باريس– بسّام الطيارة
عند دفعي إلى موقع افتتاحيتي مقالةَ جاءت بشكل «دفاع» عن الصحافة بشكل عام صادفت أن «المُدافَع عنه» كاتب في صحيفة «الأخبار»، فهاجت الدنيا وماجت وحتى الآن ما زالت الرسائل تصلني من مؤيدي «الأخبار» ومتابعيها اليوميين ومن مناهضيها ومحاربيها يوميا. بالطبع إن طبيعة الرسائل تنسحب في موازاة طبيعة الشرخ الذي ارتسم في لبنان في انعكاس لطبيعة انقسام العالم العربي وليس فقط حول النزاع السوري.
لم تكن هناك رغبة لدى المؤيدين لصحيفة «الأخبار» في فهم طبيعة افتتاحية تعيب على الكاتب حازم صاغية استعمال كلمة «حمار» أرادوا فقط أن يروا في الأمر تأييداً لوجهة نظرهم التي تحملها الصحيفة المذكورة. وكذلك الأمر لم يتحمل بعض مناهضي الصحيفة مسألة الدفاع عن كاتب من كتابها طالما أن تلك الوسيلة الإعلامية تنشر ما لا يوافقهم وهو بالتالي بالنسبة لهم أخبار غير صحيحة، بينما اعتبر البعض الآخر أن «استفظاع» كلمة صدرت عن صاغية ليست بمقدار ما تكتبه الصحيفة يومياً، أي أنني «أتغافل عن أن كتبة /الأخبار/ ومطبليها يُسقطون كل ثانية (…) أطناناً من العنف العسكري والسياسي والرمزي والكتابي…». بالطبع هذا الإنشاء يكوّن وجهة رأي احترمها، ولكنها تضعني في إطار «تجاهل ما تفعله الأخبار».
لا هذا غير صحيح.
إذ بعد يوم واحد ومن خلال متابعة الصحافة «كلها» ها أنا «استفظع» فعلة صحافية قامت بها الأخبار (تماما كما استفظعت إهانة حامل قلم بكلمة حمار).
فقد نشرت «الأخبار» في تاريخ ٢٧ ك١/ديسمبر مقالة بتوقيع فارس الشوفي بعنوان «داعية سعودي «يَهدي» دروز إدلب!» ونشرت معها صورة نساء محجبات على نسق السيدات الدرزيات ونسبتها لما يحصل في «أدلب» وجاء كلام الصور «نساء درزيات يحملن مصاحف».
نسي القيمون على الصفحة أو مدراء التحرير في الصحيفة أننا في عصر أنترنيت عصر التواصل والمعلومات المتاحة …للجميع، ذلك أن تلك الصورة تعود لـ تحقيق في … أفغانستان، ويكفي النظر إلى طرف الصورة على اليمين حتى نرى «الأفغاني» واقفاً.
تحميل الملف (نوع الملف: PDF - حجمه: 1.5MB)
في الواقع يحصل هذا اليوم بسبب أنترنيت والقدرة على توسيع بيكار البحث عن صورة «تلائم» المقالة… وبالطبع هذه الصورة كانت «مثالية للتعبير عما يقوله كاتب المقالة» (نترك جانباً مسألة حقوق النشر فوضعها مع انتشار المواقع بات موضوعاً دراماتيكياً بحد ذاته). ما أن بدأت المواقع بتناقل خبر «زيف الصورة» حتى بادرت الإدارة إلى حذف الصورة من المقالة (انظر إلى صورة المقال …قبل وبعد الحذف).
تحميل الملف (نوع الملف: PDF - حجمه: 1.14MB)
حتى الآن يمكن اعتبار الأمر مجرد «هفوة تقنية» في حال كان مضمون المقالة «صحيحاً» (وليس كـ…الصورة). إذ يحصل أن بعض الصحافيين ينطلقون نحو الكتابة بعد الوقوع على صورة تغزل قريحتهم وتدفعهم لحمل القلم لتطريز مقالة تلائم الصورة. ولكن دعنا وهذا الظن فإن «بعض الظن إثم». خطأ تقني كان يمكن ببساطة أن يدفع الصحيفة للاعتذار والإشارة إليه، وهكذا لكنا طوينا صفحة هذا الخطأ وابتعد شيطان الظن بكامل المقالة وفحواها.
ولكن إدارة الصحيفة (زملاءنا) فضلت تجاوز الخطأ رغم أن الاعتراف بالخطأ فضيلة وتجاهلت في نفس الوقت أمانة في رقبتها مدينة بها لمؤيدي «الأخبار» ومتابعيها وأعطت سوطاً لمناهضيها ومحاربيها.
إن تجاوز خطأ دون الاعتذار ودون الإشارة إليه يسحب من مصداقية وسيلة إعلامية كبرى ويرمي «الأخبار» في دائرة الاتهامات الموجهة لها… يومياً.