إسرائيل: الاتفاق النووي «خطأ تاريخي»
ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد بالاتفاق النووي الذي توصلت إليه القوى الكبرى مع إيران ووصفه بانه خطأ تاريخي جعل تصنيع الاسلحة النووية في متناول طهران وقال إن إسرائيل لن تلتزم به.
وبعد ان خسرت إسرائيل معركتها ضد تخفيف العقوبات عن إيران بدا انها ترسم استراتيجية جديدة تتمثل في تدقيق مكثف من قبل اجهزة مخابراتها لمدى التزام إيران بالاتفاق المؤقت والضغط من اجل وضع بنود اكثر قوة في اتفاق نهائي ستسعى القوى العالمية والجمهورية الإسلامية للتوصل إليه.
ويعد نجاح الدبلوماسية الدولية في إعادة التواصل مع إيران بعد ازمة طويلة ومتقلبة والتوصل إلى اتفاق في محادثات ماراثونية في جنيف انتكاسة كبيرة لنتنياهو. ويبدو ان خياراته العسكرية فيما يتعلق بمواجهة إيران باتت محدودة إلى حد بعيد ومن المرجح ان تهدد بعزلة إسرائيل.
وقال نتنياهو الذي بدا عابس الوجه إن حكومته لن تلتزم بالاتفاق. ونتنياهو على خلاف كبير مع الولايات المتحدة حليفة إسرائيل الرئيسية حول اتفاق لا يلبي مطالبه بتجريد إيران من قدراتها على التخصيب النووي.
وقال نتنياهو في بيان ألقاه بالانجليزية بعد اجتماع مجلس وزرائه “ما تحقق الليلة الماضية في جنيف ليس اتفاقا تاريخيا وانما هو خطأ تاريخي.”
وأضاف “اليوم أصبح العالم مكانا أكثر خطورة لأن أخطر نظام في العالم اتخذ خطوة مهمة صوب الحصول على أخطر سلاح في العالم.”
وقالت الولايات المتحدة إن الاتفاق سيوقف الأنشطة النووية الإيرانية الاكثر حساسية بما في ذلك بناء مفاعل اراك للابحاث الذي يثير قلق الغرب بشكل خاص إذ ان بامكانه انتاج مواد يمكن أن تستخدم في صنع قنبلة.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن الاتفاق سيحيد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة وهي نسبة تجعل إيران تقترب من المستوى اللازم لانتاج أسلحة ويدعو الاتفاق إلى عمليات تفتيش دقيقة تجريها الأمم المتحدة.
وذكر نص أمريكي لأهم بنود الاتفاق إن إيران ستكون ملتزمة أيضا بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز نسبة الخمسة بالمئة.
وقال نتنياهو إن تلك البنود لا تحفز طهران على تفكيك اجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في تخصيب اليورانيوم ولا على تفكيك مفاعل البلوتونيوم بشكل تام.
وقال “ستخفف العقوبات التي استغرق تطبيقها سنوات. ستحصل إيران على ما قيمته مليارات الدولارات نتيجة تخفيف العقوبات.” وتابع “إذا سترفع الضغوط عن إيران.. سيتم تخفيفيها ومع رفع هذه الضغوط فإن الخطوة الأولى قد تكون بشكل كبير الخطوة الأخيرة.”
وكرر نتنياهو تهديده المستمر باحتمال القيام بعمل عسكري ضد إيران حتى مع اعتراف عضو في مجلس وزرائه المصغر المعني بالشؤون الأمنية بان الاتفاق المؤقت مع إيران قوض هذا الخيار.
وقال نتنياهو “النظام في إيران تعهد بتدمير إسرائيل. وإسرائيل لها الحق والواجب في الدفاع عن نفسها بنفسها من اي تهديد..أود ان اوضح كرئيس لوزراء إسرائيل إن إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير قدرة نووية عسكرية.”
وارتفعت اسعار الاسهم الإسرائيلية إلى معدل قياسي يوم الأحد بعد الاتفاق.
