العراق: اشتباكات عنيفة في الأنبار وانتحاري يقتل ٢٣ جندي
دارت اشتباكات عنيفة الخميس بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم القاعدة في منطقة تقع بين الرمادي والفلوجة، في وقت قتل 23 شخصا عندما فجر انتحاري نفسه بين مجموعة من المتطوعين للجيش امام مركز عسكري وسط بغداد.
وفي هذا السياق، قال مسؤول اميركي رفيع المستوى في بغداد ان ايجاد حل لقضية سيطرة مقاتلي القاعدة على مدينتي الفلوجة والرمادي قد يتطلب اسابيع وليس اياما.
واوضح “نحن نشجع على العمل للوصول الى مقاربة متانية، لذا فالامر لن يحل بايام. اعتقد ان فترة اسابيع معقولة اكثر، ولكن حتى مع ذلك، علينا ان نكون واقعيين ونذكر انفسنا بما نواجهه هنا”.
وقال مصدر امني لوكالة فرانس برس ان “قوة كبيرة هاجمت مساء اوكار القاعدة في منطقة البوبالي التي تحولت الى معقل لمقاتلي القاعدة، وتدور منذ الصباح اشتباكات عنيفة بين الطرفين تشارك فيها دبابات الجيش”.
والبوبالي الواقعة بين الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) والرمادي (100 كلم غرب بغداد)، وهي منطقة وعرة تحيط بها البساتين، اخر منطقة انسحب منها مقاتلو القاعدة في العام 2007 بعد فرض سيطرتهم عليها.
وكان المالكي اكد في كلمته الاسبوعية الاربعاء ان عودة تنظيم القاعدة الى المناطق التي سبق وانسحب منها “حلم ابليس (في الجنة) ولن يعودوا ابدا الا وهم جثث هامدة”، بعد يوم من اعلان تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” الموالي للقاعدة عن قرب عودته الى هذه المناطق.
وقال رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم في كلمة لمناسبة عيد الشرطة “يجب ان تتوقف الدول التي تركب موجة الارهاب وتموله وتحميه اعلاميا”، معتبرا ان هذا الامر “سيرتد عليهم كما ارتد على من سبقوهم، ونصيحتي لمن يمدون العون للارهاب ان يكفوا عن دعمه”.
واضاف ان هناك “دولا وعقائد فاسدة” تقف خلف “المنظمات الارهابية وتحميها فيما يخوض العراق حربا مقدسة ضد اشر خلق الله من الارهابيين الذين ينتهكون حرمة الانسان وكرامته”.
وتابع ان “العراق اول من واجه الارهاب وكسر شوكة القاعدة واتجه للبناء، لكن الارهاب استفاد من الظروف التي تمر بها الدول العربية وعاد من جديد، لكن العراقيين في الجيش والشرطة والعشائر اصطفوا جميعا بوجه هذه التحديات”.
وخسرت القوات الامنية العراقية السبت مدينة الفلوجة بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في ايدي مقاتلي “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، لتتحول من جديد الى معقل للمتمردين المتطرفين بعد الحربين الاميركيتين اللتين هدفتا الى قمع التمرد فيها في 2004.
وعززت القوات العراقية الثلاثاء استعداداتها العسكرية قرب الفلوجة، بعد يومين من قول مسؤول حكومي عراقي لفرانس برس ان “القوات العراقية تتهيأ لهجوم كبير في الفلوجة”، فيما دعا رئيس الوزراء نوري المالكي عشائر وسكان الفلوجة الى طرد “الارهابيين” لتجنيب المدينة عملية عسكرية مرتقبة.
غير ان المستشار الاعلامي لوزارة الدفاع العراقية الفريق الركن محمد العسكري استبعد ان تقوم القوات العراقية باقتحام مدينة الفلوجة “الان”.
واضافة الى الفلوجة، سيطر المسلحون الموالون لتنظيم القاعدة على اجزاء من مدينة الرمادي المجاورة، مستغلين انشغال القوات الحكومية بقتال مسلحين من العشائر رافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة في الانبار.
وبينما تدور الاشتباكات في البوبالي، تشهد الرمادي والفلوجة هدوءا اليوم، بعد يوم من معارك في الرمادي وعودة شرطة المرور الى شوارع الفلوجة رغم استمرار سيطرة المسلحين عليها.
وقتل في المعارك الدائرة قرب الفلوجة وفي الرمادي منذ اكثر من اسبوع اكثر من 250 شخصا، بحسب مصادر رسمية، فيما اعلنت جمعية الهلال الاحمر العراقي ان هذه المعارك تسببت في نزوح 13 الف عائلة حتى الان.
وهذه اسوأ اعمال عنف تشهدها محافظة الانبار السنية التي تتشارك مع سوريا بحدود تمتد لنحو 300 كلم منذ سنوات وهي المرة الاولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الاميركي عام 2003.
واتهمت اليوم منظمة “هيومن رايتس ووتش” الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان القوات الحكومية العراقية والمسلحين الموالين لتنظيم القاعدة بالتسبب بمقتل مدنيين عبر اتباع طرق قتال “محظورة”.
وفي بغداد، قتل 23 متطوعا في الجيش العراقي واصيب 30 بجروح في تفجير انتحاري استهدف مركزا للتطوع تابعا للجيش العراقي.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية عميد سعد معن في تصريح نشر على موقع الوزارة ان “الاعتداء حصل بواسطة انتحاري يرتدي حزاما ناسفا قام بتفجير نفسه على جموع المتطوعين بالقرب من مطار المثنى وسط العاصمة بغداد”.
وغالبا ما يتعرض المتطوعون امام المراكز العسكرية الى هجمات تستهدفهم خلال فترة انتظار الدخول الى هذه المراكز، علما ان مساحة مطار المثنى كبيرة جدا بحيث تتسع بسهولة لالاف المتطوعين، الا ان السلطات تقبيهم ينتظرون في الخارج.
في هذا الوقت، اتصل نائب الرئيس الاميركي جو بايدن بالمالكي للمرة الثانية خلال هذا الاسبوع، بحسب ما اعلن البيت الابيض، مشيرا الى ان المسؤول الاميركي حث المالكي على مواصلة بذل الجهود للحوار مع قادة البلاد وزعماء العشائر والزعماء المحللين.
بدوره، اكد المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان واشنطن دعت المالكي الى العمل من اجل المصالحة في موازاة مواصلة العملية العسكرية ضد تنظيم القاعدة في محافظة الانبار.
واضاف البيان ان “رئيس الوزراء المالكي اطلع نائب الرئيس على عناصر جديدة تتعلق بالوضع في محافظة الانبار من بينها سلسلة مبادرات سياسية على المستوى المحلي والوطني”، فيما واشاد بايدن بالتزام المالكي الابقاء على الانتخابات في نهاية نيسان/ابريل رغم تصاعد اعمال العنف.