إيران- السعودية: مفاوضات استراتيجية حول الأمن
أعرب مسؤولون من دول الخليج العربية عن عدم ارتياحهم ازاء التحسن المحتمل في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال مسؤول إيراني سابق إن على الجمهورية الإسلامية وجيرانها ان يتعلموا التعايش السلمي بدون اعتماد دول الخليج العربية على الغرب في حمايتها. وأضاف ان التعاون الأمريكي الإيراني قد يعزز الاستقرار من شمال افريقيا إلى وسط اسيا.
ولم تتوافق الاراء تقريبا خلال النقاش الذي دار في المنتدى الامني الذي استضافته البحرين في مطلع الاسبوع اذ لا يتوقع كثيرون ان تتبدد في لحظة سنوات من انعدام الثقة بين إيران ودول الخليج السنية بزعامة المملكة العربية السعودية.
وقال الخبير جاري ساموري من جامعة هارفارد والمسؤول السابق بالبيت الابيض انه يتوقع ان تكون المحادثات النووية الوشيكة بين طهران والقوى العالمية ومعظمهم حلفاء لدول الخليج العربية “مفاوضات مطولة وصعبة جدا ولن تسفر عن نتائج واضحة”.
لكن النقاش الذي استمر على مدى يومين بين خبراء استراتيجيين من إيران ودول الخليج العربية في مؤتمر الامن الاقليمي بالمنامة أثمر عن تبادل علني غير عادي للاراء لم يصل إلى حد النقد اللاذع وان كان ممزوجا بالانتقادات المستترة.
وضم اجتماع البحرين عسكريين ودبلوماسيين ومحللين وكانت المرة الاولى التي تبحث فيها شخصيات عامة من المملكة العربية السعودية وإيران بشكل علني قضية امن الخليج منذ الاتفاق المؤقت الذي ابرم بين طهران والقوى العالمية في 24 نوفمبر تشرين الثاني.
واثار ذلك الاتفاق احتمال حدوث انفراجة في المواجهة المستمرة منذ ثلاثة عقود بين الولايات المتحدة وإيران مما اثار مخاوف بعض المسؤولين الخليجيين الذين يشعرون بالقلق من ان يفضي هذا في نهاية الامر إلى تمكين إيران من اكتساب هيمنة اقليمية جديدة على حسابهم.
وكان انعدام الثقة بين الجانبين السعودي والإيراني واضحا خلال مؤتمر البحرين لكن مجموعة من الادلة تشير إلى تحسن في الاجواء. وقال رئيس المخابرات السعودية السابق الامير تركي بن فيصل ان المؤتمر كان مشجعا حيث تخلى بعض الزعماء الإيرانيين عن وصف الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر والبحرين بالشيطان الاصغر والمستخدمان منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال إن السعودية تعقد امالا كبيرة على الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني صاحب مبادرات طهران تجاه دول الخليج العربي والقوى العالمية.
ورحبت السعودية بالحجاج الإيرانيين لكنها ترغب في تطور العلاقة وعدم اقتصارها على الحجاج.
وكرر الامير تركي وبعض المسؤولين بدول الخليج العربي الاتهامات لإيران بالتدخل في شؤون الدول العربية “من البحرين إلى فلسطين” وقبل كل شيء سوريا.
وقال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني إن مبادرات إيران كانت في الاتجاه الصحيح. وأضاف ان عليها الان ان تدعم الاقوال بالاعمال.
وتستطيع إيران على سبيل المثال ان تبعث باشارة جيدة اذا سحبت قواتها من سوريا حيث تقول دول الخليج العربية ان هذه القوات تقاتل لصالح الرئيس بشار الأسد. وتنفي إيران وجود اي قوات لها في سوريا.
وكان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار بن عبيد من بين مسؤولين عرب قالوا ان البحث عن الثقة في إيران اشبه بالسراب بالنسبة للمسافرين في الصحراء.
وقال انهم شعب صحراوي ويأملون ان يكون ما يسمعونه من الاشقاء في إيران بمثابة الوادي حيث لا مزيد من الخوف ولا مزيد من عدم الاستقرار.
ورحب الأمير تركي باقتراح المفاوض النووي الإيراني السابق حسين موسوي بان تقوم الولايات المتحدة بدور في تدعيم اواصر التعاون الامني الاقليمي بين دول الخليج العربية وإيران والعراق. ويؤيد موسوي هذا الترتيب الذي ليس له اي وجود في الوقت الراهن. ولا يضم مجلس التعاون الخليجي ايران والعراق.
ووصف الامير هذه الانباء بالرائعة رغم انه وضع قيودا على اشادته قائلا ان ان اي قوات خارجية سواء امريكية او روسية او بريطانية او فرنسية او هندية لن تأتي إلى الخليج الا من اجل مصالحها.
وتمثلت استراتيجية الدفاع لدول الخليج العربي دوما في الترحيب بالقوى الغربية لحراسة الممر المائي واحيانا نشر قوات عسكرية في قواعد على البر. وتطالب إيران منذ وقت طويل بضرورة ان تنظم المنطقة امنها الخاص بشكل جماعي دون الاستعانة بقوى خارجية.
وقال موسوي الذي جلس على المنصة مع الامير تركي ان القوات الأمريكية لا يمكن ان تبقى في المنطقة إلى اجل غير مسمى. لكنه أقر بما وصفه بالدور المحدود المؤقت للقوات الأمريكية قائلا ان دور الولايات المتحدة سيكون حيويا من اجل اقامة منظمومة للتعاون الاقليمي في منطقة الخليج.
وأضاف انه لا توجد اي قوى عالمية اخرى تمتلك الموارد أو النفوذ والاهم من هذا كله الاستعداد للقيام بمثل هذا الدور. ولم يعلق مستشار بوزارة الخارجية الإيرانية كان جالسا وسط الحضور على تصريحات موسوي.
وقال موسوي انه بعد ثلاثة عقود من العداوة لم ينجح الغرب ولا ايران في تحقيق “اهدافهم المتطرفة.” ووصف الامير تركي في وقت لاحق هذا الامر بانه اعتراف على اخفاق إيران في تصدير ثورتها الإسلامية