دافوس: روحاني يدعو للاستثمار في إيران
قال الرئيس الايراني حسن روحاني يوم الخميس ان بلاده عازمة على التوصل من خلال التفاوض لاتفاق شامل بخصوص برنامجها النووي مع القوى الكبرى حتى يتسنى لها تنمية اقتصادها المتعثر ودعا الشركات الغربية لاغتنام الفرصة السانحة الآن.
واضاف روحاني الذي كان يتحدث في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ان بلاده تتفاوض مع الولايات المتحدة في إطار “حوار بناء” مع المجتمع الدولي وتنتظر أن تترجم واشنطن أقوالها إلى أفعال.
لكنه لم يتزحزح عن دعمه للرئيس السوري بشار الاسد غداة المؤتمر الدولي للسلام في سوريا الذي استبعدت بلاده من المشاركة فيه. وقال ان انهاء “الارهاب” الذي تدعمه بعض الدول المجاورة لسوريا شرط مسبق لأي تسوية للحرب الأهلية هناك.
وانتخب روحاني العام الماضي بعد تعهده بتحسين علاقات طهران مع العالم وقام بزيارة ناجحة للامم المتحدة في نيويورك في سبتمبر ايلول. وبدأت زيارته لمنتجع دافوس السويسري مرحلة ثانية من حملة دبلوماسية تهدف الى انهاء العقوبات الدولية التي تعوق الاقتصاد الايراني.
ودخل اتفاق مؤقت بين ايران وما يسمى بمجموعة 5+1 التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا حيز التنفيذ هذا الاسبوع. ومنح هذا الاتفاق ايران تخفيفا لبعض العقوبات المحدودة مقابل قيود مؤقتة على تخصيب اليورانيوم وتطوير برنامجها النووي.
وشدد روحاني على التزامه بالتوصل الى تسوية نهائية. وقال امام الحضور من القادة السياسيين وكبار رجال الأعمال “لدى ايران ارادة جادة للتوصل الى اتفاق مع مجموعة 5+1. ولا أرى عوائق جدية تعترض سبيل هذا الاتفاق. الارادة الايرانية قوية.”
وسُئل ما الذي قد يمنع التوصل إلى تسوية طويلة الأمد فأشار الى احتمال وجود “ضغوط من أطراف أخرى” في إشارة مستترة الى اسرائيل التي وصفت الاتفاق المؤقت بانه “خطأ تاريخي” وحثت الكونجرس الامريكي على معارضته.
ولم يقدم روحاني مبادرات دبلوماسية جديدة في كلمته. وقال مشاركون في جلسة خاصة عقدها مع مسؤولين تنفيذيين بمجال الطاقة إنه وعد بنموذج استثمار جديد جذاب لعقود النفط بحلول سبتمبر ايلول في إطار حملة لاجتذاب الشركات الغربية التي منعتها العقوبات من البقاء كي تعود إلى ايران.
وقال روحاني إن العلاقة بين إيران وأوروبا تشهد الآن تطبيعا مع دخول الاتفاق النووي المؤقت حيز التنفيذ. كما التقى روحاني على هامش المؤتمر مع رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو.
وقال باروزو في بيان “على ايران ان تستغل هذه الفرصة بتصميم على التحرك نحو حل شامل طويل الامد للمشكلة النووية. هذا سيتيح إمكانية تحسين العلاقات وتوسيع رقعة التعاون.”
ونقل أحد المشاركين في اجتماع آخر عقده الرئيس الإيراني مع رجال أعمال أمريكيين وأوروبيين وعرب عن روحاني قوله إن إيران تسعى لاجتذاب استثمارات وخصوصا في صناعات السيارات والنفط والغاز والبتروكيماويات والتعدين ومشروعات البنية الأساسية الخاصة بالطرق والسكك الحديدية.
وتجاهل روحاني سؤالا من رجلي اعمال امريكيين قالا إنهما يحملان جوازي سفر اسرائيليين وسألا إن كان بامكانهما الاستثمار في ايران.
ولا تزال معظم العقوبات قائمة بما في ذلك تضييق صارم على تعاملات ايران مع النظام المالي العالمي وشددت الولايات المتحدة على ان الشركات الغربية يجب ألا تعتبر التعامل التجاري مع ايران متاحا كأمر عادي.
