برازيل تودع المونديال بهزيمة ٣ – صفر
عمقت هولندا جراح البرازيل المضيفة وثبتت خروجها من الباب الخلفي لمونديال 2014 لكرة القدم بفوزها عليها 3-صفر السبت في مباراة تحديد المركز الثالث على ملعب “مانيه غارينشا الوطني” في برازيليا.
وجاءت الخسارة البرازيلية بعد الاخيرة المذلة في نصف النهائي امام المانيا 1-7 الثلاثاء الماضي، لتسقط في مباراتين متتاليتين على ارضها لاول مرة منذ عام 1940 امام الارجنتين صفر-3 والاوروغواي 3-4، وتنهي المونديال الاسوأ لها دفاعيا في تاريخ مشاركاتها اذ اهتزت شباكها 14 مرة، واصبحت اكثر دولة مضيفة تستقبل هذا الكم من الاهداف، والاولى منذ بلجيكا في 1986 تهتز شباكها 14 مرة او اكثر (تلقت بلجيكا 15).
وهذه المرة الاولى التي تحل فيها هولندا، وصيفة 1974 و1978 و2010، في المركز الثالث بعد خسارتها في مباراة الترضية امام كرواتيا 1-2 في 1998، فيما حلت البرازيل ثالثة في 1938 على حساب السويد 4-2، وخسرت في 1974 امام بولندا صفر-1 وفازت على ايطاليا 2-1 في 1978.
وانهت هولندا مشوارها من دون ان تتعرض للخسارة، ففازت في خمس مباريات وتعادلت مرتين مع كوستاريكا في ربع النهائي والارجنتين التي تغلبت عليها بركلات الترجيح في نصف النهائي الاربعاء وتحتسب نتيجتها بمثابة التعادل.
ودخل المنتخبان الى نهائيات النسخة العشرين وكل منهما يمني النفس باحراز اللقب العالمي لكنهما تعرضا لخيبة امل بخروجهما من الدور نصف النهائي، فالبرازيل كانت تحلم بتعويض خيبة 1950 حين خسرت النهائي على ارضها امام الاوروغواي، وهولندا الى الصعود درجة اضافية على منصة التتويج بعد ان كانت قاب قوسين او ادنى من احراز اللقب العالمي الاول في تاريخها قبل ان يسقطها الاسباني اندريس انييستا بهدف قاتل قبل دقائق معدودة على نهاية الشوط الاضافي الثاني من نهائي 2010 في جنوب افريقيا.
وبدت هولندا مستعدة اكثر من اي وقت مضى لكي تفك عقدتها مع النهائيات العالمية بقيادة مدرب محنك بشخص لويس فان غال وبتشكيلة متجانسة بين مخضرمين وشبان واعدين.
بدأت هولندا مشوارها في النهائيات باستعراض ناري امام اسبانيا حاملة اللقب وثأرت شر ثأر من الاخيرة باكتساحها 5-1، لكنها عادت بعدها لتعاني بعض الشيء امام استراليا (3-2) ثم فازت على تشيلي في مباراة هامشية للمنتخبين (2-صفر) قبل ان تتخلص من المكسيك في الدور الثاني بصعوبة بالغة 2-1 بعد ان كانت متخلفة حتى الدقيقة 88.
وفي الدور ربع النهائي، قدم الهولنديون اداء هجوميا رائعا امام كوستاريكا لكن الحظ والحارس كيلور نافاس وقفا بوجههم ما اضطرهم للجوء الى ركلات “الحظ” الترجيحية التي اثبت فيها فان غال انه مدرب استثنائي بالدفع بالحارس البديل تيم كرول الذي انقذ ركلتين ترجيحيتين.
