اسلاميو اليمن يستعدون لوراثة الحكم
يستعد اسلاميو اليمن لوراثة حكم علي عبدالله صالح، في ظل بروز التيار الاسلامي كقوة اساسية في دول الربيع العربي، وإنما بالشراكة مع اليساريين والقوميين وحتى الزيديين.
والتجمع اليمني للاصلاح الذي يعد الحزب المعارض الرئيسي، يجمع في حزب واحد الاخوان المسلمين وقسماً من السلفيين، اضافة لشخصيات قبلية أساسية مثل الشيخ حميد الاحمر، نجل الزعيم القبلي التاريخي ورئيس البرلمان السابق عبدالله الاحمر.
وأكد رئيس الدائرة السياسية في التجمع محمد قحطان أن حزبه الذي تأسس في اعقاب توحيد اليمن في 1990 لا يرفع شعار «الاسلام هو الحل» كما الاخوان في مصر، وليس له أجندة سياسية اسلامية لأن اليمن «بلد مسلم ومتجانس»، كما أنه ينوي الاستمرار في التحالف مع اليساريين والقوميين.
وقال قحطان «لا يستطيع طرف في اليمن أن يتميز لا بالاسلام ولا بالعروبة، نحن مجتمع كله مسلم ونحن نعتقد أننا أصل العرب. ولا يستطيع أي طرف أن يكسب الناس عبر شعار “الاسلام هو الحل”، فموضوع الاسلام في الدولة ليس مشكلة في اليمن»، وهو بلد محافظ.
وشدد على أن «الاولويات التي ينشدها اليمنيون هي اولويات عملية» وليست دينية، مشيراً بشكل خاص إلى «محاربة الفقر وارساء الاستقرار وبناء الدولة».
وبحسب قحطان فإن هاجس الحفاظ على المقومات الهيكلية القليلة للدولة اليمنية المنهكة، وهي من أفقر دول العالم، دفع بالمعارضة الى القبول بالمبادرة الخليجية التي منحت الرئيس مخرجاً «مشرفاً جداً»، وتجنب نزاع يقضي على «القليل الباقي من الدولة».
والتجمع اليمني للاصلاح كيان متعدد الأطياف الى حد التناقض أحياناً، فهو يجمع بين شخصيات قبلية واسلامية معتدلة وسلفية في آن واحد، وبين صفوفه الداعية البارز عبد المجيد الزنداني المطلوب لدى واشنطن بتهمة دعم الارهاب مالياً، والناشطة توكل كرمان حائزة جائزة نوبل للسلام.
وتأسس التجمع في 1990 تحت عباءة القبيلة، وخصوصاً الشيخ عبدالله الاحمر زعيم قبائل حاشد التاريخي، ثم ظل طوال 15 عاماً على الأقل في تحالف وثيق مع نظام الرئيس علي عبدالله صالح قبل أن يتحول الى عدوه اللدود ويقود سياسياً الحركة المناهضة له.
وخرج التجمع في الأساس من رحم الإخوان المسلمين الذين بدأوا نشاطهم في اليمن في 1968 على يد الطلاب العائدين من مصر. والإخوان كما التجمع لم يكونوا في علاقة خصام مع السلطات على عكس الوضع في باقي الدول العربية.
وخاض التجمع الى جانب نظام صالح الحرب ضد الانفصاليين الجنوبيين في 1994، وما انفك يعزز مكاسبه في الدولة حتى بات اتباعه يسيطرون على مراكز حساسة في الادارة والاجهزة العسكرية، وخصوصا في المؤسسات التربوية.
ويرى المراقبون ان التاريخ المشترك مع النظام سيف ذو حدين بالنسبة للتجمع، فهو سمح له من جهة بأان يكون حاضراً بقوة في الدولة ما يسهل الوصول إلى الحكم، ولكن من جهة أخرى يترك ارثاً ثقيلاً على التجمع.
وقال المحلل اليمني فارس السقاف، إن التجمع «هو المرشح الاقوى لوراثة نظام علي عبدالله صالح»، على أن يتم ذلك خصوصاً في الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستنظم بعد سنتين بموجب اتفاق المبادرة الخليجية لانتقال السلطة.
وتوقع السقاف أن يتلاشى نفوذ حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، ليزداد نفوذ التجمع اليمني للاصلاح. وقال ان التجمع «سيكون في الحكم وسيتولى السلطة بالتاكيد». والتجمع يمثل مع باقي المعارضة نصف حكومة الوفاق الوطني الحالية في اليمن.
وعن تواجد سلفيين في التجمع، قال محمد قحطان «نحن حزب مفتوح، ولسنا مصنع علب» معتبراً أن «التعدد في وجهات النظر عامل صحة، ونحن فينا تنوعات كثيرة، فبعضنا يصنف لدى السلفيين علمانياً».
ويؤكد التجمع أنه لا ينوي حكم اليمن منفرداً في المستقبل، ويشدد على ضرورة استمرار منصة «اللقاء المشترك» لاحزاب المعارضة التي وقعت على المبادرة الخليجية كند للرئيس صالح.
ويضم اللقاء خصوصاً الى جانب التجمع اليمني للاصلاح، الحزب الاشتراكي والحزب الناصري وحزب الحق الذي يمثل التيار الرئيسي بين الزيديين الشيعة الذين يشكلون ثلث السكان وهم غالبية في شمال البلاد.
وقال قحطان «لو تفردنا في الحكم لا نستطيع أن نعمل شيئاً»، مؤكداً استمرار التحالف مع باقي اطياف المعارضة لدورتين انتخابيتين على الأقل.
من جهته، قال محمد الصبري القيادي المعارض الناصري إن «حجم ارث الفساد والدمار يحتاج إلى تحالف وطني عريض».
كما اكد أن هناك اتفاقاً ضمن اللقاء المشترك حول «الأولويات».
وفي هذا السياق، أكد قحطان أن «الاولويات الحالية تندرج في مرحلة ما قبل المنافسة، فلا يتنافس مثلاً المحافظون العماليون في بريطانيا على هل تكون هناك دولة أو لا تكون، هل يكون هناك قضاء مستقل، ولا يكون، هل يبقى السلاح منتشراً أو لا».
واذا ما بات اسلاميو التجمع في السلطة، فسيكون عليهم أيضاً أن يواجهوا التطرف وتنظيم القاعدة الذي ينتشر وخصوصاً في جنوب البلاد. وقال قحطان إن «التطرف طارئ على مجتمنا ولا توجد له مبررات» معتبراً أن وجود «حكم شرعي قوي ودولة القانون ونشر لثقافة الوسيطة والاعتدال»، يشكل سداً امام التطرف.
واكد المتحدث ان التعاون الدولي في مكافحة الارهاب، وهو مسالة بالغة الاهمية لواشنطن، «لا بد أن يستمر ولكن على أساس الشراكة وليس مبدأ المقاولة الذي اعتمده علي عبدالله صالح، فهو كان يقول (ادفعوا لي انفذ)».