هولاند في السعودية يطرح مؤتمراً لحل الأزمة اللبنانية
ثلاثة اجتماعات رئيسة سيعقدها الرئيس الفرنسي والوفد المرافق له في زيارته الرسمية للمملكة السعودية اليوم الأحد وغداً الاثنين: الأول مع العاهل السعودي مباشرة بعد وصوله من باريس في روضة الخريم يتبعه عشاء رسمي، والثاني مع ولي العهد في الرياض، والثالث في اليوم التالي مع الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، وزير الحرس الوطني المكلف من الملك بمتابعة ملف العلاقات مع فرنسا.
مصدر مقرب من الإليزيه يصف الزيارة بأنها «ذات أهمية كبرى» لأن المملكة هي «شريك ومرجع» وأن التفاهم بين الحكومتين قائم خصوصاً في ما يتعلق بـ«الأزمات الناشئة في المنطقة»، ويشرح بأن «المملكة الوهابية تتحمل مسؤوليات إقليمية متزايدة» من هنا أهمية اللقاءات فالزيارة الثانية لهولاند هي اليوم لتعزيز وتعميق العلاقات التي وصفها المصدر بأنها «استراتيجية».
بالطبع يقول المصدر بأن خمسة ملفات ستكون على رأس قائمة المباحثات وهي: الأزمة السورية، والملف النووي الإيراني والأزمة اللبنانية إضافة إلى الوضع في مصر وملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. يضاف إليها سبل توثيق العلاقات الثنائية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وعلمياً.
رغم تشديد المصدر على تقارب وجهات النظر بشأن الملفات الأساسية إلا أنه أقر بوجود «تمايز ملموس» بشأن الملف اللبناني مع توافق على أن ملف الأزمة مرتبط بملف الحرب في سوريا حيث يوجد «تطابق كامل» في المقاربة. فباريس مثلها مثل المملكة الوهابية لا تقبل بـ«أن تؤدي مفاوضات جنيف ٢ إلى بقاء الأسد في السلطة» فهي ترى أن العملية السياسية الانتقالية «يجب أن تكون ذات صدقية» وأن تقود إلى «استبعاد الأسد من مستقبل سوريا». وترى باريس إمكانية الذهاب إلى جنيف ٢ في حال تم «التوصل إلى بناء وفد متضامن للمعارضة يقوده الائتلاف الوطني»، بينما يقول المصدر أن المملكة ترى وجوب «إقامة توازن عسكري على الأرض قبل الذهاب إلى جنيف ٢»، بينما تتفق العاصمتان على ضرورة «دعم الجيش السوري الحر»، وعلى ضرورة الدفع نحو «احتواء المجموعات المتطرفة المتوافدة على أرض المعركة في سوريا».
ويبدو حسب مصادر متقاطعة أن الملف اللبناني سيحتل حيزاً مهماً من المباحثات، إذ يبدو أن هولاند يحمل في جعبته «مبادرة مؤتمر حول لبنان» وهي فكرة مختمرة لدى الباريس منذ ما يقارب الشهرين، وتنتظر زيارة المملكة ليتم التباحث حولها مع العاهل السعودي قبل البدء بجس نبض الأفرقاء اللبنانيين. ومن المؤكد أن اغتيال الوزير السابق محمد شطح سيدفع هولاند لمحاولة إقناع الملك عبدالله بضرورة إخراج لبنان من فلك الحرب في سوريا وتحييده. بالطبع تظل مسألة مشاركة حزب الله في المعارك في سوريا عقبة في مسار إقناع المملكة بالعمل على إنجاح مثل هذا المؤتمر. وتصف تلك المصادر ما تحضر له باريس بأنه «موتمر تسهيل الحوار بين الأفرقاء اللبنانيين» قد يتم في باريس أو في جنيف على شاكله مؤتمر «سيل سان كلو» الشهير الذي انعقد في عام تموز ٢٠٠٧ ومهد لمؤتمر الدوحة في أيار من عام ٢٠٠٨. وحسب ما تسرب ففي حال نجاح هولاند بإقناع الملك فهد «بإعطاء فرصة لهذا المؤتمر» فإن الأمور يمكن أن تتسارع ويتم تشكيل حكومة لبنانية تقنوقراطية تمثل كافة القوى تكون مهمتها الأولى ملف اللاجئين السوريين وإطلاق العجلة الاقتصادية.
ويرى خبير مقرب من هذا الملف أن «حل مسألة تدخل حزب الله» يمكن أن يأتي من خلال ملف التعامل مع إيران والذي هو محط اهتمام الطرفين السعودي والفرنسي وإن كان لأسباب مختلفة. ويفسر أن العاصمتين تلتقيان على ضرورة «التمسك بموقف صلب خلال التفاوض» بين مجموعة الست وطهران، وتتفهم فرنسا أن موقف السعودية من تدخل حزب الله في سوريا نابع من قلقها من التدخل الإيراني في الشؤون العربية. ورغم تحفظ باريس كما هو حال السعودية على مشاركة إيران في جنيف ٢، إلا أن باريس ترى في ذلك ورقة تفاوضية وإمكانية استعمالها لقبول إيران ومعها حزب الله «فكل الاشتباك في سوريا» في مرحلة قريبة، في بادرة حسن نية إيرانية تجاه الرياض وحسن نية من قبل حزب الله تجاه القوى اللبنانية لتنفيس الاحتقان القوي.
وبالطبع فإن قبول الرياض بمبدأ «إعطاء الفرصة لهولاند» يمكن أن يذيل العقبات أمام تشكيل حكومة يعقبها انتخاب رئيس جديد ويكون بداية حل يؤمن ما تبحث عنه باريس بالنسبة للبنان، وهو كما اختصره مصدر مقرب من الإليزيه « المحافظة على الأمور الأساسية أي الأمن والاستقرار» وعدم تفويت الاستحقاقات الرئيسية.
ويقول الخبير إن ما سوف تعطيه الرياض في الملف اللبناني ستطالب مقابل له في الملف السوري والإيراني أي عدم الذهاب إلى جنيف ٢ إلا ضمن شروط واضحة تؤمن «إطاراً واضحاً لما يمكن أن تكون عليه المرحلة الانتقالية» طبقاً لمقررات جنيف ١. وفي الملف الإيراني تشدد وصرامة في تطبيق الاتفاق المرحلية وضمان أن الاتفاق النهائي لن يعطي طهران دفعاً سياسياً تستفيد منه في توسيع نفوذها في الخليح والعالم العربي.