- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

صباح الخير ايها الحالم.. القهوة بانتظارك

بقلم زاهر العريضي

حين يمتزج الحلم بالواقع يصبح  الحلم هو الواقع، فنحلم خلال الحلم، وننام في الحلم.

هنا الدهشة في هندسة عوالم افتراضية بكل واقعية لتصبح المخيلة فعل ابداع مشوق تتراءى فيها المشاهد غير المتوقعة في عملية مبسطة فيها الكثير من التعقيد والأبعاد الخرافية.

أحياناً، لا تخلو من المتعة والانبهار الذي يتكون من حاجة مقموعة في كينونتنا المغامرة والمهادنة في آن واحد.

هذه الشعرة هي الخط الوهمي الذي يفصل بين عوالم مختلفة ومتجانسة. متناقضة ومتشابهة تجعلنا نتغلغل في العمق بعد انفصام مرهق نعيشه، فتصبح الهوة فجوة معمقة بين إدراكنا ورغباتنا وتخيلاتنا وحاجاتنا.

يتصارع الإبداع والخلق مع الموروثات والمسلمات والعادات والجماد والسلطة في هيكيلية تحمل قيما عشوائية.

هي معطيات حديثة ومفاهيم تكنولوجية في اختناق المنظومات القديمة..

في اختناق الشعارات المقددة والأفكار العفنة داخل حلقات مفرغة لا تنتج سوى البؤس، والتقوقع والانحطاط،

في فعل الزمن الذي يعبر على سكة قطار سريع.

في هذا القطار العابر كفعل جنون وفوضى  يسابق الريح والغيم والضوء.

الأشجار التي تنتظر مروره تضيف إليه مشهدا عبر نافذة. يتداخل الحلم في موجات تشبه الهلوسات فتشعل البخور داخل الغرفة وتحتسي القليل من النبيذ، وتشاهد فيلما تتناغم معه بشكل تصادمي فيخرج مساره الى سريرك،

تحاول التحكم في شخصياته لتصبح داخل مضمونه بوجوه متعددة. يرن الهاتف ليفصلك عن كل هذه الترهات، كما تفصلك اليقظة عن حلم ممتع فتشعر بخيبة كبيرة، كما تشعر بالفشل مرة أخرى أمام الكثير من الانتصارات والمتعة التي كنت تسكن فيها.

الوهم قصة ممتعة، والحزن فعل حاجة، والألم مسار اللذة.

لكن بماذا تحلم الآن نعجز؟ عن استدرك ذلك بدقة لأن في البوح نصف الكلام.

من يسكن في هذا الفضاء ليس في ذلك سر غريب.

ومن يكتب فوق الغيم لا تخدعه الغيوم العابرة، لكنه ربما ينتظر أيضا هطول المطر ليخرج الضباب من نظراته.

يحمل المنظار، يحرك العدسة، يثبتها، بدقة يرى الجهة الأخرى يكتشف المسافات الوهمية في رأسه، فيشعل سجائره ويفتح بابا مغلقا في قلبه، ويسقط من قمة شاهقة فيصرخ.

يكتشف للمرة الثانية والثالثة ربما للمرة الهاربة من يديه انه يحلم. لكنه الآن يجلس على مقعد عتيق يحمل كتابا ويقلب صفحاته ويغرق بين السطور.

تفاصيل وجهه بين ابتسامة يحبسها خوفا من أن تهرب من فمه وشرود يحمله الى أماكن يعرفها.

يسأل ظله الممدد على الأرض قربه: متى سنتصالح؟ يرد له الجواب بجواب: من منا الوهم ومن الحقيقة؟

يقهقه الصدى على الحماقة التي تحدث هنا. ويغرقا في ذهول… هل ما زلت تفقد الدهشة؟ ربما.

ينظر الى الفراغ، يختنق. يبحث في جيبه عن ذكريات جميلة، عن زمن مضى، عله يملأ هذه الوحدة بقليل من الحكايات.

يمشي الى الماضي يظن انه يتقدم. يعبر جسورا ومسافات. يتجول في الوقت الضائع من وجوده، يحتسب الدقائق. سنوات تمر قربه، يمد يده ليلتقطها، يطاردها يطاردها.

يسمع الصدى في.. أنت هنا…

وجه يعرفه بوضوح. هل تسمعني، أين انت؟  الموج يصطدم في الصخور، قبلة تطبق فمه. همس في أذنيه.

صباح الخير ايها الحالم، القهوة بانتظارك.