أوكرانيا: جنود روسيون يدعمون المتمردين
قال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو يوم الخميس إن القوات الروسية دخلت بلاده دعما لمتمردين مؤيدين لروسيا اجتاحوا بلدة رئيسية ساحلية مما أدى إلى تفاقم الحرب الانفصالية المستمرة منذ خمسة أشهر.
وقال الرئيس الأوكراني لاجتماع لقادة أمنيين إن الموقف “صعب على نحو غير طبيعي ولكن يمكن السيطرة عليه” بعد أن سيطر المتمردون المدعومون من روسيا على بلدة نوفوازوفسك في جنوب شرق الجمهورية السوفيتية السابقة.
وقال في وقت سابق إنه ألغى زيارة الى تركيا “بسبب الموقف الآخذ في التدهور بسرعة” في شرق إقليم دونيتسك “لأن القوات الروسية دخلت أوكرانيا في واقع الأمر.”
ونفت وزارة الدفاع الروسية من جديد وجود قوات لها في أوكرانيا مستخدمة لغة تفوح منها رائحة الحرب الباردة حتى بعد إعلان اثنين من مستشاري الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون حقوق الإنسان أن أكثر من مئة جندي روسي قتلوا في هجوم واحد وقع في 13 أغسطس آب.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع “لاحظنا شن هذه الهجمة المعلوماتية وينبغي علينا أن نحبط القائمين عليها في الخارج وبعض من يلتمسون الأعذار في روسيا.”
وأضاف الميجر جنرال إيجور كوناشينكوف لوكالة إنترفاكس للأنباء “المعلومات الواردة في هذا الشأن لا علاقة لها بالواقع.”
ولكن يبدو أن صبر الحكومات الغربية بدأ ينفد من النفي المتكرر من جانب روسيا.
وفي إشارة إلى المحادثات التي عقدها بوتين مع بوروشينكو قبل يومين قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “لا يكفي ببساطة الخوض في محادثات في مينسك بينما تواصل الدبابات الروسية الزحف متجاوزة الحدود إلى أوكرانيا. مثل هذا النشاط لا بد أن يتوقف فورا.”
وقال وزير الخارجية البولندي إن “العدوان” الروسي قد خلق أخطر أزمة أمنية لأوروبا منذ عقود. وقال ضابط رفيع في حلف شمال الأطلسي إن روسيا صعدت بشدة “تدخلها العسكري” في أوكرانيا خلال الأسبوعين الماضيين.
وقال البريجادير جنرال نيكو تاك من هولندا وهو قائد مركز إدارة الأزمات التابع لحلف شمال الأطلسي “تشير تقديراتنا الى وجود أكثر كثيرا من ألف من أفراد القوات الروسية يعملون الآن داخل أوكرانيا… انهم يساندون الانفصاليين ويقاتلون الى جانبهم.”
وتراجعت الأسواق العالمية بعد ورود أنباء عن الأزمة المتفاقمة. وهي أزمة دفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على موسكو وقادت روسيا وحلف شمال الأطلسي لتكثيف تدريباتهما العسكرية.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن قمة الاتحاد الأوروبي المزمع عقدها يوم الأحد ستبحث احتمال فرض مزيد من العقوبات.
وأدى تقدم الانفصاليين هذا الاسبوع الى فتح جبهة جديدة في الصراع فيما بدا في الوقت نفسه ان للجيش الأوكراني اليد العليا مع محاصرة الانفصاليين في معاقلهم الرئيسية في دونيتسك ولوجانسك.
وقال مجلس الدفاع والأمن الأوكراني إن نوفوازوفسك وأجزاء أخرى من جنوب شرق أوكرانيا سقطت بيد القوات الروسية وإن الهجوم الذي تشنه القوات الروسية والوحدات الانفصالية مستمر.
وأضاف المجلس أن جنود القوات الحكومية الأوكرانية انسحبوا من نوفوازوفسك “للنجاة بأرواحهم” وهم الآن يعززون دفاعاتهم في ميناء ماريوبول الواقع إلى الغرب من تلك المنطقة. وقال أحد زعماء المتمردين إن ذلك الميناء هو الهدف القادم.
وأضاف “اليوم وصلنا بحر آزوف.. الشاطئ وعملية تحرير أرضنا التي تحتلها السلطات الأوكرانية مؤقتا ستستمر بالتعمق أكثر فأكثر.”
وقال الكسندر زخارتشينكو رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية التي أعلن الانفصاليون قيامها خلال مقابلة إن هناك نحو 3000 متطوع روسي يحاربون في صفوف الانفصاليين.
ووجه رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك مناشدة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع “كي تجمد أصول وأموال روسيا حتى تسحب روسيا قواتها المسلحة ومعداتها وعملاءها.”
