أوكرانيا: روسيا تمرر قافلة المساعدات بالقوة
قالت أوكرانيا يوم الجمعة إن روسيا شنت “غزوا مباشرا” لأراضيها بعدما أمرت موسكو قافلة شاحنات تنقل المساعدات بعبور الحدود إلى شرق أوكرانيا حيث يقاتل متمردون موالون لموسكو القوات الحكومية.
وحذرت موسكو التي أرسلت الآلاف من جنودها إلى الجانب الروسي من الحدود مع أوكرانيا من أي محاولة “لاعاقة” القافلة التي قالت إنها عملية إنسانية بحتة لكنها لم توضح التصرف الذي قد تقدم عليه إذا تدخلت كييف عسكريا.
وحث الاتحاد الأوروبي روسيا على التراجع عما وصفه بأنه انتهاك واضح للحدود الأوكرانية.
ووصف الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو دخول الشاحنات دون اذن كييف بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي”.
لكن مسؤولا أمنيا كبيرا أعلن أن القوات الأوكرانية لن تهاجم الشاحنات وأنها سمحت لها بالدخول رغم عدم الحصول على تصريح ملائم تجنبا “للاستفزازات”.
وتسببت الأزمة الأوكرانية في تراجع العلاقات بين موسكو والغرب إلى أسوأ مستوى منذ الحرب الباردة حيث فرضت دول غربية عقوبات اقتصادية على روسيا ورد الكرملين. وأرسل حلف شمال الأطلسي مزيدا من القوات للدول الأعضاء الواقعة على الحدود مع روسيا مثل دول البلطيق وبولندا.
ودعت كييف الشركاء الدوليين لإتخاذ موقف موحد و”إدانة تصرفات روسيا العدوانية غير المشروعة.”
وقال بوروشينكو إن ما يربو على 100 شاحنة عبرت الحدود وبعضها خضع للتفتيش في وقت سابق من قبل مسؤولين أوكرانيين داخل الأراضي الروسية. وقال مسؤولون أوكرانيون آخرون إن 34 أو 35 شاحنة فقط خضعت لتفتيش ملائم.
وفي إشارة إلى شكوك سابقة لدى كييف بشأن إمكانية استخدام شحنة المساعدات لدعم الإنفصاليين قالت وزارة الخارجية “لا يعلم الجانب الأوكراني ولا اللجنة الدولية للصليب الأحمر محتوى الشاحنات. يثير هذا قلقا خاصا.”
وأضافت أن عبور الشاحنات الروسية الحدود إلى داخل أوكرانيا بدون تصريح “يشهد على الطبيعة المتعمدة والعدوانية لتصرفات الجانب الروسي.”
وقال شاهد من رويترز إن الشاحنات عبرت إلى داخل الأراضي الأوكرانية وتوجهت إلى معقل المتمردين في لوجانسك برفقة عدد ضئيل من المقاتلين الإنفصاليين.
ووقف ميخائيل دنيكين رئيس مجلس القرية في ازفارينو على الجانب الأوكراني من الحدود يلوح بعلم روسي كبير مع مرور الشاحنات أمامه.
وقال لتلفزيون رويترز “شكرا جزيلا لروسيا. لم ينسانا أشقاؤنا. نحن أشقاء. وهذا هو أهم شيء.”
وقال شرطي مرور على الجانب الروسي من الحدود كان يرافق القافلة في الأراضي الروسية إن القافلة بالكامل -نحو 260 شاحنة- عبرت الحدود إلى داخل أوكرانيا. وأضاف أن من المحتمل عبور الشاحنات الحدود مرة أخرى للعودة إلى روسيا مساء الجمعة بعدما تفرغ شحنتها.
وقال رئيس جهاز أمن الدولة فالنتين ناليفاتشينكو في تصريحات للصحفيين “نعتبر هذا غزوا مباشرا من روسيا لأوكرانيا.”
وردا على سؤال عما إذا كانت أوكرانيا ستشن غارات جوية على القافلة قال “ضدهم.. لا”.
لكن السلطات الأوكرانية قالت إن القافلة ستمر من منطقة يطلق المتمردون النار منها ولذلك لا يمكن ضمان أمنها. وقالت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء في وقت لاحق إن أول شاحنات قافلة المساعدات وصلت إلى لوجانسك.