اما البرازيل فحققت فوزا صعبا على كرواتيا 3-1 بركلة جزاء كريمة من الحكم الياباني يويتشي نيشيمورا الذي كان حكما رابعا في مباراة السبت، ثم تعادلت مع المكسيك من دون اهداف قبل ان تتغلب على الكاميرون الضعيفة 4-1 وتتصدر مجموعتها الاولى. وفي الدور الثاني عانت الامرين قبل ان تتخطى تشيلي بركلات الترجيح عندما تألق حارسها جوليو سيزار وابعد كرتين. وفي ربع النهائي كان المنعطف الكبير فخلال فوزها الصعب على كولومبيا 2-1، تعرض هدافها نيمار الى كسر في احدى فقرات ظهره بخطأ عنيف من الكولومبي خوان تسونيغا، واوقف قائد دفاعها ثياغو سيلفا عن نصف النهائي لنيله بطاقة صفراء ثانية، فخاضت نصف النهائي ناقصة وتعرضت لاقسى خسارة في تاريخها امام المانيا 1-7.
واقيمت المباراة من دون شد عصبي على غرار مباريات المركز الثالث في تاريخ النهائيات، خصوصا بعدما طالب قان غال بالغائها لغياب الحافز وخصوصا اذا كان الطرفان من عيار البرازيل وهولندا.
وهذا الفوز الثاني لهولندا على البرازيل في اربع مواجهات في كأس العالم، الاولى تعود الى عام 1974 حين فازت هولندا يوهان كرويف 2-صفر في الدور الثاني، والثانية عام 1994 حين فازت البرازيل 3-2 في ربع النهائي، والثالثة عام 1998 حين خرجت البرازيل فائزة في نصف النهائي بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الاصلي والاضافي.
وتواجه الطرفان في 8 مباريات ودية، فاز كلاهما باثنتين وتعادلا في اربع.
واجرى المدرب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري 6 تغييرات على التشكيلة التي سقطت امام المانيا، فعاد المدافع سيلفا الموقوف بدلا من دانتي، ودفع بلاعب الوسط راميريش بدلا من هولك والمهاجم جو على حساب فريد، كما استبعد الظهير الايسر مارسيلو لحساب ماكسويل ولاعب الوسط فرناندينيو بباولينيو والمهاجم الشاب برنارد بويليان.
اما فان غال، فابقى على تشكيلة نصف النهائي باستثناء جوردي كلاسي بدلا من نايجل دي يونغ الذي لم يتعاف بشكل كامل من اصابة في الحالبين، برغم انه ارتاح يوما اقل من البرازيل وخاض 120 دقيقة وركلات ترجيحية. وبدت اثار الارهاق عندما تعرض صانع اللعب ويسلي سنايدر لاصابة عضلية في فخذه خلال عملية الاحماء فغاب ودخل بدلا منه جوناثان دي غوزمان.
وتواجد المهاجم البرازيلي نيمار الذي تعرض لكسر في احدى فقرات ظهره على مقاعد البدلاء. ومشى نيمار بروية وجلس على المقعد قبل ان يوجه تحية للجماهير البرازيلية. ولم يكد يمر على انطلاق المباراة سوى دقيقة و26 ثانية، سلم ارين روبن الكرة برأسه لروبن فان بيرسي فروضها الاخير واعادها للاعب بايرن ميونيخ الالماني المنطلق بسرعة صاروخية فتجاوز ثياغو سيلفا العائد من الايقاف واضطر الاخير لعرقلته خارج المنطقة بمسافة قليلة، ليحتسب الحكم الجزائري جمال حيمودي ركلة جزاء وينذر سيلفا الذي كان المدافع الاخير اثناء الخطأ.
وتولى روبن فان بيرسي ترجمة ركلة الجزاء بيسراه قوية عالية في الزاوية اليسرى لمرمى الحارس جوليو سيزار الذي ارتمى الى الزاوية عينها، لكن قوة كرة مهاجم مانشستر يونايتد الانكليزي حرمته من الوصول اليها (3)، فسجل هدفه الرابع في ست مباريات، وهي عاشر محاولة ناجحة على التوالي لهولندا من نقطة الجزاء (باستثناء ركلات الترجيح) في النهائيات.
وكان هدف فان بيرسي الرقم 100 يهز شباك البرازيل في 20 مشاركة متتالية في كأس العالم.
