أوكرانيا على شفير حرب أهلية
قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن كييف طلبت من موسكو بموجب ترتيبات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تفسيرا وتفاصيل عن مناوراتها العسكرية قرب الحدود خلال 48 ساعة.
وقالت الوزارة في بيان ردا على تصريحات لوزير الدفاع الروسي في وقت سابق الخميس معلنا عن تدريبات مرتبطة بالتوتر في أوكرانيا إن روسيا تحاول التأثير على جهود كييف في محاربة المتشددين في شرق البلاد.
وأضافت أن من حق أوكرانيا الحصول على إعلان للأهداف والتفاصيل الأخرى للتدريبات في غضون 48 ساعة من طلبها -الذي يحل قبل ظهر يوم السبت بتوقيت جرينتش- بموجب وثيقة فيينا الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وقالت الوزارة “إجراء تدريبات روسية قرب الحدود مع أوكرانيا لا يمكن إلا أن يثير مخاوف -خصوصا بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الروسي التي تتضمن تلميحا لا لبس فيه عن إمكانية دخول القوات الروسية أراضي أوكرانيا.
وكانت قوات أوكرانية قد قتلت ما يصل إلى خمسة مسلحين موالين لموسكو يوم الخميس مع اقترابها من معقل عسكري للانفصاليين في شرق أوكرانيا وردا على هذا بدأت روسيا تدريبات عسكرية بالقرب من الحدود مما أثار المخاوف من توغل القوات الروسية.
وعزز الكرملين قواته على الحدود مع أوكرانيا ويقول إن من حقه حماية الناطقين بالروسية إذا تعرضوا لتهديد. وكان هذا هو السبب الذي ساقته روسيا عند ضمها لشبه جزيرة القرم الشهر الماضي. ويقدر حلف شمال الأطلسي قوام القوات الروسية على الحدود بما يصل إلى 40 ألف جندي.
ودعا أولكسندر تيرتشينوف القائم بأعمال رئيس أوكرانيا يوم الخميس روسيا إلى سحب قواتها من على الحدود مع بلاده ووقف التدخل في الشؤون الخارجية لأوكرانيا وإنهاء “ابتزازها”. ووجه تيرتشينوف كلمة مقتضبة للأمة بعد إعلان روسيا بدء تدريبات عسكرية قرب الحدود ردا على التصعيد في أوكرانيا.
ومن المفترض بموجب اتفاق دولي تم توقيعه في جنيف الأسبوع الماضي ان تنزع الجماعات المسلحة غير المشروعة في أوكرانيا -والتي تضم متمردين مؤيدين لروسيا يحتلون أكثر من عشرة مبان عامة في شرق البلاد- أسلحتها وتعود أدراجها.لكن المسلحين لم يبدوا إشارة على الالتزام بالاتفاق وقالت وزارة الداخلية الأوكرانية الخميس إن قواتها المدعومة من الجيش أزالت ثلاث نقاط تفتيش تحرسها جماعات مسلحة في مدينة سلافيانسك التي يسيطر عليها الانفصاليون.
وقالت الوزارة في بيان “خلال اشتباك مسلح قتل ما يصل إلى خمسة إرهابيين.” وأضافت أن شخصا أصيب في صفوف القوات الحكومية. وذكرت متحدثة باسم الانفصاليين في سلافيانسك أن مقاتلين قتلا في اشتباك بنفس المنطقة شمال شرقي وسط المدينة.
وفي سان بطرسبرج قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن استخدام السلطات في كييف للجيش في شرق أوكرانيا سيكون جريمة خطيرة للغاية بحق مواطنيها.
وأضاف في لقاء مع وسائل اعلام اقليمية نقله التلفزيون أن هذه الخطوة ستكون “عملية عقابية وبالطبع سيكون لها عواقب بالنسبة لمن يتخذون هذه القرارات تشمل (التأثير) على العلاقات بين دولنا.”
وفي وقت لاحق ذكر متحدث باسم بوتين أن الأحداث في أوكرانيا تثير تساؤلات جدية بشأن شرعية انتخابات الرئاسة الأوكرانية المقررة يوم 25 مايو أيار.
وقال المتحدث دميتري بيسكوف للصحفيين “ما من شك في أن مثل هذا التطور كالتصرفات الإجرامية لهؤلاء في كييف .. يضع شرعية الانتخابات المقررة في مايو في موضع شك جدي.”
وشاهد صحفيون من رويترز كتيبة أوكرانية تشمل أربع ناقلات أفراد مصفحة تسيطر على نقطة تفتيش على طريق شمالي سلافيانسك في وقت سابق الخميس بعدما انسحب منها انفصاليون أحرقوا الإطارات لتأمين انسحابهم.
لكن القوات الأوكرانية انسحبت فيما بعد ولم يتضح إذا كانت كييف ستجازف باقتحام سلافيانسك التي يعيش فيها 130 ألفا وأصبحت معقلا عسكريا لحركة تسعى لانضمام شرق أوكرانيا إلى روسيا. وفي نقطة تفتيش أخرى أقامها الجيش الأوكراني قال جندي إن القوات موجودة لفرض النظام والقانون. وأضاف “إن هؤلاء الانفصاليين خرقوا الدستور ويعذبون البلاد.. خرقوا القوانين ولا يعترفون بسلطة الشرطة لذا اضطر الجيش للتحرك وسننهي ما بدأوه لذا فليساعدني الرب.”
ويواجه اتفاق جنيف الذي وقعت عليه روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي المصاعب بالفعل مع بدء كييف هجوما لاستعادة السيطرة على شرق البلاد.
