القمة العربية: إجماع على محاربة الإرهاب
دأت الدورة الخامسة والعشرين للقمة العربية في الكويت، حيث شدّدت الكلمات في الجلسة الافتتاحية على ضرورة محاربة الإرهاب، فيما حضر الملفان السوري والفلسطيني وغاب الحديث عن الخلاف بين الدول الخليجية.
وأفادت قناة “الميادين” عن عقد اجتماع مغلق لم يعلن عنه مسبقاً للقادة العرب قبيل افتتاح القمة، التي تسلّمت الكويت رئاستها من قطر فيما بقي المقعد السوري شاغراً بالرغم من حضور رئيس “الائتلاف الوطني السوري” المعارض أحمد الجربا وإلقائه كلمة.
وأشارت “الميادين” إلى وجود تهديدات أميركية للحؤول دون صدور بيان عن القمة والاكتفاء بما سيسمّى “إعلان الكويت”، مشيرة إلى أن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي رفض كافة الضغوط لمنح “الائتلاف” مقعد سوريا في القمة وأحال الأمر على القانونيين.
وقد استهل أمير قطر الشيخ تميم الكلمات قائلاً، “ساهمنا بعقد مؤتمر جنيف 2 إلا أن النظام السوري جاء مرغماً لتمرير الوقت واستمر بالقتل فانتهت المفاوضات بالفشل”، معتبراً أنه “لا يمكن أن تقضي الأسلحة الكيميائية وفوهات البنادق على تطلّعات الشعب السوري”.
وأكد على علاقة الأخوة مع “الشقيقة الكبرى” مصر بالرغم من الخلاف الشديد بين البلدين، داعياً إلى حوار وطني في القاهرة.
أما في الموضوع العراقي، فشدّد على عدم جواز أن “ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة وان نلصقه بكل من يختلف معنا سياسياً، ما سيؤدي إلى تعميم الإرهاب بدلاً من عزله”، مشدداً على أنه “آن الأوان ليخرج العراق الشقيق من دوامة الشقاق والعنف ولا يتحقّق ذلك بإقصاء قطاعات اجتماعية أصيلة أو اتهامها بالإرهاب إذا طالبت بالمساواة والمشاركة”.
وأضاف: “نحن هنا جميعاً ندين الإرهاب ولا خلاف في هذا الموضوع، وللإرهاب مفهوم محدد وهو استهداف المدنيين بالقتل والترويع وضرب المنشآت المدنية لأغراض سياسية”.
ودعا أمير قطر إلى قمة عربية مصغرة بهدف تحقيق مصالحة فلسطينية، مشيراً إلى أن حل الصراع العربي- الإسرائيلي يقوم على أساس انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، لافتاً الانتباه إلى أن “لدينا رأي عام عربي يشكك بمصداقية إسرائيل”.
وأشار إلى أن بلاده بذلت جهوداً حثيثة لإعادة إعمار غزة، داعياً العرب إلى العمل على إنهاء حصار غزة غير المبرّر وفتح المعابر أمام سكان القطاع، ومطالباً الفلسطينيين بإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وطنية.
من جهته، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى وأد ظاهرة الإرهاب الخطيرة- مهما كان مصدرها- بهدف تخليص البشرية من شرورها لينعم العالم بالأمن والاستقرار، مضيفاً “نعاني جميعاً من ظاهرة الإرهاب المتصاعدة تحت ذرائع مخلفة فيما المستهدف هو البشرية”.
وشدّد على أن “خطر النزاع المدمّر في سوريا تجاوز الحدود السورية والإقليمية فيما تحولت الكارثة الإنسانية إلى الأكبر في تاريخنا المعاصر”، داعياً إلى “العودة إلى مجلس الأمن لحل الأزمة السورية”، معتبراً أنه “يخطئ من يظن أنه بعيد عن تداعيات الأزمة السورية”.
من جهة أخرى، دعا إيران إلى مواصلة الالتزام ببنود الاتفاق النووي المبدئي مع الدول الست، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة إيجاد السبل لتعزيز العمل العربي المشترك، معتبراً أن “الخلافات، التي اتسع نطاقها في الأمة العربية، تعصف بوجودنا وقيمنا وآمالنا فالدوران في فلك الاختلاف الضيق سيرهقنا”.
وفي الموضوع الفلسطيني، رأى أن العالم العربي لن ينعم بالاستقرار والسلام ما لم تتخلى إسرائيل عن نزعتها العدوانية وتجنح إلى السلام، مشيداً بالجهود القطرية في مختلف المواضيع. وهنأ الصباح لبنان بتشكيل الحكومة ومصر بعودة الاستقرار متمنيا لهما الازدهار.
أما رئيس الوفد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، فقد دعا إلى تغيير ميزان القوى على الأرض في الصراع السوري، مشيراً إلى أن الأزمة هناك وصلت إلى أبعاد كارثية.
وأعرب عن استغرابه من عدم منح وفد “الائتلاف” مقعد سوريا في القمة العربية “كممثل للشعب السوري”، مشيراً إلى أن التحديات في سوريا تواجهها “مقاومة مشروعة خدعها المجتمع الدولي وتركها فريسة سائغة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سوريا”.
