ألقى محمد الفزازي أحد رموز المشايخ السلفيين في المغرب والذي كان محكوما بالسجن ثلاثين عاما بتهمة “الإرهاب” وأفرج عنه بعفو ملكي، خطبة الجمعة أمام الملك محمد السادس في حدث غير مسبوق.
ودامت خطبة الفزازي نحو ١٢ دقيقة في مسجد طارق بن زياد في مدينة طنجة شمال المغرب، ونقلها التلفزيون الرسمي بشكل مباشر على غرار خطب الجمعة التي ينقلها من المساجد التي يختار الملك أداء الصلاة فيها. وتطرق الخطيب إلى مبادرات الملك “الواحدة تلوى الأخرى والمشاريع الكبرى” التي دشنها “ليوفر الأسباب المحققة لتوفر هاتين النعمتين العظيمتين، نعمة أمن الناس على عقولهم وأرواحهم من كل عدوان أو تشويش يضر بقيم الأمة الدينية والأخلاقية، ونعمة الاستقرار الذي في ظله يتيسر المعاش”.
وبعد انتهاء الصلاة تبادل الفزازي حديثا وديا قصيرا مع الملك وفق مشاهد نقلها التلفزيون.
ومحمد الفزازي فقيه مغربي ولد سنة 1949، انكب على طلب العلم الشرعي، ثم بدأ ممارسة الخطابة الدينية العام 1976، وتمت تزكيته كخطيب رسميا في مدينة طنجة (شمال) في 1981. وقد ألف نحو 15 كتابا من بينها ما ينتقد فيه الديمقراطية، وما يصف فيه الصحافة ب”الملحدة” وما يتحدث فيه عن التكفير والجهاد مجادلا العلمانيين واليساريين وحتى بعض الإسلاميين.
واعتقل الفزازي بعد أسبوعين من تفجيرات ١٧ أيار/مايو ٢٠٠٣ التي شهدتها الدار البيضاء وخلفت ٤٥ قتيلا، ثم حكمت عليه المحكمة بالسجن ٣٠ عاما، بعد إدانته بالدعوة والتنظير للفكر الجهادي، الذي اعتبرته الدولة يومها سببا رئيسيا لتلك التفجيرات.
وفي غمرة الربيع العربي ومع اندلاع الاحتجاجات في المغرب بداية ٢٠١١ بمبادرة من “حركة ٢٠ فبراير” المعارضة التي كان من بين مطالبها “إطلاق سراح معتقلي الرأي”، نال الفزازي عفوا ملكيا ضمن مجموعة من نحو ١٠٠ إسلامي.
وبعد الإفراج عنه، قال إنه على يقين أن شباب “حركة ٢٠ فبراير” هم “فضلاء ونظيفون”، لكنه دعا الحركة إلى “تنقية صفوفها” ممن وصفهم “بدعاة الشذوذ والمدافعين عن حرية المعتقد والإفطار في رمضان”.
وما زال يقبع في السجون المغربية عشرات من السلفيين منذ تفجيرات الدار البيضاء، ولم يستفد هؤلاء من العفو نفسه رغم الوعود التي أطلقتها الحكومة التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي بمعالجة ملفاتهم. كما لا يزال عشرات من أعضاء “حركة 20 فبراير” وراء القضبان.