أوروبا٬ تزايد النزعات القومية الشوفينية
لم يخف المسؤولون في الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ارتياحهم لنتيجة تصويت اسكتلندا برفض الاستقلال عن بريطانيا لكن القلق انتاب بعضهم خوفا من أن يكون جني النزعات الانفصالية قد انطلق من قمقمه.
وقد لزم الشركاء في الاتحاد الاوروبي الهدوء إلى حد كبير قبل الاستفتاء الذي أجري يوم الخميس خشية أن يعتبر أحد مخاوفهم من انتشار عدوى الانفصال في بقية أنحاء أوروبا نوعا من التدخل في شؤون بريطانيا.
غير أنه ما أن تأكد أن نتيجة الاستفتاء هي رفض الانفصال حتى أبدى هؤلاء الشركاء رضاهم عن النتيجة واستخلصوا ما يخص بلادهم من نتائجه على الاتحاد الاوروبي الذي يضم 28 دولة في عضويته وعلى الحلف الغربي.
وهنأ أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقال إنه يثق أن بريطانيا ستستمر في أداء دور رائد في الاحتفاظ بقوة التحالف الدفاعي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ورحب الحزبان الرئيسيان في أسبانيا بنتيجة الاستفتاء باعتبارها تظهر أن من الأفضل لاقليم قطالونيا الشمالي الغربي البقاء ضمن حدود أسبانيا. ومن المتوقع أن تعلن أطراف في الإقليم خططا متعارضة بشدة بشأن إجراء استفتاء على الاستقلال.
وفي بروكسل قالت المفوضية الأوروبية إن الاستفتاء الاسكتلندي جيد من أجل “أوروبا موحدة ومنفتحة وأقوى” وهي رسالة غير مباشرة تفيد أن مسؤولي الاتحاد الاوروبي يأملون أن تعزز النتيجة فرص تصويت بريطانيا على البقاء في الاتحاد في استفتاء موعود عام 2017.
وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية إن “المفوضية الاوروبية ترحب بإعادة الحكومة الاسكتلندية والشعب الاسكتلندي التأكيد مرارا خلال النقاش على مر السنين السابقة على التزامهما الاوروبي.”
وقال كاريل دو جوشت مفوض التجارة الاوروبي البلجيكي الجنسية الذي يشهد اقليم الفلاندرز مسقط رأسه حركة قومية متنامية إن انفصال اسكتلندا كان سيصبج أشبه بكارثة على أوروبا له تداعيات على مختلف أنحاء القارة.
وقال دو جوشت الليبرالي الذي لا يؤيد مطالب بعض مواطنيه بالاستقلال “لو كان ذلك قد حدث في اسكتلندا أعتقد أنه كان سيصبح انهيارا سياسيا على غرار تفكك الاتحاد السوفيتي.”
وقال “لا يمكن حكم أوروبا… إذا كان ما يحركها تقرير الشعوب لمصائرها بنفسها لانك ستجد عشرات الكيانات” وأضاف أن أجزاء من دول سابقة” قد تتصرف من منطلقات قومية ضيقة.
وحتى قبل انتهاء التصويت في اسكتلندا أبدى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند خوفه من إمكانية “تفتيت” أوروبا بعد زيادة مستوى التكامل بين بلدانها على مدى عشرات السنين.
وفرنسا من أكثر الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي مركزية ولا تبدي أي تعاطف يذكر مع حركات الاستقلال في أقاليم كورسيكا وبريتاني والباسك. لكن دولا أخرى أعضاء في الاتحاد مثل أسبانيا وايطاليا وبلجيكا تواجه ضغوطا أكبر من أجل التخلص من المركزية.
وقال مارتن شولز رئيس البرلمان الاوروبي الذي ينتمي للحزب الاجتماعي الديمقراطي الألماني لراديو دويتشلاندفونك إنه رغم امتناعه عن التعقيب على مسألة داخلية في بريطانيا قبل التصويت فإنه يشعر بارتياح للنتيجة.
وسئل شولز عن قدرة الاتحاد الاوروبي على الاستجابة لمحاولات الاستقلال في بعض الأقاليم مثل قطالونيا والفلاندرز فقال “الاتحاد الاوروبي لديه مشكلة انه لابد من الاحتفاظ بالدول الثماني والعشرين المستقلة معا. لا أعتقد أن من الممكن توقع أن تحل مؤسسات الاتحاد الاوروبي من بروكسل مشاكل محلية مثل السياسة الاقليمية ومطالب الحكم الذاتي والخلافات العرقية.”
لكنه أضاف أن على بروكسل أن تراجع نصوص المعاهدة بالنسبة للدول التي حصلت على استقلالها حديثا وتريد الانضمام للاتحاد لانه “إذا أعلنت اسكتلندا استقلالها اليوم لصوتت الدول الأعضاء الثماني والعشرين حاليا بما فيها انجلترا…بالاعتراض على انضمامها.”
وقال شولز إن الحركات الانفصالية في أوروبا كثيرا ما تكون مدفوعة بعدم مساواة اجتماعية وفجوة في الثروات حيث تقول الاقاليم الأغنى انها لا تحتاج لدفع ثمن دعم أقاليم أخرى بالاضافة إلى البطالة والدخل والفقر في الريف.
وقال رئيس وزراء جمهورية التشيك بوهوسلاف سوبوتكا إن نتيجة استفتاء اسكتلندا أسعدته “لأنني آخذها كدليل آخر أن العالم لم يصب بالجنون بالكامل.”
وقال إنه لو تفككت بريطانيا لأدى ذلك لموجة من القومية كانت ستخلق عدم استقرار بعدة دول أوروبية أخرى.
وقال عدد من المسؤولين في أوروبا مشترطين عدم ذكر اسمائهم إن اسكتلندا أرست سابقة للاقاليم تتيح لها الحق في التصويت على الاستقلال وهو أمر قد يتسبب في مشاكل في أسبانيا وغيرها.
وفي حين أن استفتاء اسكتلندا قد يحسم مسألة الاستقلال عن بريطانيا لأجيال قادمة كما قال كاميرون فإنه سيتسبب في اضطرابات دستورية لها وربما يفتح شهية أقاليم أخرى في أوروبا.
وقال هانز ديتريش جنشر وزير الخارجية الالماني السابق الذي ساهم في التفاوض على إعادة توحيد الالمانيتين عام 1990 إن التصويت يبين أن الحكومات القائمة على المركزية لم تعد تحظى بشعبية في أوروبا.
وأضاف أن “نموذج النظام الاتحادي في ألمانيا بوجود حكومة مركزية واستقلال الولايات والبلديات هو النظام الأكثر ملاءمة للعصر