وندد بتحول سوريا إلى “مأساة مفتوحة تمارس فيها كل أنواع القتل والتدمير على أيدي النظام الجائر، تساهم في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة من كل حدب وصوب”. وإذ دان الأعمال الإرهابية، أكد أن السعودية لن تألو جهداً في التصدي للإرهاب.
وأشار إلى أن الممارسات الإسرائيلية تقوّض كل الجهود للتوصل إلى السلام.
وشدّد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على ضرورة التوصّل لمقاربة جديدة تنهي نزيف الدم السوري بعدما عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار بوقف إطلاق النار، مؤكداً ضرورة دعم الحكومة اللبنانية الجديدة ومساعدتها على تحمّل أعباء تزايد أعداد النازحين السوريين.
وقال العربي إنه “على الرغم من محاولات الأخضر الإبراهيمي إلا أن مفاوضات مؤتمر جنيف 2 وصلت إلى طريق مسدود بسبب تصلّب الحكومة السورية وانقسام المعارضة”، مشيراً إلى أن الإرهاب يهدّد كل دول المنطقة وعلينا مواجهته.
وشبّه العربي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بالـ “ابرتهايد الجديد”، مؤكداً أنه إذا لم تنسحب إسرائيل من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة لن ينعم العالم بالسلام، مشيراً إلى أن جهود واشنطن لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة في عملية السلام لذلك يجب البحث عن خيارات أخرى، داعياً إلى العمل الجدي لإنهاء الانقسام الفلسطيني وتكثيف تقديم الدعم لفلسطين اقتصادياً وسياسياً وإنسانياً، ومعتبراً أن “تمسّك إسرائيل بأسلحة الدمار الشامل وعدم التزامها بالمعاهدات الدولية يهددان الأمن الإقليمي العربي”.
ودعا إلى التعامل بشفافية وصراحة مع ما تشهده العلاقات العربية، معتبراً أن آليات الجامعة العربية لم تعد كافية لمواجهة تحديات العصر، آملاً أن توافق القمة على تنفيذ بعض الإصلاحات المطلوبة.
بدوره، دعا رئيس “الائتلاف الوطني السوري” المعارض أحمد الجربا إلى تكثيف الدعم للسوريين اللاجئين في الداخل والشتات، مشدداً على أن “الشعب السوري يواجه بالوكالة حرباً شرسة غايتها تركيع العرب”.
وأضاف أن “يبرود والقصير تشهدان الحرمات بسلوكيات طائفية”، متهماً الرئيس السوري بشار الأسد بتكفين مقرّرات “جنيف 2” بترشّحه لولاية رئاسية جديدة، ومطالباً الرؤساء العرب بالضغط على المجتمع الدولي من أجل الموافقة على التسليح النوعي للمعارضة، وتسليم السفارات في الدول العربية “للائتلاف” السوري بعدما فقد النظام شرعيته، معلناً أن “الائتلاف” يحرص على وحدة وسلامة السوريين.
وتابع: نحن مع “الجيش السوري الحر” ضد النظام في المعركة، معرباً عن استغرابه لإبقاء مقعد سوريا في القمة شاغراً، معتبراً أن هذا الأمر يشجّع الأسد على القتل فالرئيس السوري بشار الأسد “يترجم إبقاء مقعد سوريا في القمة العربية فارغاً بعبارة اقتل فالمقعد في انتظارك بعد حسم الحرب”.
وختم قائلاً:” لكلّ متردد نقول احسم نصرك والنصر صبر ساعة، ومن يشكك بقوة ثوارنا ليسأل جيش بشار وحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بعد أن سحقناهم في كسب. والنصر قريب بدعم المعارضة السورية”.
من جهته، ألقى المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في القمة، حيث شدد على أن الحل السياسي يبقى السبيل الوحيد للخروج من الأزمة السورية، داعياً إلى وقف تدفق الأسلحة إلى كافة الأطراف انطلاقاً من أن الحل لن يكون عسكرياً. وناشد الإبراهيمي “الائتلاف” التعاون مع موسكو والأمم المتحدة لتنفيذ قرارات جنيف.
وأشار إلى أن الشرق الأوسط بعد “الربيع العربي” بات أكثر تعقيداً مما كان عليه، مثمناً استضافة بعض الدول لأكثر من مليوني نازح سوري نتيجة الوضع الإنساني المتفاقم في سوريا.
وشدد على أن لبنان، المدعوم من المجتمع الدولي، معرّض بشكل خاص لتبعات الأزمة السورية.
أما في الموضوع الفلسطيني فأكد أحقية قيام “دولتين فلسطينية وإسرائيلية”، داعياً إلى تقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى حل ينهي الصراع.
من جهته، رأى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني أن الخطر الداهم هو في الشقاق والاقتتال المذهبي الذي لا فائز فيه، مشيراً إلى أن الجماعات المتطرفة اختطفت الإسلام فيما هو براء منها، مشدداً على أنه لا يمكن لأي دولة أن تواجه الإرهاب وحدها.
وأشار إلى أن التوصل إلى مقاربة تعايش جديدة يمثّل تحدياً جديداً، لافتاً الانتباه إلى الهجمة التي يتعرّض لها المسجد الأقصى في فلسطين.