- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

اللوحة قاتمة ولكن «الشعب يريد…»

Bassam 2013نقطة على السطر
بسّام الطيارة
ينظر البعض إلى لاهاي وقلوبهم في لبنان، والبعض الآخر ينظر إلى جنيف وعقولهم في سوريا، وأخرون يتطلعون صوب بلاد ما بين النهرين ويفكرون بالأنبار. ليبيا دخلت ضباب روتينية الفوضى، وتونس تغوص في رمال الدستوريات المتحركة.  ومصر «تحتفل» بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير التي أطاحت بعهد حسني مبارك وسط عنف يومي متزايد.
هذه التشكيلة التي تغذي خيط الأحداث، ترسم في الواقع لوحة سوريالية شمطاء للحالة العربية اليوم. من الصعب معرفة من أين نبدأ قراءة هذه الصورة التعيسة. ولكن إن تجاوزنا سوداوية الصورة وتمعنا قليلاً بين الخطوط نجد أن «الحبكة» تتلألأ خلف الألوان القاتمة، وتحمل في أليافها ثوابت تدعو للأمل.
تقوم كل الحالات التي شكلت توليفة اللوحة التي نقف أمامها، من سوريا إلى مصر مروراً بكافة الدول التي شهدت الربيع العربي، على قاسم مشترك هو «رفض الشعب لأن يُساق مثل الغنم». نسينا شعار «الشعب يريد…» ولكنه حاضر وإن كان ضحيج العنف قد غطىّ عليه. غطى عليه أيضآً الخوف الملفوف برائحة الموت العنيف.
الشعب العربي (أو الشعوب العربية حتى لا نستفز أياً من القراء) تعلّم الثورة. لو لم يكن الأمر كذلك لكانت انتهت مرحلة الثورات والعنف بانتصار القوي وتبوئه سدة الحكم ليحل محل الحاكم الذي أسقطته الجماهير.
من نافل القول إن «الشعب يريد … شيئاً ما» لم يحصل عليه حتى الآن ولذا فهو لا يعود إلى بيته. لا يعود ليعيش يوميات طبيعية، لهذا «تخربشت» اللوحة بألوان قاتمة متنوعة ترسمها حركات ورغبات الشعب الدفينة غير القادرة على التعبير لغياب الأدوات الديموقراطية ولوجود عنف قمعي قاس وبارد.
إنها لوحة سوريالية ألوانها متحركة تلاحق خيط الأخبار وتشدها رغبات الشعوب المتناقضة مع إرادات الحكام.
في زاوية مصر تفسير وتلخيص لما يحصل داخل هذه اللوحة القاتمة.
بعد تحجر مبارك قرر الشعب التخلص منه في ثورة جميلة. لم يفهم الإخوان الذين وصلوا إلى الحكم أن «الشعب يريد…» الحرية. فثار الشعب عليهم. اليوم لم يفهم الجيش أيضاً أن «الشعب يريد…» الحرية…فأخرج عبد الفتاح السيسي كتاب الستالينية من حيث تقديس الفرد القائد وأرقامها لا تقل عن ٩٦ في المئة ولوّنها بألوان غابت حتى عن أميركا اللاتينية. ولكن «الشعب يريد الحرية….» يا جنرال!
في سوريا وتونس وليبيا والعراق ولبنان الرسوم نفسها تتردد لتدخل بصيص نور في تلوينات الصورة القاتمة… «الشعب يريد…».
الأمل الذي يمكن أن نقرأه داخل هذه اللوحة هو أن «الشعب يريد…» وأنه بعد أن خبر الثورة لن يرضى بأنصاف حلول ولا بتسويات سطحية. الشعب العربي تعلم الثورة في ٢٠١١ أي منذ ثلاث سنوات. وهي فترة قصيرة جداً في حياة الشعوب. اللوحة لم «تصل إلى خواتيمها» لتظهر الصورة كما يريدها التاريخ.