- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان: انتظر رئيسا فجاءه أميرٌ “داعشي”

Capture d’écran 2014-06-30 à 12.07.40معمر عطوي

أن تعلن “الدولة الإسلامية في العراق والشام” الخلافة من أرض الخلافة العباسية والأموية بين الشام والعراق، ليصبح إسمها “الدولة الإسلامية”، وتعلن إسم عبدالسلام الأردني أميراً على لبنان، فهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على حجم مشروع هؤلاء الإرهابيين الذي سبقونا بأشواط في بناء الدولة.

اللبنانيون ومنذ أكثر من عقود لا ينتخبون برلماناً ولا رئيساً ولا حتى مجالس بلدية إلاّ بعد مجيء كلمة السر من الخارج. وما أكثر اللاعبين على رقعة شطرنج لبنان من دول خليجية وشقيقة وعدوة وأخرى تتحكم بعملائها في الداخل بواسطة جهاز تحكم من وراء البحار أو من خلف كثبان رمل الصحاري.

“الدولة الإسلامية” التي أصبح اختصارها “دا” بدلاً من “داعش”، لديها مجلس شورى وخليفة وأمراء ولايات وأمراء “جهاد” ومقاتلون، وباتت تحكم منطقة تمتد من الحدود التركية في الموصل مروراً بالرقة ودير الزور إلى حدود الأردن غرباً وعلى مشارف عاصمة الرشيد جنوباً. بمعنى أن مساحة هذه المنطقة قد تفوق لبنان بأضعاف. ومع ذلك استطاعت أن ترسّخ أقدامها: بدعم خفي من أجهزة عالمية، أو بغض نظر من أنظمة مستفيدة، أو بتعاطف شعبي وجد فيها حليفاً للانتقام من الحاكم الظالم؛ كل هذا لا يهم.

المهم أن هذا التنظيم الإرهابي عبّأ فراغاً سياسياً واجتماعياً واستغل ثغرة مذهبية كبيرة صنعها الحاكم في سوريا والعراق ليحوّل معركة المطالب المحقة الى معركة ضد الإرهاب، فانقلب السحر على الساحر.

من المؤكد أن هذا التنظيم لولا شعاراته المتطرفة وتكفيره لكل من لا يعتقد بمنظومته الفكرية “الجهادية” لكان كسب قلوب ملايين العرب، كما استطاعت “القاعدة” و”طالبان” كسب قلوب الأفغان والباكستانيين في مرحلة من المراحل. ولكان استطاع ان يحل محل الفراغ المتولد من سوء استخدام السلطة لدى الكيانات السياسية المتناحرة في المنطقة.

مع ذلك مقتل “الدولة الإسلامية سيكون في تطرفها وتشددها وتركيزها على القشور وترك الأمور الأساسية التي تهم المواطن. وليس بقذائف طائرات بلا طيار، ولا بجنود نور المالكي، أو بشار الأسد.

فالشعب العربي الذي أصيب بداء “التمسحة” ازاء ظلم الحاكم، حين نهض جاء من يصادر ثورته ومن يغيّر اتجاهها. لقد عمل الغرب على تحويل معركة الحريات والكرامة ورغيف الخبز الى مكب نفايات القى فيه كل ما لديه من “دواعش” و”جهاديين” ليتخلص منهم في ارضنا بما حملوه من مواد سامة وملوثة. كما حوّل الغرب بالتنسيق مع الاستبداديات الحاكمة، المعركة السلمية الراقية للتغيير الى معركة مسلّحة، فشوه الثورات وحولها الى آداة ليسخر من وعينا السياسي.

زجت الاستخبارات واستدرجت الى نار فتنتها المذهبية، أشرف ظاهرة تحررية وأقوى الثورات العربية؛ المقاومة بفرعيها الفلسطيني واللبناني دخلت في اتون حرب ليست من شانها، ووقع المستحيل من الكارثة، بينما كان لبنان يحتضر لا هو قادر على انتخاب رئيس ولا هو قادر على تجديد المجلس التشريعي بانتخاب نواب جدد، ولا هو حتى قادر على تشكيل حكومة إلاّ بعد سقوط عشرات القتلى في معارك الأمم.

لقد جاءنا مجموعة من المتخلفين ليعينوا لنا أميراً من خارج لبنان على طريقة المندوب السامي الفرنسي أو بول بريمر الأميركي. فتبين اننا نحن المتخلفون إذ من الخطورة أن يكون “انتصار هؤلاء” بسبب ضعفنا وظلمنا ومطامعنا الشخصية والفئوية؟!.