وقال أنتون جيراشينكو مستشار وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف على فيسبوك “صار غزو جيش بوتين النظامي الروسي لأوكرانيا حقيقة مؤكدة.”
وبرغم النفي الروسي إلا ان إيلا بولياكوفا العضو في مجلس استشاري للرئيس الروسي فلاديمير بوتين معني بحقوق الانسان قالت إنها تعتقد أن روسيا تغزو أوكرانيا.
وقالت بولياكوفا لرويترز “عندما يوجد حشد من الناس -بأوامر من قادة- يركبون دبابات ومدرعات ويستخدمون أسلحة ثقيلة في أراضي دولة أخرى… فانني اعتبر ذلك غزوا.”
ونقلت بولياكوفا وسيرجي كريفنكو وهو عضو آخر في المجلس- الذي لا يتمتع بأي صلاحيات قانونية وعلاقته بالكرملين غير طيبة- عن روايات شهود عيان وأقارب قتلى أن أكثر من 100 جندي روسي قتلوا في شرق أوكرانيا في معركة اندلعت هذا الشهر خلال دعمهم لانفصاليين مؤيدين لموسكو في محاربة القوات الأوكرانية.
وأضافا أن الرجال كانوا في طابور من الشاحنات المليئة بالذخيرة وتعرض لزخات متتالية من صواريخ جراد.
وقال كريفنكو خلال محادثة هاتفية مع رويترز “تعرض طابور من الجنود الروس لهجوم بصواريخ جراد وقتل أكثر من 100 شخص. وقع كل ذلك في مدينة سنيجني باقليم دونيتسك.”
وشاهد مراسل لرويترز في جنوب روسيا رتلا من المركبات المدرعة والجنود -أحدهم مصاب في الوجه- يتحرك في منطقة سهول روسية عبر الحدود من منطقة في أوكرانيا تقول كييف إن قوات روسية تحتلها.
وكان الرتل يتجه شرقا بعيدا عن الحدود الأوكرانية وعبر مناطق ريفية قرب قرية كراسنوداروفكا بمنطقة روستوف الروسية.
ولا يحمل الرجال أو العربات أي علامات تعريف عسكرية لكن المراسل شاهد طائرة هليكوبتر من طراز مي-8 عليها شارة النجمة الحمراء التي تتسق مع الشارات العسكرية الروسية وهي تهبط قرب خيمة عسكرية للاسعافات الأولية.
وسئل رجل يرتدي الملابس العسكرية دون أي مؤشر على هويته كان موجودا في منطقة الخيمة عما إذا كان ينتمي للجيش الروسي فرد قائلا “نحن وطنيون.”
وفي واشنطن اتهمت الولايات المتحدة روسيا بالاشتراك في القتال لدعم الانفصاليين وقالت انها تبحث عددا من الردود الممكنة بما فيها زيادة العقوبات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية جين ساكي في مؤتمر صحفي “من الواضح ان روسيا لم تصعد فحسب وجودها في شرق أوكرانيا وانما تدخلت بشكل مباشر بقوات مقاتلة وعربات مدرعة ومدفعية ونظم دفاع أرض جو وتشارك بنشاط في القتال ضد القوات الاوكرانية وتقوم بدور داعم بشكل مباشر للانفصاليين والمرتزقة.”
ومن جانبه قال جيفري بيات السفير الأمريكي لدى كييف في تعليق قصير على تويتر إن “الدبابات التي ترسلها روسيا والمركبات المدرعة والمدفعية ومنصات إطلاق الصواريخ المتعددة الفوهات غير كافية لإلحاق الهزيمة بالقوات المسلحة الأوكرانية. لذا فان عددا متزايدا من القوات الروسية يدخل الآن بصورة مباشرة في القتال على أراضي أوكرانيا.”
وأضاف “ارسلت روسيا ايضا أحدث انظمتها للدفاع الجوي ومنها نظام اس ايه-22 الى شرق اوكرانيا وهي تشارك الآن مباشرة في القتال.”
واندلع القتال في شرق اوكرانيا في ابريل نيسان الماضي بعد شهر من اقدام روسيا على ضم شبه جزيرة القرم الاوكرانية اليها ردا على الاطاحة برئيس اوكراني موال لموسكو.
وقال تقرير للامم المتحدة هذا الاسبوع إن أكثر من 2200 شخص راحوا ضحية هذه الأزمة ولا يتضمن ذلك 298 شخصا قتلوا اثر اسقاط طائرة ركاب تابعة لشركة الخطوط الجوية الماليزية على منطقة تابعة للانفصاليين في يوليو تموز الماضي.