قصف للحلفاء شمالاً وقصف للنظام جنوباً
شدد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية حصارهم لمدينة كوباني الاستراتيجية السورية على الحدود مع تركيا يوم الجمعة رغم الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تهدف إلى دحر المتشددين في سوريا والعراق.
وانضمت بريطانيا أوثق حلفاء واشنطن في الحروب على مدى العشر سنوات الماضية إلى التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية يوم الجمعة بعد دراسة خياراتها على مدى أسابيع.
ووافق البرلمان البريطاني الجمعة بأغلبية 524 نائبا مقابل 43 على قرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بالانضمام لحملة الضربات الجوية على العراق.
ووافق البرلمان البلجيكي أيضا بأغلبية 114 صوتا مقابل صوتين على المشاركة وقالت الدنمرك إنها سترسل طائرات. وأقلعت ست طائرات بلجيكية من طراز إف-16 إلى موقع انطلاق في اليونان حتى قبل التصويت.
وقال كاميرون للمشرعين “ما يحدث ليس تهديدا في منطقة نائية من العالم. إذا بقي الوضع على ما هو عليه سنجد انفسنا بمواجهة خلافة ارهابية على شواطئ البحر المتوسط وعلى الحدود مع دولة عضو في حلف شمال الأطلسي.. خلافة لديها نية معلنة ومثبتة للهجوم على بلادنا وشعبنا.”
وحتى مطلع الأسبوع الماضي كانت فرنسا هي البلد الغربي الوحيد الذي استجاب لدعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للانضمام إلى التحالف الذي تقوده واشنطن. وأبدت ألمانيا يوم الجمعة دعمها للمهمة على الرغم من إعلانها عدم إرسال طائرات من جانبها.
وسعى أوباما لحشد تأييد دولي لتحالف عسكري ضد تنظيم الدولة الإسلامية وهو قوة ذات بأس في سوريا واجتاح شمال العراق في يونيو حزيران وذبح سجناء وخير غير المسلمين بين اعتناق الإسلام أو الموت.
وأعادت الحملة واشنطن مرة أخرى إلى ساحة القتال في العراق التي رحلت عنها في 2011 وأدخلتها سوريا للمرة الأولى بعد أن تفادت التورط في الحرب الأهلية التي بدأت في العام ذاته.
ويضم الائتلاف عددا من الدول العربية يحكمها جميعا زعماء سنة يخشون من صعود الدولة الإسلامية.
وبرز التنظيم كأقوى جماعة سنية متشددة تحارب الحكومتين المدعومتين من القوى الشيعية في العراق وسوريا. كما يحارب مقاتلوها جماعات سنية منافسة في سوريا والمقاتلين الأكراد في سوريا والعراق.
وتزايد تأييد الرأي العام الفرنسي للحملة الأسبوع الماضي بعد أن ذبحت جماعة جزائرية إسلامية متشددة سائحا فرنسيا وقالت إن ذلك ردا على مشاركة فرنسا في الضربات بالعراق.
وقالت باريس إنها أيضا قد تنضم للضربات الأمريكية في سوريا رغم أنها ليست لديها خطة لذلك في الوقت الراهن. وحتى الآن لم توافق الدول الأوروبية إلا على تنفيذ ضربات ضد أهداف في العراق حيث طلبت الحكومة المساعدة. ولم تساهم في الضربات في سوريا لان الرئيس بشار الأسد لم يأذن بذلك رغم أنه أيضا لم يعارض.
وشككت روسيا في شرعية الضربات الجوية الأمريكية والعربية في سوريا لأنها نفذت دون موافقة دمشق حليفة موسكو.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ”من المهم جدا إقامة مثل هذا التعاون مع السلطات السورية حتى الآن هذه حقيقة لم تنجز.”
وبعد مضي أكثر من شهر على بدء ضرب أهداف للدولة الإسلامية في العراق وأربعة أيام منذ مد الحملة إلى سوريا هناك مؤشرات على أن المقاتلين يحاولون الاختفاء عن الأنظار في المناطق التي يسيطرون عليها ليصبح استهدافهم أكثر صعوبة.
لكن الحملة الجوية لم توقف بعد تقدمهم في سوريا حيث يحاصرون بلدة كوباني الكردية على الحدود التركية الأمر الذي أدى الى فرار 140 ألف لاجيء عبر الحدود منذ الأسبوع الماضي في أسرع عملية هروب في الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف.
وقال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة إن الضربات الجوية التي جرت في سوريا الأسبوع الماضي عطلت قدرات القيادة والتحكم والامداد والتموين لتنظيم الدولة الإسلامية.
ولكن ديمبسي قال إن هناك حاجة إلى ما بين 12 و15 ألف مقاتل من قوات المعارضة لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية في شرق سوريا.
ووصلت فرق تقييم أمريكية إلى السعودية لرسم برنامج من المتوقع أن يدرب أكثر من خمسة آلاف من مقاتلي المعارضة الذي يدعمهم الغرب في السنة الأولى.
وقال ديمبسي “علينا أن نفعل ذلك بشكل سليم وليس بسرعة.”
ولم توقف الحملة الجوية بعد تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا حيث حاصر المقاتلون بلدة كردية على الحدود التركية مما دفع 140 ألف لاجيء عبر الحدود منذ الأسبوع الماضي في أسرع نزوح خلال الحرب الأهلية الدائرة منذ ثلاث سنوات ونصف.
