- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فيسبوك سوريا وأوكرانيا وما بينهما

Bassam 2013نقطة على السطر
بسّام الطيارة
عجيب أمر المواطنين العرب أخص بالذكر «رواد فيسبوك» بل لنقل «المقيمين على فيسبوك». نستطيع تقسيمهم إلى أربع فئات: الأولى أسميها «طبيعية»؛ تستعمل “فيسبوك” كما يجب، أي كوسيلة تواصل بين حلقة «معارف ضيقة» لتبادل الأفكار الخاصة ولنشر خواطر لتقاسمها مع الأصدقاء.
الفئة الثانية أسميها «المرآة»؛ أفرادها يسعون نحو أكبر عدد ممكن من المعارف بحثاً عن «لايكات» لصورهم ولأخبارهم أو لما يلتقطوه على الشبكة من “فيديو” أو من كلمة فلسفية، ولكل ما يضعونه على الحائط أياً كانت أهميته. هؤلاء في معظم الأحيان لا يهمهم من يرى ما ينشروه على حائطهم، إذ أن إشباع لذة “فيسبوك” يأتي فقط من مجرد ملاحظة عدد الأصدقاء واللايكات وكلمات الإطناب التي لا تأتي إلا من عدد قليل ومحصور ومكرر من الحلقة الضيقة الحقيقية لمعارفهم. فيسبوك مرآة الصورة التي يريدونها لأنفسهم.
نجد هاتين الفئتين في كافة البلدان.
أما ما يتميز به العالم العربي فهو في الفئة الثالثة والرابعة، فلنسمي الأولى «مع بشار»، بينما الرابعة نسميها «ضد حزب الله». في هاتين الفئتين مساهمون يكتبون وينقلون فقط الأخبار و”الفيديوات” التي تناسب فئتهم، ولكن لا يشكلون الأكثرية. فالأكثرية تكتفي بالتصفيق والإطناب وإن تدخّل بعض أفرادها  فليضع «ههههههه…. » أو «شفت…» أو «مفهوم”. فئتان تسيران على خطين متوازيين لا يلتقيان البتة، يصرخ كل منهما في وادٍ لا يسمعه الآخر. يساهم جميع المنتسبين إلى هاتين الفئتين في تفكيك معنى «التواصل الاجتماعي».
لا تواصل ولا اتصال بين أفراد هاتين الفئتين… ولكن من أسبوع أو أسبوعين. حصل لقاء. هذا اللقاء حصل في… أوكرانيا.
انتقلت فئة «مع بشار» تحت شعار «ضد المعارضة الأوكرانية» وفئة «ضد حزب الله» لتصبح «مع المعارضة الأوكرانية». تعتقد الفئتان أن «العالم يدور حول سوريا والمعارضة السورية وبندر وداعش وجبهة النصرة ومشاركة حزب الله والسعودية وتركيا». وأن مخططي السياسة الأوروبية الذين يبحثون عن ٣٥ مليار دولار لإنقاذ أوكرانيا و٦٥ مليون نسمة، آخذين بالاعتبار ما يحصل في بلاد الشام على الحدود في درعا أو في محافظة الرقة.
سقط فيكتور يانيكوفيتش. صفق على “فيسبوك” المنتسبون لفئة «ضد حزب الله»، ولعن المنتسبون لفئة «مع بشار» خيانة الغرب. قراءة ما يتبادله المنتسبون للفئتين مضحك حقيقة، ففيه إسقاط لاستراتيجية عالمية على الواقع السوري. بعض الأمثلة «سقط يانيكوفيتش انتهى بشار… بوتين انتهت أيامه ربيعه قادم»، هذا من جهة. من جهة أخرى «بعد الخيانة الغربية سينتقم بوتين … ربح الأسد».
التصفيق لا يتوقف لدى «قراء» الفئتين.
وفي هذه الأثناء تدور رحى الحرب في سوريا، وتتراكم أرباح “فيسبوك” وتسمح له بشراء شركة بـ ١٩ مليار دولار.