ليست رأس السنة سوى محطة زمنية تفصل بين مرحلتين تقاسان وفق تقويم معين. فلا هي محطة لبث التوقعات ولا هي مرصداً للمنجمين يلوكون أكاذيبهم حول ما تحمله السنة المقبلة من أحداث وتطورات، ولا هي قدر يحمل صورة نمطية معينة تنسجم أو تماشي أفكار ذاك الشخصية أو سياسات تلك الجهة أو الدولة.
انتهى العام 2013 بكل ما حمله من تفجيرات أمنية وعواصف سياسية ومناخية في العالم العربي، لندخل في مرحلة أخرى تتواصل معها العواصف نفسها وقد تكون بوتيرة أشد وأصعب رغم الحديث عن صفقات وتسويات تتم في السر والعلن وبين المحاور المتخاصمة.
مصر، الدولة العربية الأبرز، تنزلق الى العالم الجديد مُحمّلة بصراعات سياسية وأمنية، تُستخدم فيها كل الأسلحة لشيطنة وتشويه صورة الآخر. وتدفع المحروسة أثماناً باهظة لخلافات سياسية إقليمية ودولية جعلت هذا البلد ضعيفاً لأن قوّته قوة لغيره من بلدان العرب.
العراق، يواصل السيرعلى درب الجلجلة منذ عام الاجتياح الأميركي عام 2003، تفجيرات يومية تودي بحياة العشرات وخلافات مذهبية انتقلت من الاحتلال الى الدستور ومن الدستور الى الشارع، وباتت تهدد باحراق الرافدين.
الشام، تتحضّر لدخول عامها الثالث بعد اختراق الثورة من قوى استبدادية اشد مضاضة من ظلم النظام، وتورط اللبنانيين فيها ينعكس على بلدهم الذي لم ينجح ابناءه في تجنيبه الاصابة بعدوى الحروب المذهبية في العراق والصراع بين قوى الاستبداد على أرض الشام فبات في عين العاصفة.
تونس، تدخل عهد التفاهمات بين إسلاميين وليبراليين على ايقاع تزايد التهديدات الإرهابية في جبل الشعانبي وعلى الحدود مع ليبيا حيث يتسرب السلاح والمقاتلون نحو منطقة الساحل الافريقي والصحراء.
ليبيا، ساحة مفتوحة للقتل والاغتيال وتفريغ مؤسسة الجيش من نخبها وضباطها، وهي مقبلة على حرب قبلية ما لم تُحلّ قضايا دعوات انفصالية كما يحدث مع اهالي برقة.
السودان تجاوز المحطة الأولى من صراع السلطة والشارع حول قضايا معيشية، لكن الهدنة الحالية لن تطول طالما تستمر الحكومة في تجاهل مطالب الناس. اضافة الى ما يمكن أن يتركه الجار المفصول في الجنوب من تداعيات حربه على الشمال.
الصومال، أيضاً منطقة مفتوحة على التصفيات الأمنية والمافياوية، وساحة خصبة لتجار السلاح وامراء الحروب.
الجزائر والمغرب والأردن وجيبوتي وجزر القمر، تشهد استقراراً غير معروف الأجل، بيبنما تستعد دول الخليج لجولة من خرق الستاتيكو القائم فيها، كارتداد لتدخلها في شؤون الدول المحيطة؛ خصوصاً السعودية تحت عنوان منافسة قطر وتركيا في مصروتونس وسوريا، ومقارعة إيران في العراق ولبنان والشام.
فلسطين، القضية التي لا تزال المركزبة لكل العرب هي أمام شقيقاتها الجريحات، لا تزال تنزف على ايقاع الحديث عن صفقات تشرعن الاحتلال الصهيوني أكثر وتعمّق نفوذه ومصالحه داخل مناطق الضفة وغزة تحت عناوين الأمن وحفط يهودية الدولة.
هذه ليست توقعات ولا مراصد فلكية لرؤية الطالع، هي وقائع نعيشها منذ العام الماضي وما قبله وتتواصل رغم انزلاقنا الى عام 2014 الذي قد يحمل صفة عام الانفجاربامتياز.