مدينة تبسة ترحّب بـ”مشاة” حركة بركات
انطلقت المسيرة التّي نادى إليها النّاشط “مسعود زغلامي” يوم الأربعاء ٧أيار/ مايو، وعشية الانطلاقة المعدّة لها، اتصل بنا هاتفيًا ليطلعنا أنّه تعرض لتحرشات من قبل أشخاص زعموا أنّهم ينتمون إلى عناصر الأمن. وقال لنا “مسعود زغلامي” إنّها ليست المرة الأولى التّي يتعرض فيها لمثل هذه المضايقات لكنّها تضاعفت خاصةَ عندما علم “هؤلاء الأشخاص” بأنّ بحوزته وثائق ومستندات هامة جدًا تخصّ عمليات فساد واسعة ويتورّط فيها أسماء “شخصيات كبيرة” في الدّولة وكذا بعض “البرلمانيين”. ويضيف “زغلامي” أنّ أولئك الأشخاص حاولوا إقناعه بالعدول عن فكرة المسيرة بل وحتّى عرضوا عليه اقتراحات لشراء ذمّته.
وأخبرنا “عزيز بكاكرية” أنّ: “الانطلاقة كانت بغياب “مسعود زغلامي” الذّي كان محتجزًا من قبل أفراد ادعوا أنّهم من أفراد الشّرطة، لكن تبيّن أنّهم مبعوثون من أحد بارونات التّهريب والنّصب والاحتيال الذي كان يسعى لإفشال المسيرة وانطلقنا على الساعة الثامنة وعشر دقائق.وتمّت المسيرة بنجاح، وتلقينا تشجيعًا كبيرًا من قبل المواطنين. وبعد سير 20 كلم، التحق السيد “مسعود زغلامي”، لكن بعد 10 دقائق تمّ توقيف سير المسيرة، وتوجيهنا إلى ثكنة للدرك ببلدية “عين فضة” (المتواجدة على حدود ولاية تبسة وعلى بعد 20 كلم من بلدية مسكيانة لولاية أمّ البواقي)”.
ويضيف “بكاكرية” أنّ الدّرك الوطني قاموا بـ: “الاستماع الى مجموعة من التّجاوزات والفضائح والمشاكل التّي تعاني منها تبسة، ووعد بإيصال جميع مشاكلنا الى السلطات العليا في تبسة وعلى المستوى الوطني. وقمنا بتأجيل سير المسيرة إلى حين وإعطائهم مهلة لدراستها والبدء في تحقيقات معمّقة. وننوّه بمستوى راق وقمّة في المهنية في التّعامل معنا وتفهم مشاكل ولاية تبسة من قبل قيادات الدّرك الوطني ولهم جزيل الشّكر”.
وقال “زغلامي” إنّهم سيعطون المهلة الكافية للتّحقيق في كلّ القضايا التّي طرحوها، وفي حال ما لم تسفر التّحقيقات عن شيء، سيعاودون إطلاق المسيرة لغاية بلوغ مرادهم”. وكان للمسيرة وقع في كثير من الولايات لدى الشّباب بحيث، حسب المعلومات التّي وصلتنا، تبيّن أنّه خرج العديد منهم في كلّ من مستغانم وسوق أهراس ومدن أخرى للانضمام إلى المسيرة إلاّ أنّه تمّ إرجاعهم إلى مقرّ سكناهم.
أيامًا قلائل بعد فوز “عبد العزيز بوتفليقة” في الانتخابات لعهدة رابعة، بدأت بوادر التّظلمات والاحتجاجات تظهر من هنا وهناك، ليس فقط من طرف الشّباب وحدهم، بل ومن كافة الأطراف الاجتماعية الأخرى، فالأمر الوحيد الّذي يتطلّع إليه الشّارع الجزائري في الوقت الحالي هو التّغيير الفوري والطّارئ لاسيما على المستوى المعيشة الاجتماعية والاقتصادية والاحترام الكامل لحقوق المواطن الجزائري.
