بيروت ــ “برس نت”
مما لا شك فيه أن لبنان هو الدولة الأكثر تأثراً بالأزمة السورية الدموية من بين دول الجوار التي استقبلت مئات آلاف اللاجئين والمشردين منذ تحول الثورة السلمية الى ميليشيات مسلحة في وجه النظام وشبيحته.
المشكلة التي يعيشها لبنان اليوم بسبب ما يحدث في سوريا من أزمات متتالية هو عدد المشرّدين الذي يتضاعف يوماً بعد يوم (مليون و200 الف مشرد حسب الأرقام غير الرسمية)، إذ أن معظم هؤلاء يعيشون في أتعس ظروف حياتية وصحية في البلد الشقيق الذي يئن بدوره من وضع اقتصادي صعب وفلتان أمني غير مسبوق منذ انتهاء الحرب عام 1990.
السوريون الذين وصلوا الى لبنان بعضهم من الأثرياء الذين سكنوا الفنادق والشقق ومنهم من اشترى القصور والفلل. بحكم ما حملوه معهم من أموال حين فروا من جحيم الحرب في بلدهم.
بعض هؤلاء الأثرياء هم من حلفاء النظام السابق والمنتفعين والمحسوبين على قيادات في حزب البعث الحاكم ومسؤولي الاستخبارات، إذ ان حلف التجار مع الطبقة الحاكمة شكل مشهداً له خصوصيته في الواقع السياسي السوري وبات التجار في دمشق وحلب الى حد معين دعامة السلطة..
ومن السوريين الفئة الأكبر التي هربت بلا أي متاع سوى الثياب التي يرتدونها، فلا وجدوا المأوى ولا العمل. شريحة كبيرة لا تزال تنتظر بعض معونات غذائية من جمعيات ومنظمات أهلية ومجتمع مدني لبنانية ودولية. ومنهم من تراه مشرداً في الشوارع يتوسد الحجار ويلتحف السماء ويعيش على ما يجنيه وأطفاله من التسول او بيع العلكة. والبعض جعل من لبنان محطة انتظار للهجرة نحو الشمال، حيث أوروبا التي تتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لاستيعاب لاجئين سوريين وفق حصص معينة كل عام
.
الواقع الذي يعيشه السوريون في لبنان هو واقع سيء جداً ينذر بانفجار اجتماعي كبير يهدد الشعبين الشقيقين معاً، إذ أن استمرار الأزمة السورية واستمرار الفلتان الأمني اللبناني وتورط اللبنانيين في المعارك داخل أراضي الشقيقة بين من يقاتل مع المعارضة المسلحة ومن يدافع عن النظام، قد يؤدي الى ما لا تُحمد عقباه وقد تنتقل المعارك او تتمدد الى بلاد الأرز بعناوين مختلفة أخطرها الحرب المذهبية…