- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

في إنتظار جنيف 3

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

كان لافتا الكلام الذي أطلقه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال إحدى جلسات مؤتمر دافوس السويسري إلى أن “إيران لم ترسل أحداً إلى سوريا وحزب الله أخذ قراره بنفسه” وهو أبدى مجددا إستعداده   لزيارة السعودية في أي وقت. وطالب بوقف إرسال الأسلحة إلى سوريا والسماح للسوريين بتحديد مصيرهم. هذا الموقف الذي حاول فيه ظريف التنصل من الإتهامات التي تواجه إيران بأنها وراء مشاركة حزب الله عسكريا في الحرب الدائرة في سوريا ، وهو ما شكل السبب الرئيس في تصعيد الموقف بين المملكة العربية السعودية وإيران وهو ما إنعكس إيضا على الصراع الداخلي في لبنان وحال دون تشكيل حكومة سياسية جامعة.
وعلى الرغم من خسارة إيران بغيابها عن إجتماعات مونترو وجنيف السورية ، إلا أنها حاولت التعويض بحضورها اللافت وبقوة في دافوس السويسرية لا سيما عبر نجومية رئيسها حسن روحاني ألذي وصفته الصحافة الغربية بصاحب دبلوماسية الإبتسامات والهجوم السحري عبر لقاءات واسعة مع الصحافة الأميركية والأوروبية من أجل تغيير الصورة النمطية التي كان سلفه محمود أحمدي نجاد قد رسخها لدى الرأي العام العالمي .
مما لا شك فيه أن مجرد إنعقاد إجتماع جنيف إثنين ونجاح المبعوث الأممي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي في جمع ممثلي النظام السوري والمعارضة في غرفة واحدة وطاولة واحدة ولو لم ينجح في جعل المصافحة بينهم ممكنة ، يشكل تقدما ولو بالشكل ، إلا أن نقاط البحث لا تزال في بداياتها وهي ستأخذ وقتا طويلا قبيل الوصول الى البنود الأساسية وهو ما عبر عنه الإبراهيمي نفسه عندما قال  “نتحرّك ببطء ولكن بثقة، فالأزمة السورية صعبة ومعقدة والخروج من هذا المستنقع يحتاج وقتاً”، مشدداً على أنه من “المبكر الحديث عن إطار زمني للتوصل إلى نتائج لجنيف 2”.
في الجلسة الإفتتاحية في مونترو حاول الطرفان السوريان كسب النقاط إعلاميا من خلال الكلمات ، فأحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم ضجة عبر تجادله مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن تجاوزه للوقت المحدد ، وفي المقابل شن رئيس الوفد السوري المعارض أحمد الجربا هجوما لاذعا على النظام من خلال تصويره بالقاتل وسجل نقطة إعلامية لصالحه عبر مخاطبته من قبل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بفخامة الرئيس الجربا فانتهت الجولة الأولى إعلاميا بالتعادل . وإنتقلت الجلسات الى جنيف لتستكمل المعركة الإعلامية عبر محاولة كل فريق تسويق نفسه إعلاميا خارج قاعة المفاوضات حيث توزع فريق الوفدين على وسائل الإعلام محاولين إطلاق تصريحات نارية ، النظام يحاول أن يعيد حضوره كممثل شرعي بعد أن فقد موقعه من خلال عملياته العسكرية ضد شعبه التي أدت الى قتل أكثر من مئة ألف شخص ومئات آلاف الجرحى وتدمير معظم المدن والبلدات وإنتشار ملايين النازحين في الدول المجاورة ، والمعارضة تحاول أن تزيل عنها صفة الإرهاب وتسوق نفسها بعيدا عن تنظيم داعش وجبهة النصرة كممثل حقيقي للمعارضة المعتدلة غير المتطرفة ، لا بل أنها تحارب هذه الأطراف عبر الجيش السوري الحر .
حتى الآن يبدو المشهد في جنيف في مراحله الأولى وهو لم ينجح في التوصل الى نتائج ملموسة فيما يتعلق بالمرحلة الإنتقالية ولا بالنسبة لمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد كما بالنسبة للحكومة الإنتقالية وتفسير مفهوم كل طرف لجنيف 1 وهو إقتصر على إمكانية تمرير المساعدات الانسانية والبحث بهدنة في بعض المناطق لم يتم التوافق عليها كما بطرح ملف المحاصرين وإمكانية إخراج النساء والأطفال .
في المحصلة هو نجاح سيسجل لوزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف ، لدبلوماسيتهما الذكية في الشكل وببعض المضمون ،  أما في السياسة والحلول النهائية فمن المبكر الحديث عن خرق ولو بسيط قبل أن يتفق الوزيران المحنكان فيما بينهما في قاعات بعيدة عن جنيف ، ويبدو أن أقصى ما يمكن الحصول عليه في نهاية هذا الإجتماع السويسري البارد في مناخه هو الإعلان عن موعد ساخن آخر لعقد مؤتمر جنيف ثلاثة..