لبنان: تفجير الضاحية ٦ قتلى و٦٦ جريحاً
هزّ انفجار قوي جنوب بيروت معقل جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية يوم الخميس مما أدى الى مقتل ستة أشخاص على الاقل وجرح ما يزيد عن ٦٦ شخصاً وتصاعد عمود من الدخان في السماء. وعرض التلفزيون لقطات لحطام محترق لعدد من السيارات المدمرة في الانفجار ورجال الإطفاء يرشونها بالماء. ودمر الانفجار كذلك واجهات مبان قريبة.
أشار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى ان “اليد الارهابية التي ضربت منطقة الضاحية الجنوبية بعد ظهر اليوم هي اليد نفسها التي تزرع الاجرام والقتل والتدمير في كل المناطق اللبنانية”.
واطلع رئيس الجمهورية من المسؤولين الأمنيين المعنيين على المعلومات المتوفرة عن تفجير الضاحية، مجددا الطلب إليهم تكثيف التحريات والاستقصاءات لمعرفة المحرضين والمرتكبين وإحالتهم إلى القضاء.
وإذ تقدم سليمان بالتعزية لأهالي الضحايا والتمني بالشفاء العاجل للجرحى، أكد “أهمية تضامن اللبنانيين ووعي المخاطر المحدقة بلبنان والحوار بين القيادات من أجل تحصين الساحة الداخلية في وجه المؤامرات التي تحاك لضرب الاستقرار في الداخل ولمواجهة تداعيات الاضطرابات الحاصلة في المنطقة”.
وشهدت العاصمة اللبنانية سلسلة تفجيرات في الشهور القليلة الماضية منها انفجار الأسبوع الماضي قتل وزيرا سابقا وخصما سياسيا لحزب الله.
استنكر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام التفجير الإرهابي الذي وقع في حارة حريك واعتبره حلقة جديدة من حلقات استهداف السلم الأهلي، وقال إن الرد على هذا المخطط لا يكون الاّ بالتزام الوعي والحكمة وتعزيز الوحدة الوطنية.
وقال سلام في تصريح له “بعد ايام قليلة من جريمة اغتيال الوزير السابق الشهيد محمد شطح، فجعنا اليوم في مطلع العام الجديد بجريمة إرهابية استهدفت مرة جديدة أهلنا في الضاحية الجنوبية لبيروت، في برهان جديد للبنانيين جميعا على أن يد الشرّ التي تعبث بأمننا الوطني ماضية في مخططها الأسود الرامي الى نشر الفتنة وزعزعة السلم الأهلي في لبنان”.
أضاف سلام “ان الرد على هذا المخطط لتفويت الفرصة على العابثين بأمن بلدنا لا يكون الا بالوعي والحكمة وبرفع مستوى اليقظة والعمل بصدق، رغم الخلافات السياسية الكبرى، على حماية الوحدة الوطنية وتعزيز الجوامع المشتركة بين اللبنانيين وهي كثيرة”. وقال “ان التزام هذا النهج هو السبيل الوحيد لتحصين أمن لبنان وحماية ابنائه في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا والمنطقة”.
وختم سلام بالقول “انني إذ اتوجه بتعازي الحارة الى عائلات الشهداء مع دعائي للجرحى بالشفاء العاجل، أدعو للالتفاف حول الجيش والقوى الامنية التي يفترض الا تدخر اي جهد في البحث عن مرتكبي هذه الجريمة البشعة وسوقهم الى العدالة”.
ورأى الرئيس سعد الحريري، في بيان، أنه “لا صفة للإرهاب مهما تعددت وجوهه وتنوعت مصادره سوى الإجرام. والإرهاب الذي يستهدف المدنيين والابرياء والمناطق الآمنة هو أجرام معزول بالكامل عن أدنى المشاعر الإنسانية وينتسب بالتأكيد الى أفعال شيطانية هدفها القتل المجاني وإشاعة الخراب والدمار.
وأشار إلى أن “الانفجار الذي استهدف الضاحية الجنوبية من بيروت يقع في هذه الخانة، حيث يدفع اللبنانيون الضريبة تلو الضريبة من دماءهم وأرواحهم وممتلكاتهم، جراء اعمال كانت وستبقى محل الإدانة والاستنكار الشديدين”.
وقال الحريري “ان المواطنين الأبرياء في الضاحية هم ضحية جرائم إرهابية وإجرامية تستهدفهم منذ أشهر، وهم في الوقت عينه ضحية التورط في حروب خارجية، وفي الحرب السورية خصوصا، التي لن يكون للبنان ولأبناء الضاحية تحديدا اي مصلحة في تغطيتها او المشاركة فيها”.
ودعا الجميع الى اعتبار تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة أمرا جوهرياً لتوفير الحماية المطلوبة للاستقرار الوطني، وهو القاعدة التي يجب ان يبنى عليها في مواجهة كل أشكال الإرهاب وتضامن جميع اللبنانيين على تحقيق مثل هذه المواجهة.