ويمكن متابعة المعركة الرئيسية في شمال سوريا بوضوح عبر حدود تركيا. وترددت أصوات قذائف المدفعية ونيران الاسلحة الالية عبر الحدود وسقطت قذيفتان على الاقل في أحد البساتين في الجانب التركي وان كانت لم ترد تقارير عن وقوع اصابات داخل تركيا.
وقال حسين تركمان – 60 عاما – صاحب البستان بينما دوت أصوات طلقات الاسلحة الصغيرة في التلال السورية التي تقع الى الجنوب مباشرة “نحن خائفون. سنغادر بالسيارة اليوم.”
وسيطر مقاتلو الدولة الاسلامية فيما يبدو على تل يبعد عشرة كيلومترات الى الغرب من كوباني حيث كان مقاتلو وحدات حماية الشعب يشنون منها هجمات على مقاتلي التنظيم خلال الايام القليلة الماضية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان -الذي مقره بريطانيا- إن مقاتلي الدولة الإسلامية سيطروا على قرية تبعد نحو سبعة كيلومترات إلى الشرق من كوباني.
وقالت القوات الكردية يوم الخميس إنها صدت تقدم مقاتلي الدولة الإسلامية صوب كوباني لكنهم طلبوا مساعدة الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لضرب دبابات المقاتلين وأسلحتهم الثقيلة.
وقال نائب المسؤول عن الشؤون الخارجية في منطقة كوباني إدريس ناسان في اتصال هاتفي من قلب المدينة إن الاشتباكات تدور على ثلاث جبهات في شرق وغرب وجنوب كوباني.
وأضاف أن مقاتلي الدولة الإسلامية يحاولون جاهدين الوصول إلى كوباني وهناك مقاومة من وحدات حماية الشعب ومن كوباني ومن متطوعين من الاكراد الاتراك في شمال كردستان.
وغابت تركيا عضو حلف شمال الاطلسي عن التحالف ضد الدولة الاسلامية وهو ما أغضب سكانها الاكراد.
وقال الجيش الامريكي ان طائراته دمرت أربع دبابات في شرق سوريا وأصابت عددا من الاهداف في العراق.
وقال المرصد السوري إن إحدى الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة في شرق سوريا قتلت شخصية”مهمة” من تنظيم الدولة الإسلامية كان يركب دراجة نارية. ولم يحدد هوية القتيل.
ولم تعترض حكومة بشار الاسد على الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد بعض من أقوى أعدائه.
وتقول واشنطن انها تريد هزيمة الدولة الاسلامية دون مساعدة الاسد على البقاء في السلطة وتأمل في ان تتمكن الجماعات المناهضة للاسد من سد الفراغ.
لكن بينما كانت الطائرات الامريكية تضرب الدولة الاسلامية في شرق سوريا كانت القوات الجوية للاسد تقصف جماعات معارضة أخرى في غرب البلاد وكانت قواته والميليشيا الشيعية الحليفة له تتقدم.
وقال المرصد السوري ان الطائرات الحربية السورية أسقطت براميل متفجرة في محافظات حماة وادلب وحمص وحلب والمناطق المحيطة بدمشق.
وأضاف المرصد ان خمسة أشخاص قتلوا عندما سقطت قنابل على مدينة الرستن في محافظة حمص وقتل تسعة في هجوم ببرميل متفجر شرقي مدينة حلب.
وفي العراق حيث تتواصل الضربات الجوية الامريكية غير مقاتلو الدولة الاسلامية اساليبهم وتوقفوا عن استخدام قوافل العربات ولجأوا بدلا من ذلك الى استخدام الدراجات النارية ونصبوا راياتهم السوداء على منازل المدنيين لارباك عملية رصد الاهداف.
وتحدثت المصادر عن تقليل نقاط التفتيش التي يحرسها متشددو التنظيم مع الحد من استخدام الهواتف المحمولة منذ تكثيف الضربات الجوية.
وقال شيخ عشيرة من قرية جنوبي كركوك ان عناصر الدولة الاسلامية “تخلوا عن واحد من أكبر مقارهم في القرية” عندما سمعوا ان حملة الضربات الجوية ستستهدف منطقتهم.
وتابع شيخ العشيرة الذي طلب عدم نشر اسمه “أخذوا أمتعتهم ومركباتهم وأسلحتهم. ثم زرعوا قنابل على جوانب الطرق ودمروا المقر.”
وأضاف “هم لا يتحركون في قوافل عسكرية مثلما كان يحدث من قبل. بدلا من ذلك يستخدمون الدراجات النارية واذا لزم الامر يستخدمون المركبات المموهة.”
وقالت مصادر عشائر ومخابرات محلية ان ضربة جوية يوم الخميس بالقرب من بلدة بشير التي تبعد 20 كيلومترا الى الجنوب من كركوك قتلت اثنين من كبار القادة المحليين للدولة الاسلامية بينما كانا يستقبلان مجموعة من المتشددين من سوريا والموصل. واستمرار القتال يجعل من المستحيل التحقق من هذه التقارير.
وقال الشيخ أنور العاصي العبيدي وهو زعيم عشيرة في كركوك وفي أنحاء العراق لرويترز ان مقاتلي الدولة الاسلامية يعدمون الناس مثلما يشربون الماء .وقال إن الضربات الجوية فعالة جدا الآن وقلصت قدرة المقاتلين على الحركة.