موسم الحج : داعش على كل لسان (تحقيق)
آمنة بكر (رويتر)
قالها ضابط سابق في الجيش المصري يدعى سليمان عودة صريحة وهو يقف على صعيد جبل عرفات منددا بالمقاتلين الإسلاميين في سوريا والعراق واصفا إياهم بالإرهابيين لكن مهندسا سوريا يدعى أحمد عرابي يقف على مقربة منه كان له رأي مختلف.
وقال عودة لرويترز وسط الحجيج يوم الجمعة في عرفات “الإسلام دين السلام والإحسان وليس القتل والعنف ولا اعتبر هؤلاء المقاتلين في العراق وسوريا مسلمين.. إنهم يجلبون العار لكلمة إسلام.”
وقضى عرابي -وهو في الأربعينات من العمر- فترات عقوبة في سجون سورية لانتقاده حكومة الرئيس السوري بشار الأسد قبل أن يفر إلى تركيا. ولا يزال أحد أبنائه في السجن.
وقال بصوت خافت “إذا استطاعت الدولة الاسلامية أو النصرة أو أي جماعة أخرى قتال الحكومة فأنا أؤيدها تماما.”
وأضاف “بشار هو الإرهابي وإيران هي العدو. ومع أنه لا يمكنني رفع صوتي وقول هذا اليوم فإنني أتضرع إلى الله بقلبي حتى ينصر هؤلاء المقاتلين الإسلاميين الشجعان.”
ويصطبغ موسم الحج هذا العام بالمخاوف بشأن خطر الإسلاميين المقاتلين الذين يهددون باستهداف حلفاء للولايات المتحدة منهم السعودية.
وخلال السنوات المنصرمة كان الحجاج الشيعة الذين يعبرون عن آرائهم السياسية هم الخطر الرئيسي أمام قوات الأمن الحريصة على إبعاد السياسة عن الحج لكن صعود الإسلام السياسي في أعقاب احتجاجات الربيع العربي عام 2011 لفت الانتباه إلى جماعات إسلامية سنية بصفتها مصدرا محتملا جديدا للخلاف والتشاحن.
واجراء استطلاع منظم لآراء الحجاج أثناء موسم الحج مستحيل لكن عينة عشوائية تشير إلى تباين المشاعر فيما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية الذي يتصدر نشرات الأخبار منذ أن سيطر على مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في يوليو تموز. وقال عبد الرحمن القحطاني وهو سعودي يعمل في مجال تنظيم الحج إن المقاتلين جلبوا وصمة للإسلام.
وقال القحطاني الذي يعمل في توزيع الغذاء والماء لرويترز “قال لنا شيوخنا إن الدولة الاسلامية ارهابيون ونعتقد أنهم كذلك. من يقتلون بدم بارد ويهددون بقتل الأبرياء ليسوا مسلمين مثلنا.”
وقال حجاج استمعوا إلى الخطبة في مسجد نمرة يوم الجمعة إنها أشارت إلى الدولة الاسلامية وأكدت على أن “الاسلام بريء من أفعالها”.
لكن محمد عسكر -وهو مدرس سوري- قال إن المقاتلين الذين يتصرفون بدافع ديني قد يكونون السبيل الوحيد للإطاحة بالأسد. وأضاف “أعلم أن أمريكا ودول الخليج يرون أن الدولة الإسلامية ارهابيون لكنهم يجب ألا يفكروا بهذه الطريقة.
“هؤلاء هم الذين يمكنهم القتال للتخلص من بشار وأقسم لكم أنه بعد رحيل بشار لن يرغب أحد في الدولة الاسلامية. اننا نستخدمهم فحسب.”
وقدمت السعودية المال والسلاح لمقاتلي المعارضة السورية لمساعدتهم في قتال الأسد وخوض صراع مستمر منذ ثلاث سنوات وأسفر عن مقتل قرابة 200 ألف شخص. لكن الرياض تعرب عن رفضها الشديد للمقاتلين الإسلاميين في داخل صفوف المعارضة. وقصفت طائرات للقوات الجوية السعودية أهدافا في سوريا الأسبوع الماضي في إطار غارات جوية تقودها الولايات المتحدة.
وفرضت اجراءات أمن أشد من المعتاد خلال موسم الحج هذا العام فيما يبدو حيث انتشر المزيد من رجال الأمن في الأماكن المقدسة ووضعت نقاط تفتيش كثيرة للسيارات.
وقال عمر عبد الله -وهو حاج مصري يعمل مهندسا- وهو في طريقه إلى قمة جبل عرفات “جئت لأداء الحج قبل عامين ولا أتذكر رؤية كل هذه القوات الخاصة مثلما هو الحال اليوم.. لا بد أنهم قلقون بسبب خطر الدولة الإسلامية.”
وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية إن المملكة نشرت المزيد من أفراد الأمن والحرس الوطني على طول حدودها مع العراق.
وأضاف قوله لرويترز على هامش مؤتمر صحفي أن السعودية عززت استعداداتها الأمنية على حدودها الشمالية والجنوبية.
وما زالت السلطات السعودية تحذر الحجاج من أي احتجاجات سياسية. وقال وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف الأسبوع الماضي لوكالة الأنباء السعودية إن المملكة لن تتهاون في ذلك على الإطلاق.
وقال الأمير نايف في بيان إن السلطات ستتصدى لكل الشعارات الدعائية والفكرية والسياسية لأن الهدف من الحج هو العبادة وحسب.
ويؤدي نحو ثلاثة ملايين مسلم فريضة الحج هذا العام بينهم 1.4 مليون من خارج المملكة. ويلاحظ المراقب العادي تراجع اعداد الحجاج من سوريا والعراق عن العام الماضي وزيادة عدد الحجيج من آسيا.
لكن السلطات السعودية أوضحت أنها لم تفرض قيودا على تأشيرات سفر السوريين أو العراقيين لأسباب سياسية.
وقال التركي إن هناك أكثر من عشرة آلاف حاج من سوريا هذا العام وإنه لا يعلم بأي قيود على العراقيين أو السوريين فكل دولة لها حصة من الحجيج وتطبق السعودية هذا النظام.