وأشار إلى ان الإصرار على زج لبنان في قلب العاصفة الإقليمية هو الخطر الذي يستدرج رياح الإرهاب الى مدننا وبلداتنا، وقد آن الأوان لكل مسؤول في اي موقع سياسي ان يعي هذه الحقيقة، وان السبيل الوحيد للدفاع عن لبنان يكون بالعمل على حماية الوحدة الوطنية والتسليم بدور الدولة ومؤسساتها الشرعية في إدارة الشأن الوطني.
أما حليف حزب الله العماد ميشال عون فقد دان تفجير الضاحية، وقال:”مرةً أخرى تُستهدف الضاحية، في حلقةٍ من مسلسل يضرب مرةً هنا ومرة هناك؛ من انفجاري الرويس، الى انفجاري طرابلس، فانفجار السفارة الإيرانية المزدوج، ثم اغتيال الوزير محمد شطح.. وكأن هناك تداولاً مدروساً في الضرب وفي الجريمة لإسكات لغة العقل وإفاقة الغرائز وإشعال الفتنة؛ فالكل مستهدف، ويوضع في موقع الدفاع عن النفس، وهكذا تُبرَّر كل الضربات. اننا نستصرخ الضمائر الحية للجميع، مسؤولين وغير مسؤولين، لمواجهة هذا المسلسل الرهيب، ونطالب السلطات القضائية أن تحاكم من لديها من الإرهابيين، ونهيب بالسلطات السياسية ألا تُقدم على أي إجراء يفجّر الوضع العام، من خلال قرارات تعسفية واستفزازية، تمسّ جوهر الدستور وتسهم في تأجيج النار”.
في المقابل استنكر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الخصم السياسي لحزب الله وحليف تيار المستقبل، التفجير الذي وقع في حارة حريك وسقط جرّاءه عددٌ من الضحايا والجرحى الأبرياء، واصفاً هذا العمل بـ “الارهابي والمجرم”.
وقال في تصريح، “نحن نُدين كل الأعمال الإرهابية”، معرباً عن أسفه على تكرار المشهد الدموي المأساوي الى ما لا نهاية دون وجود رادع ليد الإرهاب.
وأضاف أن “الحلّ يكمن في استقامة الحياة السياسية والتمسُك بالدستور والقوانين لقيام دولة لبنانية فعلية بكامل إداراتها وأجهزتها العسكرية دون سواها”.
وختم: “حان الوقت للقيادات السياسية في لبنان أن تترفع وأن تتحمل مسؤولياتها تجاه الله، الوطن والشعب اذ ان الوضع لم يعد مقبولاً على الإطلاق”.
أما البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فقد شجب “جريمة التفجير التي استهدفت الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت بعد ظهر اليوم”، وندد “بكل اساليب ووسائل الترهيب والتخريب والقتل والدمار المستعملة لزرع بذور الفتن والإنشقاق في صفوف ابناء الوطن الواحد”.
ودعا “الفريقين المتنازعين الى الحوار فورا والى اتخاذ خطوات جريئة ومسؤولة من اجل تجنيب لبنان المزيد من المآسي والخسائر التي يخلفها الشر المتنقل بين المناطق اللبنانية”.
وإذ أسف الراعي لسقوط الشهداء الأبرياء، وجه رسالة تعزية الى ذويهم سائلا الله “الشفاء للجرحى والسلام في نفوس وقلوب وضمير الذين سمحوا للشر بأن يتحكم بإراداتهم”.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن استهداف منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت مجددا بالتفجير، بعد ايام قليلة على التفجير الارهابي الذي ادى الى استشهاد الوزير السابق محمد شطح وآخرين، يثبت مرة جديدة ان يد الارهاب لا تفرّق بين اللبنانيين ولا تريد لهذا الوطن الاستقرار، بل تخطط وتنفذ مؤامرة دنيئة لإغراق اللبنانيين في الفتنة والتخبط بدمائهم الذكية.
وناشد ميقاتي الجميع تغليب لغة العقل، اكثر من اي وقت مضى، وتجاوز الحسابات السياسية ووقف التحدي لكي نتمكن جميعا من التلاقي والتحاور سعيا للخروج من هذا المأزق الخطير.
ورأى أن “النار المشتعلة في أكثر من منطقة لبنانية تنذر بما هو اسوأ اذا لم نلتقي ونتفاهم بعيدا عن لغة التحدي والاستفراد والاقصاء”.
وفي نوفمبر تشرين الثاني قتل 25 شخصا في تفجير انتحاري استهدف السفارة الإيرانية في جنوب بيروت أيضا واستهدفت تفجيرات مناطق أخرى قريبة تعد معاقل لحزب الله وايضا مساجد للسنة في مدينة طرابلس بشمال لبنان.
وزادت الحرب في سوريا المجاورة من حدة الاستقطاب في لبنان ومن التوترات الطائفية.
وأرسل حزب الله قوات إلى سوريا لتنضم للقوات الموالية للرئيس بشار الأسد المنتمي للطائفة العلوية الشيعية بينما سافر مقاتلون سنة إلى سوريا للانضمام لمقاتلي المعارضة الذين يحاولون الإطاحة بالأسد.