة العمل في وزارة الخارجية الفرنسية، وورسماً نقدياً نوعاً ما لـ«دومينيك دو فيليبان» (وزير الخارجية السابق). غير أننا سنتذكر المشهد الأخير من الفيلم الذي لا يمكنتصنيفه بأنه ساخراً أو نقدياً والذي يظهر فيه دوفيلبان وهو يلقي خطابه الشهير المناهض للحرب على العراق أمام مجلس الأمن الدولي في الرابع عشر من شباط/فبراير عام 2003. وقد أثار هذا الخطاب اللامع موجة من التصفيق في مقر الأمم المتحدة، رغم أن هذا مكان لم يعرف بكونه مكاناً تعبر فيه عن الحماسة.
لم يكن أحد يدري في حينها أنها المرة الأخيرة التي ترفع فيها فرنسا صوتها في توافق تام مع لسياسة التي رسمها الجنرال شارل ديغول في ستينيات القرن الماضي،وهي السياسة التي تجسد صوتاً مستقلاً، صوتاً من أجل السلام صوتاً يسمع في أقاصي المعمورة. ذلك أنه بعد ذلك، وخصوصاً في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، باتت فرنسا من تنتقل من تراجع إلى تراجع من عودتها إلى مجلس قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وصولاً إلى تفعيل تقارباً استراتيجياً مع دولة إسرائيل، مروراً بتبعية لمواقف المحافظين الجدد الأميركيين في ما يتعلق بالملف الإيراني. وكما أن وصول فرانسوا هولاند إلى سدة الرئاسة لم يغير شيئاً، إنها وبشكل مدهش، نفس السياسة.
منذ سنوات، يعالج الملف الإيراني في وزارة الخارجية الفرنسية على يد دبلوماسيون تقارب درجة معرفتهم بذلك البلد الصفر، ويعتبرون أنفسهم صليبيين جدد في حرب باردة جديدة: يعتقدون أن إيران تجسد الشر. فوجئ هؤلاء الدبلوماسيون الذين تتوافق توجهاتهم وتوجهات المحافظين الأميركيين الجدد بانتخاب باراك أوباما، ومنذ تلك اللحظة لا يتوقفون عن الإعلان عن مدى ضعف الرئيس الأميركي في هذا الملف، وكم هو مستعد لأي تسوية. نظرتهم هذه قريبة من نظرة الحكومة الإسرائيلية. ولا يتوقف هذا التصلب على الملف النووي الإيراني، فباريس ترفض مشاركة إيران في مفاوضات «جنيف 2» حول سوريا بحجة مساعدة طهران للنظام السوري، وهي حجة غريبة ، ألا يفترض بأطراف النزاع بالتحديد التفاوض؟ هل من الممكن على سبيل المثال عقد هذا مؤتمر من دون حضور المملكة العربية السعودية وقطر، بحجة أنهما تساعدان مقاتلي المعارضة السورية؟ ويجب التذكير بأن هذا التطرف في الموقف الفرنسي حيال الملف السوري أدي إلى «فشل كبير في الدبلوماسية الفرنسية».
ويبدو أن هذه الأمثولة لم تفد بشيء. فرغم الشائعات عن انتقال معالجة الملف الإيراني ستتم مباشرة من قصر الإليزيه غير الراضي عن السياسة التي يعتمدها وزير خارجيته لوران فابيوس، وقد أظهرت مفاوضات جنيف التي عقدت في السابع والثامن والتاسع من تشرين الثاني/نوفمبر ، الدور المعرقل الذي تؤديه باريس.
وكانت قد بانت ملامح اتفاق بعد المقترحات الإيرانية الأخيرة، فانضم وزارء الخارجية الروسي، والأميركي، والصيني، وكذلك الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون إلى المفاوضين خلال المحادثات التي جرت في جنيف. أما لوران فابيوسفهو كان لا يتوقف عن التحذيرات.
بعد لقاء نظيره الإيراني، قال فابيوس إنه «لا تزال هناك بعض المسائل العالقة، وبشكل خاص ما يتعلق بمفاعل أراك ومخزون اليورانيوم إضافة إلى مسألة التخصيب». وأشار في مقابلة مع قناة «فرانس أنتير» إلى أنّه «لا تأكيد على إمكانية التوصل إلى اتفاق حتى هذه اللحظة التي أكلمكم فيها»، محذراً من «لعبة بلف».
