الرئيسية » أخبار العرب »

هل تتخلى إيران عن الأسد؟ (تحليل)

يضغط المسؤولون الأمريكيون منذ أسابيع لاستبعاد إيران من محادثات جنيف2 بخصوص الصراع السوري المقررة في أواخر الشهر الجاري ويرجعون ذلك إلى الدعم العسكري والمالي الإيراني لحكومة الرئيس بشار الأسد.

لكن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أقدم على تحول مفاجئ يوم الأحد إذ قال إن بوسع إيران المشاركة في المؤتمر من على الهامش وهي خطوة يمكن أن تعزز أهمية المحادثات.

ورفضت متحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية تصريحات كيري وقالت “لن تقبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية … أي اقتراح لا يحترم كرامتها.”

ورغم ذلك يمكن أن تمثل التصريحات مدخلا للمسؤولين الإيرانيين الذين طالما أرادوا أن يعترف المجتمع الدولي بدورهم كقوة إقليمية رئيسية وأشاروا إلى أنه لن يكون هناك حل للصراع في سوريا بدون مشاركتهم.

ويقول دبلوماسيون ومحللون إن الأكثر أهمية هو أن الإيرانيين ربما يكونون مستعدين حاليا للتوصل إلى حلول وسط لم يسبق لها مثيل في المفاوضات لانهاء الصراع بما في ذلك تنحي الأسد عن السلطة.

وقال دبلوماسي التقى في الآونة الأخيرة مع مسؤولين إيرانيين كبار “لا أعتقد أن هذا خط أحمر بالنسبة لهم.”

وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية المناقشات “سيكونون على استعداد لرؤية بديل ما للسيد الأسد بشرط أن يكون هذا البديل جديرا بالثقة ولا يسبب فوضى.”

ومنذ اندلاع الصراع في 2011 أيدت إيران الأسد بقوة ودعمته بالسلاح والوقود والمستشارين العسكريين. ومع اصطباغ الحرب الأهلية السورية بصبغة طائفية على نحو متزايد اعتبرت إيران الأسد حصنا في مواجهة انتشار النهج السني المتشدد المناهض لها في العالم العربي.

ورغم ذلك كان عليها دفع ثمن تمثل في خسارة دعم الدول العربية ذات الأغلبية السنية إلى جانب احتدام العداوة الطائفية في دول مثل لبنان والعراق.

وتأتي التلميحات الجديدة إلى أن إيران قد تبحث تخفيف دعمها للأسد بعد عام حسن فيه الرئيس السوري موقفه بشكل ملحوظ في ساحة المعركة وعلى الصعيد الدبلوماسي بدعم إيراني قوي.

فقبل نحو عام كان المعارضون يحققون تقدما مطردا باتجاه دمشق وكان كثير من الحكومات الغربية يزعم صراحة أن أيام الأسد باتت معدودة. لكن القوات الحكومية حققت منذ ذلك الحين انتصارات بدعم من آلاف المقاتلين من ميليشيا حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران.

وإذا كانت طهران مستعدة الآن لتسوية بخصوص سوريا فسوف تجد الغرب على الأرجح أكثر تقبلا من ذي قبل. فالدول الغربية التي كانت تطالب بتنحي الأسد كشرط مسبق لأي تسوية تبدي تحفظات بخصوص دعمها لخصومه مع استيلاء مقاتلين مرتبطين بالقاعدة على مناطق تحت سيطرة المعارضين.

وألغى الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سبتمبر ايلول ضربات صاروخية لمعاقبة دمشق على استخدام أسلحة كيماوية واضعا حدا لتكهنات على مدى أكثر من عامين بأن الغرب ربما ينضم للحرب ضد الأسد مثلما فعل مع معمر القذافي.

وتغيرت أيضا علاقات إيران مع الغرب منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني المعتدل نسبيا.

وتوجت مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة باتفاق تاريخي في نوفمبر تشرين الثاني لتخفيف العقوبات المفروضة على طهران في مقابل تقييدها لبرنامجها النووي.

لكن حتى إذا كان الزعماء الايرانيون مستعدين لقبول الإطاحة بالأسد فمن المستبعد أن يقبلوا بحكومة معادية خلفا له أو حكومة تهدد خط امدادهم لحزب الله عبر سوريا.

وقال كريم ساجد بور المحلل المتخصص في شؤون إيران لدى معهد كارنيجي للسلام الدولي في رسالة بالبريد الالكتروني “بالنسبة لإيران شخص بشار الأسد يمكن التخلي عنه.”

وأضاف “السؤال هو ما إذا كانت إيران تعتقد أن بوسعها الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا والشرق الأوسط إذا انهار نظام الأسد.”

رد فعل طائفي عنيف

ورغم دعم إيران القوي للاسد ظهرت اشارات من حين لآخر على انها تبقي على خياراتها مفتوحة. ففي فبراير شباط التقى وزير الخارجية حينئذ علي أكبر صالحي مع معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في ذلك الوقت على هامش مؤتمر امني في ميونيخ.

