اتفاق سلام لتجنب حرب أهلية بين شرق وغرب أوكرانيا
وقع زعماء المعارضة الأوكرانية اتفاق سلام توسط فيه الاتحاد الاوروبي مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش يوم الجمعة بهدف انهاء مواجهات عنيفة أدت لسقوط عشرات القتلى وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية مبكرة هذا العام.
ووافق البرلمان الأوكراني يوم الجمعة على إقالة القائم بأعمال وزير الداخلية فيتالي زخارتشينكو بسبب استخدام “العنف” ضد الاحتجاجات أثناء موجة الاضطرابات التي شهدتها البلاد.
وزخارتشينكو شخص مكروه في ميدان الاستقلال في كييف بسبب عدة حملات عنيفة قامت بها الشرطة ضد المحتجين المناهضين للحكومة. وسوف تعتبر إقالته انتصارا لحركة المحتجين.
وكان يانوكوفيتش الذي تعرض لضغوط من مظاهرات حاشدة في كييف قد قدم في وقت سابق سلسلة من التنازلات لمعارضيه المؤيدين لأوروبا تشمل تعديل الدستور لتقليص سلطاته وإجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال يانوكوفيتش لدى إعلان التنازلات قبل توقيع الاتفاق “سنتخذ كل الخطوات في سبيل إعادة السلام إلى أوكرانيا. أعلن أنني سأدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.”
وأضاف أن أوكرانيا ستعود الى دستور سابق كان البرلمان يتمتع فيه بمزيد من السيطرة على تشكيلة الحكومة بما في ذلك رئيس الوزراء.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الاتفاق نص على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة هذا العام لكن لم يحدد موعدا لذلك. وكان من المقرر إجراء الانتخابات في مارس اذار 2015.
وقال مراسل من رويترز حضر مراسم التوقيع في المقر الرئاسي إن يانوكوفيتش (63 عاما) لم يبتسم أثناء المراسم التي استمرت لدقائق.
وتجنب زعيم المعارضة ولاعب الملاكمة السابق فيتالي كليتشكو الجلوس بجوار الرئيس. ووقع الوسطاء الأوروبيون بصفتهم شهودا لكن مبعوثا روسيا حضر المراسم لم يوقع الوثيقة.
ونقلت وكالة انترفاكس للأنباء يوم الجمعة عن المبعوث الذي أرسله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كييف قوله إن المحادثات الرامية لحل أزمة أوكرانيا حققت تقدما لكنه اشار إلى أن موسكو لديها تساؤلات بشأن اتفاق السلام الذي توسط فيه الاتحاد الأوروبي وأكد أنه لم يوقع عليه.
ونقلت الوكالة عن فلاديمير لوكين قوله عقب عودته إلى موسكو “لا تزال هناك تساؤلات محددة.. وستتواصل المشاورات.. هذه عملية طبيعية.”
وفي وقت لاحق قالت وزارة الخارجية الروسية إن وزير الخارجية سيرجي لافروف بحث مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون اتفاق السلام في أوكرانيا وحث الاتحاد على إدانة “المتشددين” المسؤولين عن العنف.
وقال بيان للوزارة ان لافروف وآشتون بحثا الاتفاق “واحتمالات تنفيذه في حالة استمرار انشطة قوى التطرف”.
وبعد ساعة من التوقيع صوت البرلمان الأوكراني لصالح العودة للعمل بدستور عام 2004 الذي سيفقد بموجبه يانوكوفيتش بعض سلطاته.
ووصف وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي وهو أحد الوسطاء الاتفاق بأنه “حل وسط جيد لأوكرانيا”.
وقال في تعليق على موقع تويتر إنه “يعطي السلام فرصة ويفتح الطريق أمام الإصلاح وأمام أوروبا.”
وفي ظل التجاذب السياسي في أوكرانيا بين روسيا والاتحاد الاوروبي قتل 77 شخصا على الأقل هذا الأسبوع في أسوأ أعمال عنف منذ استقلال البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991.
وفي حين اشاد زعماء الاتحاد الاوروبي بما وصفه رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي بأنه “حل وسط ضروري” التزم الكرملين الصمت حيث أحجم المتحدث باسم بوتين عن التعليق.
وقالت كاثرين اشتون إن تنفيذ الاتفاق ضروري وسينطوي على “تحد كبير”.
وواصل المحتجون المناهضون للحكومة اعتصامهم في ميدان الاستقلال في وسط كييف الذي شهد أعمال عنف هذا الاسبوع.
وبعيد مراسم التوقيع حمل متظاهرون نعشا مفتوحا بداخله جثة احد قتلى اعمال العنف التي وقعت امس الخميس في الميدان فيما ردد المشيعون هتافات مثل “الابطال لا يموتون… اللصوص يرحلون.”
وأطلق البعض نفير سياراتهم وأشعلوا الالعاب النارية احتفالا بالاتفاق لكن الكثير من النشطاء عبروا عن تشككهم وأشاروا الى أن يانوكوفيتش أبرم اتفاقات من قبل وانه لايزال في الحكم.
