بسّام الطيارة
ما هو الفارق بين مؤتمر صحفي ولقاء دردشة مع «بعض الصحفيين» وهو ما نُظِمَ لميشال سليمان الرئيس اللبناني في نهاية زيارته إلى باريس؟ لا شيء سوى أن الدردشة لها منافع جمة ولكن ليس بالضرورة في صالح العمل الصحفي الصحيح. ولكنها بالمقابل تفيد «البوطة» التي تحلق حول الرئيس سليمان. فهي تدعو من تشاء وتبعد من تشاء. فكيف يتم الإبعاد ووكيف تتم الدعوة؟ هي تتم حسب الأهواء السياسية ليس للصحفيين ولكن للمؤسسات الصحفية التي يعملون بها.
دردشة الرئيس سليمان «الأخيرة» في باريس جمعت حوله صحفيين يمثلون «وسائل إعلامية تدعمه في حمى نزاعه مع أفرقاء لبنانيين» واستبعدت كل الصحفيين الذي يعملون في «الفريق الآخر». شارك في هذا التمييز بين الصحفيين اللبنانيين بالطبع فريقه الإعلامي (البوطة كما يسميها بعض الصحفيين من الذين حضروا أو الذين لم يحضروا)، ولكن أيضاً مسؤولون في السفارة اللبنانية، الذين دأبوا على نمط كان جارياً وما زال: وهو تلبية «أهواء الرئيس أو الوزير أو السفير وفريقه ودمجه بأهوائهم الشخصية». وهكذا رأى المشاركون أن لوناً واحداً لوسائل صحفية تألق حول الرئيس اللبناني، وكأن سليمان نقل معركته من لبنان إلى ركن دردشته الباريسية.
يعتقد الرئيس أنه يملك فريق إعلامي. السؤال ما هي خبرة هذا الفريق الإعلامي الذي يعتقد بضرورة مخاطبة فقط الجمهور اللبناني «المُكتَسَب» وتجاوز جمهور «الجهة الأخرى»؟ هذا يسمى تواصل حين يتكلم الرئيس مع نفسه أي أن كلماته لا تتجاوز الحلقات التي تقف وراءه وتؤيد آراءه كأنه يتكلم مع نفسه. «برافو».
إلى جانب هذا «الجهل التواصلي» يبرز هذا الاستبعاد الذي يمكن تفسيره بخوف الرئيس من الأسئلة المحرجة رغم أن الدردشة تتم وسط حلقة ضيقة، ولكن تسمح الدردشة أيضاً للرئيس بالإجابة كيفما يشاء أي على هامش السؤال، وهذا ما لا يستطيع أن يفعله في مؤتمر صحفي حتى لا تظهر الإجابة الضعيفة.
يعتقد الرئيس أنه بإجاباته عن أسئلة لم تطرح يكون قد أوصل رسائله السياسية ولكن في الواقع ما سوف ينقل عن الرئيس لن يكون إلا ضمن ما يعرفه جمهورة الذي لن يزيد ولن ينقص. في عصر التواصل والإعلام إن استبعاد الصحفيين لا يعني بأي حال منع المعلومة عنهم فمعظمهم يحصل على تسجيل «الدردشة» بعد أقل من دقيقة من انتهاء اللقاء.
هذه البوطة وفريق السفارة يحيط بالرئيس ويظهر له أنه يحميه من «عصف الإعلام» ولكنه في الواقع لا يفعل سوى كشف عورات الدردشة الإعلامية عندما يستبعد عدداً من الصحفيين لأن مؤسساتهم الإعلامية لها مواقف سياسية لا تجاري مواقف الرئيس …حسب رأي البوطة.
هل من مكسب للرئيس؟ لا بالعكس فالصحفي الذي سينقل الدردشة عبر التسجيل الصوتي يكون بعيداً عن «جو الأسئلة والإجابات» من جهة ويزيد التباعد بين الرئيس والوسائل الإعلامية التي تم استبعاد صحفييها من جهة أخرى. وإذا «انتقم أحدهم» على فيسبوك بسبب استبعاده تأتي ردات فعل «الجهة الأخرى» لتزيد من التباعد مع مواقف الرئيس الذي يجب أن يكون ..حاضن لجميع مواطنيه.
فهل هذا ما يريده الرئيس أم البوطة؟ أم أن الرئيس قرر نقل معركته مع الأفرقاء اللبنانيين إلى إطار … الفرنكوفونية؟
التسجيل الصوتي للدردشة وللأسئلة وللإجابات ضمن وخارج الأسئلة