وفي طريقنا نحو حيّ “سيتي مالكي” ببن عكنون، لاحظنا أنّ مظاهر الحملة الانتخابية لا زالت تشهد عليها حيطان الحيّ، واعتلتنا ابتسامة ونحن متواجدون مرّة أخرى أمام لاصقة حزب “تاج” (تجمع أمل الجزائر)، واستوقفتنا هذه المرّة، عبارات الحملة: “من أجل جزائر قويّة، آمنة ومستقرة”! العبارة جميلة، لكن الشّارع يحتاج إلى “أفعال” لا “أقوال” تذرّها الرّياح.
فـ”قوّة وأمن واستقرار” الجزائر لا تتحقّق إلاّ بإعادة الكرامة للشّعب الجزائري، فكيف يهنأ لدولة ما الحديث عن “القوّة والأمن والاستقرار” إذا كانت بعض الأمهات والعجائز والأسر “تتسوّق” وتبحث عن شيء تقتات به داخل حاويات القمامات بحيث مصروفها الشّهري لا يتعدى 5000 دينار جزائري شهريًا (أي ما يعادل 50 أورو شهريًا!) أو أقل بكثير من ذلك، بل المصيبة العظمى أنّ البعض لا يملك حتّى أيّ مصروف شهري! في الوقت الذّي يتقاضى البرلمانيون وشخصيات الدّولة والدبلوماسيون وغيرهم أجورًا شهرية تتجاوز 500000 دينار جزائري (أي ما يعادل 5000 أورو شهريًا!) بل وحتّى أكثر من ذلك فيبدو أنّ بعضهم، حسب المعلومات التّي تحصّلنا عليها، يتقاضون أكثر من 1000000 دينار جزائري (أي ما يعادل 10000 أورو شهريًا!) أو أكثر، في حين أنّ المستوى الأدنى للأجور هو حبيس الخطّ الأسود المحدّد بـ 18000 دينار جزائري شهريا (أي ما يعادل 180 أورو شهريًا!) وهذه إهانة وجريمة في حقّ العامل والموظّف، كيف لا؟ والجزائر تعدّ من بين أغنى البلدان، بل 20 مرة أغنى من فرنسا وبإمكانها ليس فقط شراء “البوركينا فاسو” بل جميع بلدان إفريقيا وحتّى فرنسا وجميع ديون أوروبا.
وفي هذا الوقت، كان “عمار سعداني”، الأمين العام لحزب جبهة التّحرير الوطني، يتناول قطع “القاطو” (كما لو أنّ الجزائر أصبحت كعكة “قاطو” يتقاسمونها!) في مطعم “مونكادا” ببن عكنون يوم الأربعاء 29 أفريل الماضي حيث استدعى الصّحافيين للاحتفال بيوم حرية الصّحافة. و”عمار سعداني” متهم بحيازته أموالاً طائلة (حوالي 300 مليون أورو) في أحد البنوك الفرنسية إلى جانب عقارات في أرقى أحياء باريس تحصل عليها بطرق غير شرعية، حسبما نقلته العديد من الصّحف والجرائد الوطنية والأجنبية. و”عمار سعداني” يتباهى دائمًا بأجندة علاقاته مع العديد من الشّخصيات والمؤسسات والمنظمات الاجتماعية كعلاقته مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين، إذ كان من قبل عضوًا فيها، كما أنّه صرّح في العديد من المناسبات بأنّه سيظّل دائمًا “إلى جانب العمال”!
ونحن نتساءل، بما أنّ “سعداني” يجيد تحريك عصا “علاقاته” (مهنية كانت أو حميمية!) أفلا يعتقد أنّه آن الآوان لعرض رفع مستوى الأدنى للأجور إلى 180000 دينار جزائري شهريًا (أي ما يعادل 1800 أورو شهريًا) على الأقل (وأنا أقول “على الأقل” لأنّ الجزائر أغنى من فرنسا بعشرين مرة مماثلة) بدل “التطبيل”؟ فالتّطبيل و”الشطيح” و”الرديح” (أي الرّقص) الكلّ يجيد القيام به…
فهل من مجيب؟ ومن يستجيب لردّ الاعتبار لكرامة المواطن الجزائري؟ أم أنّه “لا حياة لمن تنادي”؟