وأعلنت منطقتا دونيتسك ولوجانسك الاستقلال بعد استفتاء وصفته كييف بأنه غير شرعي. وشهدت المنطقتان اللتان يتحدث معظم السكان فيهما الروسية قتالا شرسا في الأسابيع القليلة الماضية مع طرد المتمردين وتمركزهم في جيوب.
وكانت موسكو التي تنفي اتهامات بتقديم دعم عسكري للتمرد في شرق أوكرانيا قد عبرت عن نفاد صبرها إزاء تأخير القافلة التي غادرت منطقة موسكو يوم 13 أغسطس آب تقريبا.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان “استنفدت كل أعذار تأخير ارسال المساعدات… الجانب الروسي اتخذ قرارا بالتحرك.”
وأضافت “نحذر من أي محاولات لاعاقة هذه المهمة الإنسانية الخالصة.. ستقع مسؤولية أي عواقب استفزازية محتملة.. تماما وبالكامل على من هم مستعدون للتضحية بالمزيد من الأرواح لصالح طموحاتهم وحيلهم السياسية.”
* الصليب الأحمر لا يرافق القافلة
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كانت موسكو وكييف اتفقتا على أن تشرف على القافلة إنها لا ترافق قافلة المساعدات الروسية “نظرا للوضع الأمني المضطرب”.
وقال سيباستيان برابانت المتحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إن دخول الشاحنات يتعارض مع الترتيبات المتفق عليها مع الصليب الأحمر.
وأضاف “هذا انتهاك واضح للحدود الأوكرانية. ندعو روسيا للعدول عن قرارها.”
وترسل كييف الجنود والمدفعية والطيران في محاولة لقمع تمرد إنفصالي بدأ بعد وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها في مارس آذار. ولحقت سلسلة هزائم بالمتمردين خلال الأسابيع القليلة الماضية في الصراع الذي قتل فيه أكثر من ألفي شخص.
وعبرت كييف وعواصم غربية عن مخاوف من أن القافلة قد تستغل كذريعة لشكل من اشكال التدخل الروسي العسكري المباشر.
وتنفي روسيا هذا الاتهام وتصفه بأنه عبثي.
وقال مصور من رويترز إن رؤية محتويات بعض الشاحنات يوم الجمعة كانت ممكنة. واحتوت الشحنات على صناديق للطعام المعلب وزجاجات مياه معدنية ومولدات كهرباء وإمدادات أخرى.
وكان بوروشينكو قد قال يوم الخميس إنه سيدعو نظيره الروسي فلاديمير بوتين عندما يلتقي به الأسبوع المقبل إلى كبح جماح الإنفصاليين الموالين لروسيا. وأضاف أن بوتين لديه “دولة قوية وجيش قوي”.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن كبيري موظفي الرئاسة في أوكرانيا وروسيا تحدثا هاتفيا يوم الجمعة واتفقا على الحاجة للانتهاء سريعا من عملية توصيل المساعدات. ولم يتضح إن كانت المحادثات قد تمت قبل عبور الشاحنات للحدود.
ومن المقرر أن تزور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كييف يوم السبت لدعم بوروشينكو لكن دبلوماسيين يقولون إنها تحمل رسالة بأنه ينبغي عليه بحث الدعوة لوقف إطلاق النار حتى لا يثير رد فعل من بوتين.
وفي دونيتسك وزع انفصالي يدعى دينيس بوشيلين السكر والشاي واللحوم المعلبة والأرز والمال على ثلاث عائلات في مبنى حكومي بوسط المدينة. وكان بوشيلين محاطا برجال قالوا إنهم من الشيشان.
وقال بوشيلين إن المساعدات التي جمعها روس في داخل روسيا لا علاقة لها بالمساعدات التي عبرت الحدود يوم الجمعة.
وأضاف “سنتمكن قريبا من بدء تسليم المساعدات للمئات إن لم يكن الآلاف من العائلات الأخرى المحتاجة.”
ونقل المتمردون ناقلتي جند أوكرانيتين محطمتين إلى ميدان لينين في وسط دونيتسك لعرضهما يوم الأحد في إطار استعراض لأسرى الحرب في شوارع المدينة ردا على احتفالات مقررة في كييف بمناسبة عيد استقلال أوكرانيا.
وبعد أربعة أشهر من قتال في شرق أوكرانيا تواجه المنطقة أزمة إنسانية في ظل نقص إمدادات الغذاء والأدوية والمياه النظيفة.