ظاهرة أطفال الشوارع ليست ظاهرة جديدة على بلاد الأرز، فقد انتشرت هذه الظاهرة في الفترة الاخيرة من الحرب التي شهدها لبنان بيت العام 1975 والعام 1990، حيث ُقدر عدد هؤلاء الأطفال بالآلاف، نظراً لمقتل العديد من الآباء والأمهات وتدمير البيوت والتشرد من منطقة الى أخرى.
وبحسب احصائات عديدة، فإن نسبة اللبنانيين حملة الجنسية من أطفال الشوارع كانت لا تتعدى الربع. أما النسب الباقية فتعود لأطفال بلا أوراق ثبوتية أو من البدو الرُحّل او بنسب متفاوتة من التابعيتين السورية والفلسطينية، ونسبة كبيرة منهم تنتمي الى الغجر «النَوَر».
لكن سرعان ما ارتفع هذا العدد وفقاً للتغيرات التي شهدها المجتمع اللبناني أخيراً من نزوح عدد كبير من المواطنين السوريين جراء الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا اليوم.
هنا اجتمع الطفل اللبناني والسوري معاً، ومن جديد خلف «قضبان» الشوارع التي حكمت على طفولتهم بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة نتيجة الحروب والصراعات الدولية التي أضاعت حقوقهم وباتت قضيتهم ثانوية، هذا إن تم الالتفات اليهم.
ثمة أسئلة ينبغي طرحها مثل: كيف تُشيّد المؤسسات الإجرامية؟ وكيف تبقى مجتمعاتنا بدائية؟ لكن عذراً فالجواب واضح. تُشيّد المؤسسات الإجرامية على أكتاف هؤلاء الأطفال الذي يتم استغلال لقمة عيشهم وعوزهم وحقوقهم المهدورة من المجتمع الدولي أجمع. مجتمع لا يبدي أي اعتبار لتلك القضايا سوى بالمؤتمرات والخطابات وعدم التطبيق الفعلي للقوانين التي ترعى حقوق عيشهم الكريم.
البعض يسأل أين المتسولون اللبنانيون؟ وبعد رحلة بحث طويلة لم يظهر سوى عدد خجول جداً يعملون في المقاهي وآخرون يمضون وقتهم في بيع السلع المطلوبة للمارة على الطرقات. حتى الطفل اللبناني سُلِبت منه «الشحادة».
بحسب أخر الإحصائيات، هناك ما لا يقل عن 400 ألف طفل سوري نزحوا الى لبنان من دون ذويهم وتم تسجيلهم في مفوضية الأمم المتحدة لللاجئين ومعظمهم غير ملتحق بالمدارس ولا يزال مُشرداً.
بكل بساطة الطفل السوري قهرته الظروف ودفع ثمن لعبة الكبار، وهنا حوار صغير خلال جولة «برس نت» في أحد الطرقات للاطلاع على أحوال هؤلاء الأطفال.
أنس، طفل لا يتعدى الخامسة من العمر. أتى الى لبنان مع عائلته المُكوّنة من 6 أولاد وأب بُتِرَت إحدى رجليه في قصف على قريته في سوريا، وأم تهتم بالأولادة وبزوجها المُعاق.
أنس، كان يفترش أحد الأرصفة على كورنيش الروشة البحري، جالساً يبكي بحرقة وغصّة. مشهد يستوقف المارة، الذين يسمعونه يبرّر بكاءه بكل براءة وبلهجته الحلبية المُحبّبة: «أنا تعبت وجوعان كتير، ما قادر كمّل شغل بدي روح عمدرستي وبيتي بحلب أنا ما بدي اشتغل».