وظهرت اشارات ايضا على ان الدعم للاسد يثير الانقسام بين كبار مسؤولي الحكومة الايرانية.

وفي اواخر اغسطس آب نقل عن علي اكبر هاشمي رفسنجاني وهو سياسي مخضرم يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام انه وجه اللوم لحكومة الاسد بسبب هجوم كيماوي في دمشق قتل المئات من الناس وكاد يتسبب في التدخل العسكري الامريكي.

وقال رفسنجاني في مقطع صوتي سرب على الانترنت ونقلته وكالة انباء شبه رسمية “الناس من جانب تقصفهم حكومتهم كيماويا ومن جانب آخر ينتظرون قنابل امريكا.” وغيرت وكالة الانباء التعليقات في وقت لاحق وزعم رفسنجاني ان تصريحاته حرفت.

ويعي المسؤولون الايرانيون ايضا الثمن الباهظ الذي تدفعه البلاد بسبب تدخلها في الصراع السوري الذي اثار انقسامات طائفية في انحاء المنطقة.

وفي اواخر نوفمبر تشرين الثاني ضرب تفجير انتحاري مزدوج السفارة الايرانية في بيروت وقتل 23 شخصا على الاقل. وكان بين القتلى الملحق الثقافي في السفارة. وأعلنت كتائب عبد الله عزام وهي جماعة متشددة تدعم مقاتلي المعارضة السنة في سوريا المسؤولية عن الهجوم.

وفي العراق تواجه الحكومة التي يقودها الشيعة وتربطها علاقات وثيقة بطهران واحدا من اقوى تحدياتها حتى الآن مع سيطرة مقاتلين سنة متشددين متحالفين مع مقاتلي سوريا على مدينتي الفلوجة والرمادي. وازعجت الهجمات المسؤولين الايرانيين لدرجة جعلت مسؤولا عسكريا كبيرا يعرض ارسال مساعدة عسكرية الى الحكومة العراقية يوم الاثنين.

وقال فالتر بوش خبير شؤون ايران في المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية “ما تغير هو أن الايرانيين في الوقت الحالي لديهم مشاكل استراتيجية وامنية كثيرة بين ايديهم.”

واضاف “أي جهاز أمني سيكون مستنفدا مع هذه المشاكل. لذلك فانك تركز على تلك المشاكل الاقليمية وتخرج سليما قدر الامكان وتحاول النجاة من العاصفة.”

واثناء زيارة الى طهران الشهر الماضي سمعت البرلمانية الاوروبية ماريتي شاك البرلمانيين الايرانيين ومسؤولين آخرين يعبرون عن الدعم لحل سياسي للصراع السوري.

لا تراجع عن المصالح

وقالت شاك “يوجد احساس عام بالانفتاح على المشاركة في محادثات جنيف لكن بدون شروط مسبقة. ومستقبل سوريا يجب ان يترك للشعب السوري.”

لكن حتى لو رحل الاسد فلن تتراجع الحكومة الايرانية عن مصالحها في سوريا وخاصة اذا كان ذلك يعني تهديد العلاقات مع حزب الله. واشاد مشرع ايراني متشدد تحدثت اليه شاك بحزب الله وقال ان الجماعة اللبنانية يجب ان تكافأ على عملها.

واضافت شاك “ولذلك فهذه المناقشات لم تكن دائما عند المستوى الموجه للحل الذي قد نتمنى ان نراه.”

وأوضح قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري الشهر الماضي مدى اهمية سوريا بالنسبة لايران قائلا في تصريحات نقلها موقع تابناك.كوم “سنتخذ اي تحرك باستطاعتنا ويكون لازما لحماية سوريا وسنفعل ذلك بفخار.”

وتوجد مؤشرات على ان ايران تعد بالفعل لسيناريو بعد الاسد. فعلى مدى شهور تدرب ايران ميلشيات محلية في سوريا وتنظمها وقد صممت على نمط ميلشيا الباسيج في ايران. وشكلت هذه الميليشيات لدعم الحكومة السورية لكن اذا جاءت حكومة معادية لمصالح ايران بعد حكومة الاسد فيمكن استخدام تلك الميلشيات لمحاربتها.

وقال بوش “انهم يدربون تلك الميشيات كاحتياطي.”

وحين اعلنت الامم المتحدة يوم الاثنين قائمة المشاكين في المؤتمر لم تكن ايران ضمن الدول المدعوة في الجولة الاولى. وسواء دعيت ايران في نهاية الامر او اختارت المشاركة على الهامش فسيكون المؤتمر البداية لا أكثر.

وقال الدبلوماسي “العمل الحقيقي لن يحدث يوم الثاني والعشرين من يناير.” واضاف “يهدف ذلك لاطلاق بعض قوة الدفع السياسية في العملية. العمل الحقيقي سيبدأ بعد الثاني والعشرين من يناير اذا وصلوا لتلك المرحلة.”

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings