واشنطن تلوح باستهداف ثروة بوتين؟
ربما كان أكثر ما يثير الدهشة في عقوبات واشنطن على رجال الأعمال الروس الموالين للرئيس فلاديمير بوتين جملة واحدة تتضمن اتهاما مدوياً بأن “بوتين نفسه يتربح من شركة جنفور”، التي تحتل المركز الرابع بين شركات تجارة النفط في العالم.
فمن بين الذين فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليهم يوم الخميس في إطار حملتها للضغط على روسيا في الأزمة الأوكرانية، رجل الأعمال جينادي تيمشينكو، وهو من قدامى معارف بوتين، وأحد الشركاء في شركة جنفور التي تتخذ من جنيف مقراً لها، وتتعامل في نحو ثلاثة في المئة من تجارة النفط العالمية. وفي إعلان العقوبات، أضافت وزارة الخزانة الأميركية جملة واحدة استهدفت أكثر الموضوعات، التي واجهها بوتين سخونة في 13 عاماً قضاها في الكرملين على رأس الحكم في روسيا. وقال بيان الوزارة “ترتبط أنشطة تيمشينكو في قطاع الطاقة ارتباطاً مباشراً ببوتين. فبوتين له استثمارات في جنفور وربما يكون بوسعه الاستفادة من أموال جنفور”. وامتنعت الوزارة عن التعقيب على ما لديها من معلومات عن استثمارات بوتين في الشركة. وعلى الفور أثار البيان رداً سريعاً وغاضباً من الشركة، التي وصفت البيان بانه شائن وكاذب بشكل صارخ. ونفت الشركة “نفياً قاطعاً أن يكون لفلاديمير بوتين الآن أو كان له في الماضي أي ملكية في الشركة أو أنه مستفيد من نشاطنا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”. وقالت الشركة مراراً إن “لكل من تيمشينكو وتوربيون تورنكفيست، الرئيس التنفيذي للشركة حصة متساوية تبلغ نحو 45 في المئة وأن العشرة في المئة الباقية مملوكة للعاملين”. كما نفى تيمشينكو أن “بوتين ساعده في إنشاء امبراطورية أعماله”، لكن التكهنات استمرت في هذا الصدد بسبب العلاقة القديمة الوثيقة التي تربط بينهما. ووصف ديمتري بسكوف، الناطق باسم بوتين العقوبات بأنها “غير مقبولة”، وقال إن “الكرملين يدرس أثر إدراج تيمشينكو على قائمة العقوبات”.
ولم يعقب على الادعاء بأن لـ”بوتين استثمارات في جنفور”.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة الاميركية إن “صفة تيمشينكو لن تؤثر في الشركة لأنه يملك أقل من 50 في المئة منها”. وفي الوقت نفسه، أعلنت جنفور إن “تيمشينكو باع حصته لتورنكفيست يوم الاربعاء”، أي قبل بوم من فرض العقوبات وأصبح يملك 87 في المئة بينما يملك العاملون 13 في المئة. ومع ذلك، فإن مبعث القلق المتزايد بين المحللين، هو أن الاتهام الموجه لبوتين والضربة المباشرة، التي تلقاها أقرب حلفائه قد يؤديان إلى “رد أكبر من موسكو”، بل وربما “تشهر امدادات الطاقة كسلاح في وجه الغرب”. وقال بوتين هذا الشهر إنه يعتقد أن الغرب “عبر الخط” في أوكرانيا بعد أن أظهرت تسجيلات صوتية مسربة أن ديبلوماسيين أميركيين بحثوا كيفية الاطاحة بالرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان الكرملين يدعمه، وأنه يجب أن يشكل ساسة يدعمهم الغرب الحكومة الجديدة. وردت روسيا الخميس الماضي بـ”فرض عقوبات على عدد من الساسة الاميركيين”، لكن محللين قالوا إن “من المرجح فرض مزيد من العقوبات الروسية بعد الاتهامات الاميركية لبوتين بالتربح”. وتزود روسيا أوروبا بثلث حاجاتها من الغاز وبما بين الخمس والربع من احتياجاتها من النفط. وسبق أن أوقفت روسيا مرتين امداداتها من الغاز لاوكرانيا وأوروبا في أعقاب خلافات مع كييف حول الأسعار. نفي وتتجاوز صياغة البيان الاميركي كل ما قيل من قبل عن بوتين، الذي يواجه اتهامات منذ سنوات خاصة من خصومه السياسيين أنه ساعد تيمشينكو على إنشاء امبراطورية جنفور. ولم يقدم أحد دليلاً على صحة هذا الادعاء، ولم تنشر أي وسيلة إعلام أي تقرير عن أدلة على امتلاك بوتين حصة في الشركة. وكان بوتين يعمل في مكتب رئيس البلدية في أوائل التسعينات، عندما قام تيمشينكو وأصدقاؤه بفصل وحدة تجارة النفط عن مصفاة كيريشي النفطية على حد قول بوتين نفسه. ومنذ ذلك الحين شهدت جنفور نمواً كبيراً، وبلغ حجم تعاملاتها 93 بليون دولار عام 2012 بالمقارنة مع خمسة بلايين في العام 2004.
وتعاملت الشركة في كميات كبيرة من النفط من شركات حكومية روسية مثل روسنفت في نهاية العقد الماضي، لكنها تنازلت عن بعض مراكزها الرئيسة، وأصبحت تركزعلى تداول النفط في أوروبا وآسيا. وذكرت برقية من برقيات “ويكيليكس” المسربة عام 2010 أن السفير الاميركي السابق في موسكو جون بيرل قال إن “هناك شائعات أن هيكل ملكية الشركة الذي تكتنفه السرية يشمل رئيس الوزراء بوتين”. وكانت أول مرة تناول فيها بوتين الموضوع مباشرة عام 2011. وقال لمجموعة من الكتاب الروس “أؤكد لكم أنني أعلم أن الكثير يكتب عن ذلك دون أي مشاركة من جانبي. وأنا أعرف المواطن تيمشينكو منذ مدة طويلة جداً منذ عملي في سان بطرسبرج”.وأضاف “وأنا لم أتدخل قط في أي شيء له صلة بأعماله ومصالحه. وآمل ألا يدس أنفه في أعمالي أيضاً”. وقال بوتين إنه يقرأ التقارير الصحفية عن ثروته الهائلة، بل وإنه أغنى رجل في العالم، لكنه نفى صحة هذه التقارير ووصفها بأنها “هراء”. وأد الشائعة؟ ورداً على البيان الصادر من واشنطن، قالت جنفور إن “هيكل ملكيتها تأكد خلال اصدار لسندات قيمتها 500 مليون دولار عام 2013 شارك بنك غولدمان ساكس في إدارته”. وقال الناطق باسم الشركة إن “بوسع البنك أن يشهد أن جونفور قبلت مستوى متقدماً من الفحوص، على رغم من أن ذلك لم يكن مطلوباً في منشورها عن إصدار السندات، وأن هذا المستوى لا يطلب في العادة إلا في الولايات المتحدة وذلك لاظهار الثقة في أعمالها”. وأكد بنك غولدمان ساكس أنه “لا يستطيع التعقيب” على الفور على هذا الموضوع.