وقال روني بيرون وهو محلل كبير في شركة يو بي اس إسرائيل “يرى المستثمرون الإسرائيليون ان خطر الصراع قد تراجع رغم ما يقوله الساسة..المستثمرون يرون …انه اتفاق ايجابي.”
ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي انتخب باغلبية ساحقة في يونيو حزيران إلى “تفاعل ايجابي” مع المجتمع الدولي وتجنب الخطاب العدائي المتشدد المناهض لإسرائيل الذي انتهجه سلفه محمود أحمدي نجاد.
لكن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي اشار إلى إسرائيل في خطاب القاه يوم الاربعاء على انها “كلب مسعور”.
وقال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي جلعاد اردان وهو عضو في المجلس الامني المصغر إن الاتفاق “يجعل من الصعب اكثر الحديث عن خيار عسكري على الصعيد الدبلوماسي.”
وأضاف اردان لراديو اسرائيل ان بلاده ستواصل مراقبة الانشطة الإيرانية مع محاولة للتنسيق مستقبلا مع الولايات المتحدة والقوى الخمس الاخرى التي ابرمت الاتفاق .
وذكرت مصادر امنية ان نتنياهو حث اجهزة المخابرات الإسرائيلية على ألا تألو جهدا في وضع تقييمات للوضع في إيران وبحث خيارات إسرائيل.
وقال “امامنا ستة اشهر الان وهناك تعديلات كبيرة يمكن اتمامها خلال هذه الاشهر الستة.”
وقال وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتز للتلفزيون الإسرائيلي إن إسرائيل “ربما خسرت معركة الاتفاق المؤقت لكننا لم نخسر الحرب بشأن منع إيران من اكتساب قدرة نووية عسكرية.”
وقال عوزي رابي مدير مركز موشي ديان للدراسات الشرق اوسطية في جامعة تل ابيب إنه ليس من المرجح ان تتضمن خيارات إسرائيل الفورية اي هجوم عسكري.
وأضاف “يجب ان تركز إسرائيل على جهود مخابراتية موحدة ” لكشف اي خرق للاتفاق.
وقبل التوصل إلى الاتفاق نقلت إسرائيل بواعث قلقها للكونجرس الأمريكي حيث تتمتع إسرائيل بتأييد قوي.
واجتمع وزير الاقتصاد الإسرائيلي نافتالي بينيت الذي زار واشنطن الاسبوع الماضي مع مشرعين أمريكيين وقال انه حذرهم من حدوث سباق تسلح من قبل الدول العربية السنية بما في ذلك السعودية اذا لم توقف إيران انشطة تخصيب اليورانيوم.
وفي واشنطن سعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى تقديم تطمينات لإسرائيل بشأن الاتفاق النووي وقال ان الاتفاق سيجعل إسرائيل أكثر امنا على مدى الأشهر الستة القادمة.
وقال كيري لشبكة سي.ان.ان التلفزيونية إن “اسرائيل مهددة بما كان يجري في إيران.”
وأضاف “لكنني أعتقد انه اعتبارا من هذا اليوم -على مدى الشهور الستة القادمة- ستكون اسرائيل في الواقع أكثر أمنا مما كانت بالأمس لأننا لدينا الان آلية سنوسع بموجبها مساحة الوقت التي يمكنهم (الايرانيون) فيها التقدم (تجاه صنع قنبلة ذرية). ستكون لنا رؤى نافذة بخصوص برنامجهم لم تكن لدينا من قبل.”
وتابع “أعتقد ان إسرائيل ستكون في الواقع اكثر امنا.. بشرط ان نتأكد ان تلك… العقوبات لا ترفع بطريقة تقلل الضغط على ايران -ولا نعتقد ان ذلك سيحدث.. يوجد تخفيف محدود جدا للعقوبات هنا- وأن الهيكل الاساسي لتلك العقوبات سيبقى قائما.”
وقلل وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان من أهمية الخلافات مع واشنطن بشأن القضية الإيرانية. وأجاب ردا على سؤال لراديو إسرائيل عما إذا كان يشعر بان الولايات المتحدة قد خذلته لدورها في الاتفاق بقوله “لا سمح الله