- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

البرابرة والعولمة

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

لم تعد العولمة بمعناها الشمولي مسألة طوباوية. فقد توغلت في كافة مرافق الحياة اليومية لشعوب «العالم-القرية»: في الاقتصاد (بالطبع) وفي معدات التواصل الحديثة الرقمية وفي انتشار المنظمات الإنسانية وكذلك في الأمراض في الأوبئة وفي تجارة الممنوعات وفي شراكات المافيات وفي الأساليب السياسية: إنها العولمة في نظم مختلفة وشمولية التعامل بتلك النظم السلبية والإيجابية.

ولكن، طالت العولمة أيضاً عواطف الانسان. وبات سكان ما يسمى «العالم-القرية» يكنون عواطف لبعضهم البعض متجاوزين الحدود والأنظمة والنظم المختلفة التي يبدو أنها وضعت لتكون حواجز بين البشر. رغم هذه الحواجز بات كل انسان على علاقة ببقية البشر بشكل غير محسوس، وغير قابل للتفسير. إن دموع الأمهات متشاركة عبر القارات والبلدان تتجاوز الحدود. كافة الحدود المادية والثقافية والاجتماعية وحتى الحدود القومية.

لا بد أن داعش والنصرة وما شابهها من تنظيمات إرهابية تراهن على العولمة في مسألة التواصل والإعلام لبث الخوف في النفوس. ولكن ما لا تراه هذه التنظيمات الإرهابية هو عولمة العواطف بين مواطنين «العالم-القرية». إن كل  عمل إرهابي تقوم به داعش أو النصرة أو أي «ذئب منفرد إرهابي»  يزيد من لحمة العواطف في البشرية ويزيد من «فرز» الإرهابيين خارج إطار الإنسانية.

العمليات الإرهابية التي تقوم بها داعش والنصرة ليست بأي شكل من الأشكال أعمالاً بطولية، وهي بعيدة جداً عن كل تعاليم الإسلام، لا بل هي تضر بالإسلام والمسلمين. وهذه الأعمال لا تنفع في تغيير مسار الحروب والمعارك بأي شكل من الأشكال، لا بل هي تزيد من تصميم الدول على محاربة هذه التنظيمات كما بدا في الأيام القليلة الماضية.

على داعش والنصرة والكتائب الإرهابية أن «تفهم» أن قتل انسان برئ  وقطع رأسه لا يغير قيد أنملة سياسة الدولة التي ينتمي إليها الرهينة. ولكنها بالمقابل تزيد من زخم التأييد  الذي يرافق حرب هذه الدول على الإرهاب.

هؤلاء الرهائن في سوريا والعراق ومالي والجزائر ولبنان لا حول لهم ولا قوة في ما تقرره حكوماتهم وزعماءهم، إن قتلهم وقطع رؤوسهم لا يبرهن إلا على أن هذه اتنظيمات لا تسعى لأي هدف سياسي وأنها تنظيمات «عدمية» وبربرية سوف تزول مثلما يزول أي كابوس وحلم مزعج.. فقط ستبقى آثار أعمالهم الشائنة على صفحة تاريخ الإسلام.