ووعد روحاني باتباع سياسة خارجية تقوم على “التعقل والاعتدال” لإنعاش الاقتصاد المتعثر.
ودعا إلى التعاون مع جميع جيران إيران ولكنه لم يذكر السعودية بالاسم ورفض إدراج إسرائيل بين الدول التي تسعى طهران لإقامة علاقات ودية معها حين ألح عليه بعض الحضور مرتين.
وفي وقت لاحق قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان في دافوس لكنه لم يكن حاضرا في القاعة اثناء كلمة روحاني ان كلمات الرئيس الايراني الناعمة لا علاقة لها بالواقع مستشهدا بدور إيران العسكري في سوريا ودعمها لحركة حماس الفلسطينية.
وأضاف “روحاني يواصل حملة الخداع الإيرانية.”
وتابع “هدف نظام رجال الدين الإيراني الذي يتخفى وراء ابتسامة روحاني هو تخفيف العقوبات دون التخلي عن برنامجهم الرامي لإنتاج أسلحة نووية” داعيا المجتمع الدولي “ألا ينخدع”.
وكرر روحاني تعهد إيران الدائم بعدم السعي لإنتاج أسلحة نووية وقال إن طهران مستعدة لقبول جميع ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءات التفتيش الخاصة بها شريطة ألا تتعرض “لتمييز”. وتعتقد الدول الغربية أن أنشطة إيران النووية تستهدف اكتساب قدرة عسكرية.
وقال روحاني “لم نسع قط ولن نسعى أبدا للحصول على أسلحة نووية.” وتابع “أعلن أنه لا مكان للسلاح النووي في استراتيجيتنا الأمنية.”
لكنه قال “إيران لن تقبل أي عقبات في سبيل تقدمها العلمي” في إشارة تنذر بأن التفاوض على اتفاق طويل الأجل سيكون صعبا.
وعبر بعض الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة الغربية عن إعجابهم بالتزام روحاني بجذب الاستثمار الأجنبي في القطاع الذي عاني من خفض الإنتاج بمقدار الثلث والصادرات بمقدار النصف بسبب العقوبات.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للنفط والغاز باولو سكاروني الذي حضر الاجتماع “حضور الرئيس الإيراني الاجتماع اليوم… علامة واضحة على أن إيران تريد الانفتاح على شركات النفط العالمية.”
لكنه قال إن إيني ستلتزم بصرامة بالعقوبات ولن تعود إلى إيران إلا بعد التوصل إلى اتفاق نووي دائم وتغيير شروط التعاقد.
وقال أحد ثلاثة مسؤولين تنفيذيين آخرين حضروا الاجتماع لرويترز مشترطا عدم الكشف عن شخصيته إن الرئيس الإيراني قدم “عرضا توضيحيا مثيرا للإعجاب”.
وتريد الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى أن توقف طهران تخصيب اليورانيوم إلى مستوى مرتفع وتغلق مفاعلا يعمل بالماء الثقيل يمكنه إنتاج البلوتونيوم في إطار أي تسوية دائمة. وترفض إيران تلك الخطوات.
وقال روحاني إن إيران تسعى للتعاون “مع الدول المطلة على الخليج الفارسي.” لكنه لم يذكر السعودية بالاسم. وكانت السعودية أبدت قلقها بخصوص الاتفاق النووي المؤقت.
وفي هجوم واضح على الرياض وقطر كرر روحاني انتقاده لدول لم يسمها قال إنها تدعم الإرهاب في سوريا مضيفا أن هذا الدعم سيرتد عليها في ديارها.
وقال رجال أعمال كبار من السعودية والبحرين استمعوا إلى كلمة روحاني إن من الصعب تصديق أن روحاني صادق بخصوص رغبته في تحسين العلاقات مع جيران إيران. وقالوا إن أي اتفاقات تجارية ستتم نقدا إلى أن يتسنى ترتيب قناة للدفع.
وألغى روحاني في وقت لاحق مؤتمرا صحفيا مزمعا وغادر المبنى دون تلقي أي أسئلة في العلن باستثناء أسئلة من كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي. وأشار المنظمون إلى “اسباب فنية” قائلين إنه لا يمكنهم توفير قاعة ملائمة مجهزة بترجمة فورية في مدة قصيرة.