الأسد: هدف جنيف ٢ مكافحة الإرهاب
اعتبر الرئيس السوري بشان الأسد أن القرار الأهم الذي يمكن أن يخرج به مؤتمر “جنيف 2” هو مكافحة الإرهاب، مشدداً على أي نتيجة سياسية ستخرج من المؤتمر من دون مكافحة الإرهاب لن يكون لها قيمة. ورفض الرئيس السوري فكرة وجود وزراء من المعارضة في الخارج في حكومة انتقالية معتبراً أن “هذه الطروحات غير واقعية على الإطلاق، ونستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح”.
وفي الشأن اللبناني، رأى الأسد ان من ما يجري في المحكمة الخاصة بلبنان، والتي تنظر في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، “مسيّس ويهدف إلى الضغط على حزب الله”.
وقال الأسد في حوار أجرته معه وكالة “فرانس برس” في قصر الشعب في دمشق عشية المؤتمر الدولي بشأن سوريا إن “الشيء البديهي الذي نتحدث عنه بشكل مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا”، مضيفاً أن “هذا هو القرار الأهم، أو النتيجة الأهم التي يمكن لمؤتمر جنيف أن يخرج بها، وأي نتيجة سياسية تخرج من دون مكافحة الإرهاب لن يكون لها أي قيمة”.
وأضاف أن “الشيء البديهي الذي نتحدث عنه بشكل مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا، وخصوصاً عبر الضغط على الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين والمال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية، لا سيما السعودية وتركيا، وطبعاً الدول الغربية التي تقوم بالتغطية السياسية لهذه المنظمات”.
وحذر الأسد أن من أن عدم التوصل إلى قرار بمكافحة الإرهاب سيؤدي إلى انتشار الفوضى في الشرق الأوسط، معتبراً أنه “في أي معركة، تكون حسابات الربح والخسارة احتمالات واردة دائماً، ولكن عندما تدافع عن بلدك فمن البديهي أن تضع احتمالاً وحيداً، وهو احتمال الربح فقط، لأن خسارة سوريا لهذه المعركة يعني فوضى في كل منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف الأسد أن “ما خطط له في البدايات وهو إسقاط الدولة السورية خلال أسابيع أو خلال أشهر. هذه المرحلة بكل تأكيد فشلت وانتصر فيها الشعب السوري. ولكن هناك مرحلة أخرى من المعركة وهي مكافحة الإرهاب، وهذه المرحلة نعيشها اليوم بشكل يومي، ولم تنته بعد”. وتابع: “نستطيع أن نقول بأننا في هذه المرحلة نحقق تقدماً. نحن نسير إلى الأمام ولكن هذا لا يعني بأن النصر قريب، هذا النوع من المعارك معقد ويحتاج إلى زمن طويل. ولا نستطيع أن نتحدث عن الانتصار فيها قبل أن نقضي على الإرهابيين”.
وكشف الأسد عن لقاءات حصلت في سوريا مع أجهزة استخبارات دول غربية عدة طلبت التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أن الجواب السوري كان أن “التعاون الأمني لا ينفصل عن التعاون السياسي، فالتعاون السياسي لا يمكن أن يتم عندما تتخذ هذه الدول مواقف سياسية معادية لسوريا”.
من جهة ثانية، أكد الأسد أن هناك “فرصاً كبيرة” لترشحه للرئاسة في الانتخابات المقررة في حزيران، مضيفاً “بالنسبة إلي، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري، فإذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب بأن أترشح فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة بأن أقوم بهذه الخطوة”. وتابع: “بالمختصر، نستطيع أن نقول إن فرص الترشح هي فرص كبيرة”.
وعما إذا كان الوضع الأمني سيسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية بعد أشهر، قال الأسد إن “الطرق بين المناطق مفتوحة، وكل الناس تستطيع أن تتحرك، ويستطيع الأشخاص الذين يتواجدون في مناطق ساخنة أن يأتوا إلى المناطق المجاورة القريبة ويقوموا بعملية الانتخاب”، لافتاً إلى أن “هناك صعوبات، ولكنها ليست عملية مستحيلة”.
ورداً على سؤال حول موافقته على وجود وزراء من المعارضة في الخارج في حكومة انتقالية، قال الأسد: “لنفترض أننا وافقنا على مشاركة هؤلاء في الحكومة، فهل يجرؤون على المجيء إلى سوريا؟”، مضيفاً “هم يأتون إلى الحدود لمدة نصف ساعة ومن ثم يهربون من سوريا، فكيف يمكن أن يكونوا وزراء في الحكومة؟ هل يمكن أن يكون الوزير من الخارج؟ لذلك فإنّ هذه الطروحات غير واقعية على الإطلاق، نستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح”.