وفي نهاية الأمر فشلت المفاوضات، ومن المتوقع أن تُستأنف في غضون عشرة أيام تقريباً، مع هذا سعت الدول الغربية لتؤكّد أنها متوافقة مع بعضها البعض. لكن هذا غير صحيح البتة، فقد خرج عدد من التصريحات لديبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين، من دون ذكر هوية أصحابها، تؤكد عن دور فرنسا المعرق، فهي طالبت بتخلّي طهران عن تخصيب اليورانيوم، وهو طلب يدرك الجيمع جيداً أنه غير مقبول من إيران (وهو أمر لا يطلبه في الواقع إلا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعرب عن مناهضته للاتفاق تماماً مثل فابيوس).
هكذا ورد على لسان رضا مراشي، المدير المساعد للمجلس الوطني الإيراني – الأميركي، وهو مركز دراسات أطلقه أميركيون من أصل إيراني، في تغريدة على «تويتر» من جنيف كيف حوّل فابيوس «حياة كيري إلى جحيم»، ونقل عن دبلوماسي أوروبي لم يسمّه أنه «ظهرت ملامح اتفاقفي الأفق إلى أن رمى الفرنسيون قنبلتهم (وكرة بايسبول)، وتعيّن قضاء النهار بطوله في الحدّ من أضرارها» (9 تشرين الثاني/نوفمبر).
وقال وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت في تغريدة في ٩ تشرين الثاني/نوفمبر أيضاً: «يبدو أن المحادثات الأكثر صعوبةً في جنيف لم نكن مع إيران، لكن في داخل المجموعة الغربية نفسها؟ هذا ليس بالأمر الجيد».
يمكننا قراءة مقال جوليان بورغير وسعيد كمالي ديهغان في «ذا اوبسيرفاتور» (لندن، ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر) بعنوان «انتهاء محادثات جنيف بدون اتفاق حول برنامج إيران النووي»(« Geneva talks end without deal on Iran’s nuclear programme »)، الذي يكرر انتقادات لموقف فابيوس.وكذلك مقالة «نتالي غوليه» في موثع ميديا بارت (١٩ تشرين الثاني/نوفمبر) نشر تحت عنوان «لماذا ينغلق فابيوس على نفسه ما أن نذكرالملف الإيراني؟» ( Iran :Pourquoi Laurent Fabius se ferme-t-il comme une huître dès que l’on parle de l’Iran)
On pourrait multiplier les citations et les confidences qui toutes confirment une réalité : la France n’exprime désormais sa différence avec les Etats-Unis que pour aller dans un sens plus intransigeant, plus néoconservateur. Elle le fait en accord avec deux de ses alliés, Israël et l’Arabie saoudite. Fabius a déclaré qu’il fallait prendre en compte les craintes israéliennes sur sa sécurité — rappelons qu’Israël possède au moins deux cents têtes nucléaires (« », Reuters, 9 novembre). La monarchie wahhabite, concurrente de l’Iran, profondément impliquée en Syrie, est quant à elle désormais régulièrement consultée par Paris sur ce dossier. C’est sans doute la manière qu’a la France de soutenir les printemps arabes.
يمكن إحضار العديد من الأقوال التي كلها تؤكد حقيقةً واحدة: إن فرنسا لا تختلف مع الولايات المتحدة إلا عندما تذهب في اتجاه أكثر تعنتا وأكثر تقارباً مع المحافظين الجدد. وهي تفعل هذا متوافقة مع حليفتيها إسرائيل والمملكة العربية السعودية. فابيوس قال بضرورة الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الإسرائيلية بالنسبة لأمنها، مع التذكير بأن إسرائيل لديها ٢٠٠ رأس حربي نووي (Iran nuclear deal unlikely as split emerges in Western camp : diplomats ) (رويترز في ٩ تشرين الثاني/نوفمبر)
ففرنسا تستشير بشكل مستمر المملكة الوهابية في هذا الملف، رغم أنها منافسة وخصم لإيران والمتورطة بشكل كبير في سوريا. لا بد أن هذه هي وسيلة فرنسا اتدعم الربيع العربي.