وقال فاسيلي زاخارو (40 عاما) من منطقة لفيف بغرب البلاد “يجب أن يرحل اليوم. لن يقبل بالانتخابات. أصدر الأمر بالقتل فكيف نستطيع أن نعيش معه الآن حتى ديسمبر؟”
وأضاف “هذا رأينا وهذا هو قرار الميدان.”
وقال زاخارو إنه جاء الى كييف منذ اربعة ايام لينضم الى الانتفاضة.
وقال الزعيم المعارض ارسني ياتسينيوك إنه قبل توقيع الاتفاق دخل رجال شرطة مسلحون مبنى البرلمان وبقوا بداخله فترة قصيرة بينما كان النواب يعقدون جلسة طارئة لكن سرعان ما تم طردهم. ووقع اشتباك بالأيدي بين النواب حين حاول رئيس البرلمان فولوديمير ريباك رفع الجلسة.
وغضب نواب المعارضة لأن هذا يعني تأجيل اقتراع محتمل على قرار يحث على إجراء تعديلات دستورية للحد من صلاحيات الرئيس. وغادر رئيس البرلمان المجلس واستمرت المناقشات.
وقبل التوقيع اجتمع وزير الخارجية البولندي مع ممثلين عن المحتجين الذين يحتلون ميدان الاستقلال في كييف وقال متحدث باسمه إنهم وافقوا على السماح لزعماء المعارضة بتوقيع الاتفاق.
وزار وزيرا خارجية ألمانيا وبولندا كييف للدفع من أجل التسوية السياسية لوقف نزيف الدم وسط المواجهة بين الشرطة والمحتجين المناهضين للحكومة الذين يحتلون الميدان منذ قرابة ثلاثة شهور.
واذا نفذ الاتفاق فسيشكل انتكاسة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يسعى لدمج أوكرانيا في اتحاد أوراسي تقوده موسكو وتعتبر هذه المحاولة حجر الزاوية في جهوده لإعادة توحيد اكبر عدد ممكن من دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وقال الكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي وعضو حزب بوتين وهو حزب روسيا المتحدة بالهاتف لرويترز إن الاتفاق سيكون إيجابيا اذا أنهى العنف.
واستطرد قائلا “لكنني لا اعتقد أنه سيحل ايا من المشاكل الرئيسية التي تواجهها اوكرانيا مثل الاقتصاد والعلاقات العرقية وسبل الحكم. المعارضة متباينة وستبدأ المعارضة الآن الشجار مع بعضها البعض.”
ورحب البيت الأبيض بالاتفاق لكنه قال انه مازال مستعدا لفرض عقوبات إذا دعت الضرورة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني “الآن يجب أن يكون التركيز على تنفيذ هذا الاتفاق الذي سنراقبه عن كثب.”
ولم يتضح ما اذا كانت موسكو ستمضي في تقديم مساعدات قيمتها 15 مليار دولار وعد بوتين بمنحها لأوكرانيا بعد أن تراجع يانوكوفيتش عن توقيع اتفاق اقتصادي واسع النطاق مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر تشرين الثاني.
وفي علامة أخرى على حدة الأزمة خفضت مؤسسة ستاندرد آند بورز يوم الجمعة التصنيف الائتماني لأوكرانيا للمرة الثانية في ثلاثة أسابيع مشيرة إلى تزايد خطر العجز عن السداد.
وقالت ستاندرد آند بورز إن التطورات الأخيرة في الأزمة ستقلل من احتمالات حصول أوكرانيا على المساعدات الروسية التي تحتاجها بشدة. وأبلغت أوكرانيا بورصة أيرلندا أنها ألغت إصدارا مقررا لسندات أجنبية لأجل خمس سنوات بقيمة ملياري دولار. وكان من المقرر إدراج السندات في البورصة الأيرلندية. وكانت كييف تأمل أن تشتري روسيا هذه السندات لمساعدتها على تفادي الإفلاس.
وقال وزير الاقتصاد الروسي إن موسكو لم تحسم موقفها بعد فيما يتعلق بالدفعة التالية وقيمتها مليارا دولار لكنها تنتظر وضوح موقف الحكومة في أوكرانيا.
وفي الأسواق المالية ارتفعت السندات الدولارية الأوكرانية والعملة من مستوياتها القياسية المنخفضة التي بلغتها هذا الأسبوع بدعم آمال في إبرام اتفاق.
لكن المحللة المالية في مؤسسة آر.بي.إس. تاتيانا أورلوفا قالت إن أوكرانيا لا تزال تواجه وضعا اقتصاديا صعبا.
وقالت وزارة الصحة إن 77 شخصا قتلوا منذ بعد ظهر يوم الثلاثاء مما يعني أن 47 شخصا على الأقل قتلوا في اشتباكات يوم الخميس.
وفرض وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماع في بروكسل يوم الخميس عقوبات على مسؤولين اوكرانيين مسؤولين عن العنف وهددت بفرض المزيد اذا لم تنجح السلطات في استعادة الهدوء.
وبعد اتفاق كييف قالت اشتون إن القرار بشأن مستقبل العقوبات سيتوقف على المعلومات التي يقدمها وزراء خارجية الاتحاد الموجودون في اوكرانيا