وتابع روبن احد نجوم النهائيات تلاعبه بالدفاع فمرر كرة على الجهة اليمنى الى دي غوزمان الذي رفعها فوق رأس سيزار ليشتتها دافيد لويز برأسه وصلت الى الظهير الايسر دالي بليند، فروضها على دفعتين جميلة واطلقها بيمناه في المقص الايسر للمرمى الاصفر مسجلا الهدف الثاني وسط صدمة الجماهير البرازيلية (17). وهذا الهدف الدولي الاول لبليند (24 عاما) مع منتخب هولندا في 19 مباراة، فيما اهتزت شباك البرازيل 9 مرات من اصل 13 في الدقائق الثلاثين الاولى.
وانتظرت البرازيل حتى الدقيقة 21 لتحصل على فرصتها الحقيقية الاولى عندما راوغ اوسكار بمفرده واطلق تسديدة ارضية التقطها الحارس ياسبر سيليسن من دون خطورة.
ومن الجهة اليمنى هدد روبن منطقة البرازيل وعكس عرضية ارضية الى دي غوزمان الذي سددها عالية فوق المرمى (29).
وبحثت البرازيل عن تقليص الفارق، فمن صربة حرة لاوسكار النشيط سدد لويز غوستافو برأسه ومرت الكرة خطيرة امام المرمى البرتقالي من دون ان يدركها اي لاعب برازيلي (38).
وبين الشوطين، اجرى سكولاري تبديله الاول فدفع بلاعب الوسط فرناندينيو بدلا من لويز غوستافو.
واهدرت هولندا فرصة بعد تسديدة يسارية من روبن ابعدها الدفاع، لكن جورجينيو فينالدوم عجز عن متابعتها برأسه من مسافة قريبة (50).
ودفع سكولاري بلاعب الوسط هرنانيس بدلا من باولينيو الذي خرج على وقع صافرات الاستهجان (57).
وسنحت بعدها فرصة مناسبة لتقليص الفارق للبرازيل، فهيأ راميريش لاعب تشلسي الانكليزي الكرة لنفسه وسدد بيمناه من حدود المنطقة امام المرمى المكشوف لكن كرته مرت بجانب القائم الايمن (60)، لعب بعدها دافيد لويز، الذي سجل من ضربة حرة في مرمى كولومبيا، ركلة ثابتة التقطها سيليسن (63).
واخترق اوسكار المنطقة فتصدى له بليند ليسقط لاعب وسط تشلسي في المنطقة، لكن حيمودي انذره ولم يحتسب ركلة جزاء، فيما اصيب مدافع اياكس امستردام بركبته جراء الاحتكاك وخرج على حمالة ليدخل بدلا منه الجناح داريل يانمات، فاعاد فان غال تمركز الظهير الايمن ديرك كاوت الى الجهة اليسرى (68). وهذا اول انذار في المونديال بسبب الغطس في المنطقة منذ الهولندي غريغوري فاندر فيل في نسخة 2010.
واجرى سكولاري تبديله الاخير دافعا بهولك، الذي لم يسجل اي هدف في المسابقات الرسمية، بدلا من راميريش فقابله الجمهور ايضا بالصافرات (73)، قبل ان يسدد بعد تمريرة من جو كرة عالية من زاوية المنطقة (75).
ولم يتغير سيناريو الدقائق الاخيرة، وبقيت البرازيل عاجزة عن انتزاع الكرة من اللاعبين الهولنديين، واكتفت بشن الهجمات من ملعبها بعد فقدانها من روبن ورفاقه.
وفي الوقت بدل الضائع، انطلق يانمات على الجهة اليمنى ومرر من حافة المنطقة الى فينالدوم الذي سدد مباشرة بيمناه من حدود المنطقة الصغرى كرة ارتدت من قدم سيزار الى داخل الشباك، مسجلا هدفه الاول في النهائيات (90+1).
وفي اللحظات الاخيرة دفع فان غال بالحارس الثالث ميشال فورم بدلا من سيليسن الذي اصبح اول حارس يستبدل مرتين في نسخة واحدة، وهولندا اول دولة تشرك 23 لاعبا في نسخة واحدة من المونديال، ليحتل منتخب البلاد المنخفضة المركز الثالث مختتما مشواره لاول مرة في تسع مشاركات بتحقيق الفوز، فيما انهت البرازيل مشوارها المؤلم في المركز الرابع وسط صافرات متواصلة وخيبة امل قد تخيم على اللعبة الاكثر شعبية في البلاد لفترة طويلة.