يجتمع في باريس اليوم (الأحد في ٣٠ آذار/مارس) وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وقد أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي بأن الاجتماع يأتي بعد أن أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة لبحث اقتراح دبلوماسي أميركي بشأن أوكرانيا.
يبدو التقديم منطقياً وفي عين الحدث الأوكراني الذي يشغل الغرب وروسيا، إلا أن ما لم تقله الناطقة هو أن «اللقاء سيشمل حزمة ملفات» تبدو متباعدة ولكنها مترابطة بشكل عضوي. كما نقل لـ«برس نت» مصدر ديبلوماسي من الذين يتابعون هذا الحدث عن قرب ومن المقربين من هذا اللقاء. يتابع المصدر بأن الملف الأوكراني مرتبط بقوة بالملف السوري وبالتالي بالملف الإيراني، إذا هو مهم للطرف السعودي وللطرف التركي ومن هنا يمكن القول إن الوضع في مصر لا يمكن أن يكون بعيدا عن هذه الحزمة.
ويؤكد المصدر بأن الاتفاق الأميركي الروسي الذي عقده الثنائي لافروف-كيري أصيب بضربة قوية بعد احتلال القرم، إلا أنه لم ينهار البتة. وبعد أن تم «مدّ الرأي العام بما يحفظ ماء الوجه الغربي» تعود الروح لتجري في مفاصل هذا الاتفاق الذي يعتبره المراقبون «تاريخياً».
الملف السوري بات اليوم طبقاً على مائدة النزاع بين المحور السعودي- المصري والمحور القطري -التركي وهما حليفان لواشنطن، من هنا يسعى كيري لتفعيل الاتفاق مع لافروف لإعادة ضبط اللاعبين الإقليميين. إذ أن موسكو رغم ما يبدو من عداء لموقفها العام بالنسبة للملف السوري فهي تملك أوراقاً كثيرة يمكنها أن تدفعها نحو عملية الضبط هذه. فالخطوط ما زالت ممدودة بين موسكو والرياض وظهر ذلك بقوة عبر زيارة رجل القاهرة القوي المشير السيسي لبوتين. فهو جاء حاملاً التمويل السعودي للتخفيف من الضغط الأميركي عليه.
وبوتين يستطيع الضغط اليوم على دمشق إما مباشرة إما عن طريق إيران التي هي بحاجة ماسة لدعم موسكو في مفاوضاتها حول الملف النووي. بالمقابل ما أن تنتهي الانتخابات البلدية في تركيا وينقشع ضباب النتائج يمكن لواشنطن أن تعيد الضغط على أنقرة، إما مباشرة أو عبر الحليف القطري الذي رمى دعم موقفه «التفاوضي» عبر عشرات المليارات من الدولارات على الأرض الأميركية في الأسابيع القليلة الماضية.
يقول الديبلوماسي «إن المفاوضات ستكون شاملة» (global) وتتجاوز أوكرانيا لأنه بدأ العد العكسي في الملف الأوكراني نحو التبريد بعد تأكيدات بأن الجيش الروسي لن يدخل المناطق الشرقية، ويتابع الديبلوماسي بأن كيروي ولافروف سيستغلان سخونة الملف الأوكراني لمقاربة شبه شاملة لملفات الشرق الأوسط الحامية. ولم يستبعد أن يطلب كيري من لافروف وساطة روسية لاقناع الفلسطينيين بتمديد المفاوضات بشروط يمكن تمريرها لدى الإسرائيليين.
غداً بعد اللقاء ستبدأ التسريبات التي سيتلهف وراءها الصحافيون ولكن أيضاً الديبلوماسية الأوروبية بشكل عام والفرنسية بشكل خاص إذ أن كل لقاء بين لافروف وكيري كان ينتهي باتفاق من وراء ظهر «الحلفاء». إنها عودة القطبية الثنائية.