وأردف قائلاً: “هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة. أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة وهو لا يمتلك الأكثرية في البرلمان فهذا مناقضٌ للمنطق السياسي في كل دول العالم”، مشيراً إلى أن “الانتخابات النيابية المقبلة ستحدّد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة”.
وتابع: “المشاركة من حيث المبدأ، نحن معها وهي شيء جيد… لكن كل واحد من هؤلاء يمثل الدولة التي صنعته، ومشاركة هؤلاء تعني مشاركة هذه الدول في الحكومة السورية. والكل يعرف الآن أن بعض هذه الأطراف التي قد تجلس معنا لم تكن موجودة بل وجدت خلال الأزمة من خلال أجهزة الاستخبارات الأجنبية، سواء في قطر أو في السعودية، أو في فرنسا أو في الولايات المتحدة ودول غيرها، وعندما أجلس مع هؤلاء فأنا أفاوض تلك الدول. فهل من المعقول أن تكون فرنسا جزءً من الحل السوري، أو قطر أو أميركا أو السعودية أو تركيا مثلاً؟ هذا الكلام غير منطقي”.
وشدد على أن “ثمة قوى سورية معارضة لديها أجندة وطنية، ويمكن أن نفاوضها حول الرؤية لمستقبل سوريا، ويمكن لهذه القوى أن تشارك معنا في إدارة الدولة السورية”.
على صعيد متصل، أكد الأسد أن “المنظمات الدولية التي تتحدث عن انتهاكات في سوريا لا تملك أي وثيقة تثبت اتهاماتها حول ارتكاب الحكومة السورية مجازر ضد المدنيين، مؤكداً أن “الإرهابيين هم الذين يقتلون المدنيين في كل الأماكن”.
وتساءل الأسد “أي منطق هذا الذي يقول بأن الدولة السورية تقتل شعبها؟ هذا الكلام غير منطقي”.
وأكد أن “الجيش لا يقوم بقصف مناطق، الجيش يضرب الأماكن التي يوجد فيها الإرهابيون. أما بالنسبة إلى سقوط المدنيين ضحايا، فهذا للأسف يحصل في كل الحروب. لا يمكن أن يكون هناك حروب نظيفة لا يسقط فيها ضحايا من الأبرياء المدنيين. ولذلك فإن الحل هو في إيقاف الحرب، ولا يوجد أي حل آخر”.
وحول تدخل “حزب الله” في القتال في سوريا، ذكّر الأسد بدخول “العشرات من الجنسيات من خارج سوريا للقتال فيها”، مشيرا إلى أن هؤلاء “اعتدوا على المدنيين في لبنان وخصوصا على الحدود السورية، وعلى حزب الله”، ومؤكداً في الوقت ذاته أن “خروج كل من هو غير سوري من الأراضي السورية هو أحد عناصر الحل”.
وأوضح أن ذلك سيكون ضمن “سلّة متكاملة تهدف إلى خروج المقاتلين وتسليم كل المسلحين -حتى السوريين منهم- سلاحهم إلى الدولة السورية”.
من جهة أخرى، رأى الأسد أن ما يجري في المحكمة الخاصة بلبنان التي تنظر في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، “مسيّس ويهدف إلى الضغط على حزب الله”.
وأضاف: “نحن نتحدث عن تسع سنوات من عمر هذه المحاكمة. هل كانت عادلة؟ كل مرة كانوا يتهمون طرفاً لأسباب سياسية. حتى في الأيام القليلة الماضية لم نر أي دليل حسي قُدّم حول الجهات التي تورطت في هذه القضية”، متسائلاً “ما هو سر هذا التوقيت؟ عمر هذه المحاكمة تسع سنوات. هل ما قدم منذ أيام كُشف فقط في هذه المرحلة؟”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “كل ما يحصل هو مسيّس وهدفه الضغط على حزب الله في لبنان، كما كان في البداية هدفه الضغط على سوريا بعد اغتيال الحريري مباشرة”.
من جهة أخرى، اتهم الأسد فرنسا بالتحول إلى “دولة تابعة لقطر والسعودية بسبب البترودولار”، مشيراً إلى “تأثير البترودولار على تغيير الأدوار على الساحة الدولية‘ حيث تتحول قطر الدولة الهامشية إلى دولة عظمى، وتتحول فرنسا إلى دولة تابعة لقطر تنفذ السياسة القطرية، وهذا ما نراه الآن بين فرنسا والسعودية”، مستبعداًَ أن يكون لفرنسا “دور في القريب العاجل في سوريا حتى تبدل سياساتها بشكل كلي وبشكل جذري”.
وأكد الرئيس السوري أنه لم يفكر يوما بالهروب من سوريا، مشيراً إلى أن “كل السيناريوهات التي وضعها منذ بداية الأزمة في منتصف آذار العام 2011 هي سيناريوهات حول الدفاع عن الوطن وليس حول الهروب”، مضيفاً “لا يوجد خيار للهروب في مثل هذه الحالات، يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن”.