في سلطنة عمان عقد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون اجتماعات سرية للتحضير للاتفاق الذي وقعه أمس الـ«٥+١» وإيران، واستخدموا لذلكطائرات عسكرية ومداخل جانبية ومصاعد الخدمات للتكتم على جهودهم لوضع الاساس للاتفاق النووي الذي جرى التوصل اليه يوم الأحد.
وساعدت الاتصالات التي كانت وكالة اسوشيتد برس أول من اعلن عنها بالتفصيل وأكدها لاحقا مسؤولون أمريكيون ومسؤول إيراني سابق في ابرام اتفاق قد يساهم في انهاء ازمة مستمرة منذ عشرة اعوام حول انشطة إيران النووية.
وتوضح الاتصالات ايضا رغبة الولايات المتحدة التي تعود إلى بداية تولي إدارة أوباما السلطة في يناير كانون الثاني 2009 في استكشاف ما اذا كان هناك سبيل للتصالح بين بلدين كانا على قطيعة لمدة تزيد على ثلث قرن.
وبعد محادثات استمرت اربعة ايام توصلت إيران والقوى العالمية الست بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة والمعروفة باسم مجموعة خمسة+واحد إلى اتفاق مؤقت للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف بعض العقوبات.
وقال مسؤول أمريكي كبير ان الطريق إلى ذلك الاتفاق شمل سلسلة من الاجتماعات السرية -التي وافق عليها أوباما شخصيا- بين مسؤولين كبار من وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض والحكومة الإيرانية هذا العام.
وأكد مسؤول إيراني سابق المحادثات السرية وقال انها جرت بموافقة متحفظة من الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الذي كان متشككا من نتيجتها لكنه وافق على عقد كل الاجتماعات.
وقال المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم نشر اسمه ان من بين الشخصيات الأمريكية الكبيرة التي شاركت في المحادثات وليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأمريكي وجيك سوليفان مستشار نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن للأمن القومي.
وأضاف المسؤول أن الرجلين اجتمعا مع مسؤولين إيرانيين ما لا يقل عن خمس مرات هذا العام وكان ينضم اليهم احيانا مسؤولون اخرون مثل بونيت تالوار عضو مجلس الامن القومي التابع للبيت الأبيض.
وقال المسؤول إن بيرنز وسوليفان وخبراء فنيين وصلوا إلى مسقط في عمان في مارس اذار على متن طائرة عسكرية -حفاظا على السرية- للاجتماع مع إيرانيين.
وقال المسؤول الإيراني الكبير السابق الذي شارك في احد الاجتماعات انهم حصلوا على موافقة خامنئي المتحفظة على هذه الاجتماعات.
وأضاف “كل الاجتماعات مع الأمريكيين حظيت بمباركة الزعيم (الأعلى). الاجتماع الأول كان الاصعب لانه كان علينا اقناع سلطتنا العليا بشأن النتائج الايجابية لمثل هذه الاجتماعات.”
وقال “اعطى الزعيم (الأعلى) موافقته لكنه لم يكن متفائلا ازاء النتيجة..جازفنا لكننا فزنا.”
وساعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في دفع الاجتماعات التي عقدت في سلطنة عمان فقام عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بزيارة لم يعلن عنها من قبل إلى السلطنة للاجتماع مع المسؤولين العمانيين.
وعندما اصبح كيري وزيرا للخارجية وهو المنصب الذي يشغله منذ الاول من فبراير شباط كان قد تقرر استمرار محادثات عمان لدعم محادثات خمسة+واحد وزار كيري بنفسه عمان في مايو ايار لاجراء محادثات مع المسؤولين هناك.
وتسارعت وتيرة التواصل الأمريكي مع إيران بعد تولي حسن روحاني رئاسة إيران في أغسطس آب وهو الحدث الذي اتاح على ما يبدو امكانية تخفيف حدة التوتر بين البلدين.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير ان اربعة من الاجتماعات الأمريكية الإيرانية السرية جرت منذ تنصيب روحاني رئيسا في دلالة على ان الولايات المتحدة كانت تحاول استغلال الفرصة التي اتاحها صعود روحاني للسلطة.
واجتمع كيري مع وزير الخارجية الإيراني في الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر ايلول وبعد ذلك بوقت قصير تحدث أوباما وروحاني هاتفيا في اول اتصال على اعلى مستوى بين الولايات المتحدة وإيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وتحدث كيري ايضا مع وزير الخارجية الإيراني هاتفيا في 25 اكتوبر تشرين الأول وفي الثاني من نوفمبر تشرين الثاني وهي المحادثات التي لم تكشف عنها وزارة الخارجية الأمريكية في حينها.
وحرصت واشنطن على سرية دور بيرنز وسوليفان حتى انها أوفدتهما إلى جنيف مرتين هذا الشهر لاجراء محادثات اوسع نطاقا بين إيران والقوى العالمية لكنها ابقت اسميهما خارج قائمة الوفد الرسمي واستخدما مداخل جانبية في الفندق ومصاعد الخدمات للإمعان في السرية.
وعندما سئل المسؤول الأمريكي عما اذا كانت الاجتماعات السرية ساهمت في ابرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى قال “نعم”.