ويتبادل الشرق والغرب القاء المسؤولية عن ضمان تنفيذ اتفاق جنيف على الأرض. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وقت سابق إنه بصدد فرض عقوبات جديدة على موسكو إذا لم تتحرك بسرعة لانهاء الصراع المسلح. ووصف بوتين العقوبات بأنها “مخزية” وقال إنها دمرت الاقتصاد العالمي لكن الضرر لم يصل إلى حد حرج حتى الآن.
وأعلن وزير الدفاع الروسي بدء تدريبات عسكرية قرب الحدود مع أوكرانيا حيث انتشر عشرات الالاف من الجنود ردا على “الآلة العسكرية الأوكرانية” وتدريبات حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا. واستعرضت موسكو قوتها الاقتصادية في أسوأ مواجهة بين الغرب والشرق منذ الحرب الباردة وأشارت إلى أن الشركات الأجنبية التي انسحبت من البلاد قد لا تتمكن من العودة. وقال مصدر في شركة الغاز الروسية جازبروم إنها طالبت كييف بمستحقات غاز قيمتها 11.4 مليار دولار.
وتتهم واشنطن موسكو بتأجيج الاضطرابات في الشرق. وتنفي روسيا الاتهام وترد بالقول إن أوروبا والولايات المتحدة تدعمان حكومة غير شرعية في كييف.
وقال أوباما إن الزعامة الروسية لا تلتزم بروح أو نص اتفاق جنيف حتى الآن.
وأضاف في مؤتمر صحفي أثناء زيارة لليابان “تأهبنا لاحتمال تطبيق عقوبات اضافية… هناك دائما احتمال أن تغير روسيا مسارها غدا أو بعد غد وتسلك اتجاها مختلفا.”
وحتى الآن فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قرارات حظر تأشيرات السفر وتجميد أصول لعدد قليل من الروس احتجاجا على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
وفي بولندا عضو حلف شمال الاطلسي وصلت أول مجموعة من نحو 600 جندي أمريكي يوم الاربعاء في إطار مساعي واشنطن لطمأنة حلفائها في شرق أوروبا الذين يشعرون بالقلق من حشد قوات روسية قرب حدود أوكرانيا. وأطلق تيرتشينوف العملية العسكرية في شرق البلاد يوم الثلاثاء بعد مزاعم تعذيب وقتل عضو في حزبه من سلافيانسك.
ودعا ناشط محلي من المعارضة الشرطة إلى كشف ملابسات مقتل فولوديمير ريباك العضو في حزب موال لكييف.
وقالت الحكومة الأوكرانية إن مبنى البلدية في بلدة ماريوبول اريوبول -الذي احتله انفصاليون مؤيدون لروسيا- عاد الى سيطرة الحكومة المركزية. وقال وزير الداخلية ارسن افاكوف ان رئيس البلدية عاد الى مكتبه.
لكن كييف تحدثت أيضا عن اطلاق نار مساء الاربعاء في جزء آخر بشرق البلاد حيث اصيب جندي اوكراني كما يحتجز انفصاليون مؤيدون لروسيا يسيطرون على مدينة سلافيانسك ثلاثة صحفيين بينهم المواطن الامريكي سايمون اوستروفسكي.
ومع تصاعد حدة التصريحات الصادرة من الولايات المتحدة بشأن فرض عقوبات جديدة أشد على موسكو أشارت روسيا يوم الخميس إلى أن الشركات الغربية التي انسحبت منها قد لا تتمكن من العودة.
وقال وزير الموارد الطبيعية الروسي سيرجي دونسكوي للصحفيين “من الواضح أنهم لن يعودوا في المستقبل القريب إذا أنهوا اتفاقات استثمار معنا.”
لكنه أضاف أن شركتي النفط الكبيرتين بي.بي ورويال داتش شل ملتزمتان بمشروعاتهما في روسيا.
وقد تكون إمدادات الغاز الروسي لأوروبا معرضة للخطر أيضا بسبب الأزمة في أوكرانيا.
وقال مصدر في شركة الغاز الروسية جازبروم إنها طالبت شركة الطاقة الأوكرانية نفتوجاز بفاتورة غاز إضافية قيمتها 11.4 مليار دولار وهو ما يزيد على خمسة أمثال فاتورتها السابقة.
وأضاف المصدر أن الفاتورة البالغة قيمتها 11.4 مليار دولار تأتي بالإضافة إلى 2.2 مليار دولار تدين بها نفتوجاز بالفعل للشركة الروسية عن إمدادات في 2013 و2014.
وزادت روسيا إلى المثلين تقريبا سعر الغاز الذي يباع لأوكرانيا اعتبارا من إبريل نيسان ولكن أوكرانيا التي تعاني أزمة اقتصادية ترفض الدفع.
ويجتمع مسؤولون أوروبيون وأوكرانيون في سلوفاكيا يوم الخميس في محاولة لبحث سبل تخفيف الضرر إذا توقفت إمدادات الغاز عبر أوكرانيا.
وينتشر وسطاء من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في شرق أوكرانيا ويحاولون إقناع المسلحين الموالين لروسيا بالعودة أدراجهم تنفيذا لاتفاق جنيف.
ولم يتسن لصحفيين من رويترز تأكيد وجود أي جنود روس أو قوات خاصة في المنطقة لكن كييف والقوى الغربية تقول إن هناك أدلة متزايدة على وجود روسي في الخفاء.
ووصف بوتين مزاعم وجود قوات روسية في شرق أوكرانيا بأنها “هراء”. وتقول موسكو إن الاضطرابات احتجاج عفوي لسكان يخشون أن تضطهدهم حكومة كييف التي تقول إنها غير شرعية